وزارة التجارة :خطة رقابية لضبط عروض «رمضان». ولاصحة لارتفاع الاسعار
تم النشر في السبت 2015-06-13
تشهد مراكز التجزئة في السعودية ثورة حالية تحت شعار «عروض رمضان»، تستهدف تقديم إغراءات تسويقية للمستهلكين على السلع الأغذية الأكثر رواجا خلال الشهر الكريم، الأمر الذي يخيف الاختصاصيين من أن يقع المستهلك في مصيدة هذه العروض الترويجية، في حين كشفت وزارة التجارة والصناعية أن لديها خطة رقابية لضبط هذه العروض التي تشتد حاليا، قبيل أيام قليلة من دخول شهر رمضان المبارك.
إذ أفصحت الوزارة عن تحركها الجاد نحو مراقبة عروض التخفيضات التي تقوم الأسواق والمحال التجارية بالإعلان عنها حاليا من خلال إجراء جولات تفتيشية مكثفة، وذلك في بيان أصدرته الوزارة أمس، يأتي بعد الجدل الكبير الذي شهدته السعودية هذه الأيام عن دور الوزارة في ضبط أسعار السلع الغذائية قبيل شهر رمضان، وأرجعت الوزارة تحركها هذا للرغبة بـ«ضمان عدم وجود أي غش أو خداع للمستهلكين، واتخاذ كافة الإجراءات النظامية تجاه أي مخالفة يتم ضبطها وتطبيق العقوبات على المخالفين».
ويبدو أن الوزارة قد حسمت جدل المستهلكين حول زيادة أسعار السلع الغذائية، الذي امتد إلى وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، لتؤكد على استقرار أسعار السلع الأساسية التموينية في السوق المحلية، مرجعة ذلك «لزيادة المعروض»، وأكدت الوزارة على انخفاض أسعار بعض أصناف المواد الغذائية الأساسية كالأرز والحليب والسكر والبيض والخضراوات واستقرار أغلب أسعار السلع التموينية الأخرى.
أمام ذلك، تواصلت «الشرق الأوسط» مع الدكتور عبيد العبدلي، المتحدث الرسمي باسم جمعية حماية المستهلك في السعودية، للسؤال عن دور الجمعية إزاء أسعار السلع الغذائية في البلاد، حيث أشار إلى حداثة تعيين المجلس التنفيذي للجمعية، بقوله «نحن بدأنا قبل نحو 3 أشهر، وما زال لدينا الكثير من الترتيبات في أوضاعنا الداخلية، ولكننا مهتمون كثيرا بتوعية المستهلك بهذا الجانب».
وبسؤاله عن عمليات الرصد الذي من المأمول أن تقوم به الجمعية، يقول: «قضية الرصد الميداني لم نفعلها حتى الآن، لكن نأمل أن يكون لنا دور واضح في مسألتي التوعية والرصد خلال الفترة القريبة المقبلة»، مشيرا إلى أن ذلك يشمل إيجاد فرق تقوم بمتابعة الأسعار قبيل شهر رمضان – مثلا – بنحو شهرين، لمعرفة إن كانت هناك ارتفاعات حقيقية في الأسعار أم لا.
وعن التنسيق بين وزارة التجارة والصناعية والجمعية، يقول العبدلي «الوزارة نشطة جدا في حماية المستهلك، ولديها حراك غير مسبوق بهذا الإطار، ونحن نأمل أن يكون دورنا مكملا للأجهزة الرقابية»، وحول موقف الجمعية الحالي تجاه أسعار السلع الغذائية، يقول: «هل الأسعار مبالغ بها فعلا أم لا؟، نحن نحتاج إلى آلية للرصد، وربط عملية الشراء بما هو حاصل في الأسواق العالمية، ومعرفة أسعار السلع في الأسواق المشابهة، فقضية الرصد ليست سهلة، خاصة أن هناك آلافا المراكز التجارية في السعودية، ونحن نأمل أن تكون الجمعية بالقوة التي تمكنها من الوجود في أماكن خدمة المستهلك».
وعودة لبيان وزارة التجارة والصناعية، فلقد عزت الوزارة استقرار أسعار السلع إثر الزيادة في حجم المعروض من تلك المواد في الأسواق المحلية، إضافة إلى عوامل أخرى تمثلت في الإجراءات التنظيمية في متابعة أسعار السلع التموينية الصادرة من مجلس الوزراء الموقر، إلى جانب التوسع في الطاقة الإنتاجية لعدد من المصانع والشركات، وتعدد الموردين، وهو ما من شأنه تعزيز التنافسية في السوق السعودية.
