هزيمة الفساد
تم النشر في السبت 2020-09-26
احمد الشهري
أظهر المواطنون في المملكة ثقة شديدة بالحكومة لمحاربة الفساد، ويمكن استخلاص تلك الثقة من خلال ردود الأفعال الشعبية الواسعة، التي ظهرت في وسائل التواصل الاجتماعي جليا عبر تغريدات شديدة التأييد عند القبض المتكرر على الفاسدين، ولا سيما على منصة التدوين القصيرة “توتير”، التي تعد المنصة الأولى على مستوى النقاشات والحوارات العامة والاجتماعية والسياسية والاقتصادية في المملكة.
الحكومات الفاسدة أو الضعيفة، تنطوي على حالة من الوهن والضعف، الذي ينكشف غالبا في الأزمات، لم نر ذلك الضعف في أزمة كورونا، رغم قوة الجائحة التي تعرض لها العالم، إلا أن الجهاز الصحي والأجهزة الأخرى في المملكة، تمكنت من إدارة أزمة كورونا بكل كفاءة، ويعزى الأمر إلى الإجراءات التي قام بها الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، في وقت سابق لإصلاح الهيكل الحكومي ومحاربة الفساد منذ عام 2016، ما جعله أكثر لياقة وقوة تنظيمية.
لم يكن ليتحقق ذلك دون عزم سياسي من الرجل الأول في الدولة للضرب بيد من حديد في محاربة الفساد وتطوير آليات كشفه وتعقبه وتخليص الاقتصاد من براثنه على جميع المستويات، بما في ذلك فساد الأعمال والأفراد العاملين في القطاعات الحكومية أو الخاصة، على حد سواء.
أما بالنسبة إلى الأسواق، لا شك أنها تتأثر بالفساد أو الممارسات الفاسدة، التي تؤدي إلى انتهاك التنظيمات والتشريعات بشكل خفي، فضلا عن حالات الفساد التراتبية أو المعقدة التي لا يمكن كشفها من خلال التفتيش بسهولة، وتتطلب استخدام التقنية أو التحقيقات الناتجة من الشك المهني، كتضخم الثروات أو نموها بشكل لا يعكس أي حالة تجارية أو علاقة قانونية سليمة.
المكاسب التي سيحققها الاقتصاد من هزيمة الفساد، أن الحكومات ستكون أكثر قدرة وكفاءة على الاستجابة لأي أزمة قد تنشأ دون سابق إنذار، ثم إن تجربة المملكة ستشجع عددا من دول المنطقة أو الناشئة في دول العالم على تبني نموذج السعودية في هزيمة الفساد كركن من أركان الإصلاح الاقتصادي العميق. وبطبيعة الحال، لا تقتصر المنافع من هزيمة الفساد على الجوانب الاجتماعية، بل إن الأمر يتخطى ذلك إلى معالجة اختلال أسعار الأصول المالية والعقارية الناتجة من توجيه تلك الأموال إلى الأسواق بهدف تطهيرها من الجريمة ودمجها في الجهاز المصرفي بطرق ملتوية وغير سوية اقتصاديا.
أخيرا: جهود هيئة الرقابة ومكافحة الفساد، الكبيرة والفاعلة، لا يمكن أن تعمل منعزلة عن محيط التشريعات والتنظيمات والسياسات التوجيهية للحد من الفساد. لذا، أرى وأقترح أهمية إطلاق مشروع قانون مختص بالجرائم الاقتصادية والفساد، يجمع التنظيمات والتشريعات والسياسات التوجيهية كلها تحت قانون واحد من أجل هزيمة الفساد والجرائم الاقتصادية، وإلى جانب ارتفاع تكلفة الفساد الاقتصادية سنقضي على بيئات وحاضنات الفساد للأبد بهذا القانون الشمولي.
عن الاقتصادية