وبينت الوزارة أنها تقوم برصد أسعار المواد الغذائية والتموينية في كافة مناطق المملكة لمتابعة أي تطورات أو تغيرات تشهدها الأسواق تؤثر في حركة العرض والطلب، كما تعمل الوزارة على رصد أسعار السلع الأساسية في دول مجلس التعاون وبعض الدول المجاورة وتحليل هذه الأسعار ومراجعة المتغيرات لمعرفة أسباب الزيادة والنقصان في أسعارها إن وجدت.
وكانت «الشرق الأوسط» قد أشارت قبل نحو أسبوعين للارتفاعات التي سجلتها أسعار السلع الغذائية في السعودية خلال النصف الأول من العام الحالي مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، والذي قدره مختصون بنسبة تتراوح بين 10 و20 في المائة، بما يشمل السلع الأساسية مثل اللحوم والألبان والأرز والزيت، وهو ما يأتي معاكسا لاتجاه المؤشر الدولي لأسعار الغذاء (فاو) المستمر في مسار التراجع منذ عدة أشهر.
وعلق على ذلك فضل البوعينين، خبير اقتصادي، موضحا أنه من الغريب أن السوق السعودية لا علاقة لها بأسواق الإنتاج الرئيسية للمواد الغذائية، بشأن كون الأسعار في السوق المحلية تشهد ارتفاعا مطردا بينما تشهد أسعار الأغذية العالمية انخفاضا مستمرا، بحسب قوله، مضيفا: «لدينا كذلك انخفاض في تكلفة الإنتاج لأسباب مرتبطة بانخفاض أسعار النفط».
وتابع البوعينين حديثه، لـ«الشرق الأوسط»، قائلا: «كل هذه المعطيات لم تصب في مصلحة المستهلك السعودي، بل إنها أدت إلى رفع أسعار المواد الغذائية، وهذا أمر لا يمكن القبول به وفق المنظور الاقتصادي». وأرجع البوعينين ذلك لعدة أسباب، من بينها ضعف الرقابة من قبل وزارة التجارة، قائلا: «لو كانت هناك رقابة صارمة من وزارة التجارة لما استطاع التجار أن يتلاعبوا في أسعار السلع الغذائية الأساسية».
من جهة ثانية، دعت وزارة التجارة والصناعة عموم المستهلكين إلى الإبلاغ عن أي تجاوزات أو ملاحظات يتم اكتشافها أو أي شكاوى من خلال الاتصال على مركز البلاغات في الوزارة على الرقم 1900. أو عن طريق تطبيق «بلاغ تجاري» الذي يمكن تحميله عن طريق الهواتف الجوالة.
يأتي ذلك في حين تكشف منظمة الأغذية والزراعة (فاو) التابعة للأمم المتحدة أن أسعار الغذاء العالمية تراجعت في شهر أبريل (نيسان) الماضي إلى أدنى مستوياتها منذ يونيو (حزيران) 2010، مع انخفاض أسعار معظم السلع بقيادة الألبان. وسجل مؤشر المنظمة الذي يقيس التغيرات الشهرية لسلة من الحبوب والبذور الزيتية والألبان واللحوم والسكر 171 نقطة، بانخفاض 1.2 في المائة عن قراءة شهر مارس (آذار) الماضي.
وقلصت الفاو توقعاتها لإنتاج الحبوب العالمي في عامي 2015 و2016 إلى 2.509 مليار طن من 2.548 مليار طن في توقعاتها لشهر مارس الماضي، ومن المتوقع أن تبلغ مخزونات الحبوب 626.6 مليون طن في نهاية موسم عامي 2015 و2016 من قراءة سابقة 645.6 مليون طن. ويمثل مؤشر «فاو» لأسعار الغذاء دليلا يستند إلى حركة التعاملات التجارية، لقياس أسعار خمس سلع غذائية رئيسية في الأسواق الدولية، شاملا مؤشرات فرعية لأسعار الحبوب، واللحوم، والألبان، والزيوت النباتية، والسكر. في حين يُعزى الاتجاه الهبوطي في عام 2015 إلى كميات الصادرات الكبيرة والمخزونات المتزايدة، لا سيما من القمح والذرة.