موسم العودة للمدارس يرهق ميزانية الأسر وتعديل موعد الرواتب يفاقم الوضع
تم النشر في الأحد 2017-09-10
تواجه الأسر السعودية هذه الأيام ضغوطاً مالية كبيرة مع بدء العد التنازلي للعودة للمدارس ، وذلك زيادة الانفاق على شراء الادوات المدرسية في ظل استغلال الموسم من قبل بعض المحلات التجارية مؤكدين ان هناك انواع من العلامات التجارية بالغت في اسعار منتجاتها، وهو ما دفعهم الى البحث عن بدائل ارخص سعراً.
واوضح احمد الفهد ان معدل الانفاق زاد بنسبة تصل الى 20في المائة عن العام الماضي مشيراً الى أنه برغم ردائة المنتجات الا ان الاسعار تتصاعد دون رقيب .
ويضع موسم العودة إلى المدارس أولياء الأمور في اختبار حقيقي بين إرضاء الأبناء ومواجهة الغلاء المصطنع، الذي يفرضه بعض تجار السوق كل عام. ويُعد الموسم درساً قاسياً لأولياء أمور ما كادوا يستفيقون من مصاريف العيد، حتى أتاهم العام الدراسي بكل متطلّباته، من نفقات لا تتوقف إلا في نهاية الدراسة، تتوزع بين المصاريف الدراسية والحاجات الشخصية للطلبة، ومصاريف أساسيات الدراسة كالكتب والزّي المدرسي والمواصلات، وغير ذلك من الأبواب الخلفية التي تُثقل كاهل ولي الأمر، وتُضيف إلى همومه متاعب أخرى.
وبحسب تقرير٠ الخليج ” أشار عدد من أولياء الأمور إلى أن إشكاليات زيادة رسوم الخدمات التعليمية وغير التعليمية التي تقدّمها المدارس، هي الشغل الشاغل لأولياء الأمور، وأوضحوا أن التجار يوفّرون مستلزمات طلاب المدارس المستوحاة من الشخصيات الكرتونية، وأبطال المصارعة بأسعار مرتفعة جداً وبجودة منخفضة، حيث يصل سعر الحقيبة المدرسية في بعض المحلات والمكتبات إلى 1200 درهم، مستغلّين أن الفئة المنتفعة منها هي صغار السن الذين يسهل جذبهم.
ولفت أحد أولياء الأمور إلى أن «بعض المحلات كانت تُعرف برخص أسعارها، لكنها رفعت تكلفة الحقائب لديها، واختفت تلك التي لا يزيد سعرها عن 90 درهماً، وهي من خامة سيئة، فماذا يصنع من لديه خمسة أطفال وراتبه لا يتجاوز 8000 درهم؟».
وأشارت فاطمة سرور، إلى أن هناك غلاء في أسعار الزّي المدرسي، ورداءة في جودة الأقمشة، إضافة إلى إجبار الآباء على شراء الزّي المدرسي عبر شركات معينة، أو من خلال المدارس الخاصة دون إعطائهم فرصة التفاضل أو اختيار ما يناسب ميزانياتهم، ما نتج عنه احتكار الشركات لبيع وصناعة الزّي المدرسي، وسهّل على المدارس زيادة الأسعار عاماً تلو آخر بنسبه 100%، حيث بلغ سعر زيّ كامل لابنها الطالب في الصف الأول الثانوي 2000 درهم، بواقع طقمين أحدهما رياضي والآخر رسمي للمدرسة.
الحقائب هي الأعلى سعراً
وأوضحت فاطمة النصيري، أن الحقائب هي الأعلى سعراً، «حيث كنتُ قبل فترة قصيرة اشتريت حقيبتين ب230 درهماً، والآن وصل سعرهما 670 درهماً، وبالتالي السعر تجاوز أكثر من الضعف». وأضافت: «كذلك الأمر بالنسبة للأدوات الأخرى فقد سجلت ارتفاعاً ملحوظاً، ولو كان الأمر مقتصراً على طالب واحد فقط لكان الأمر هيّناً، لكن عندي 6 أبناء في مراحل دراسية مختلفة، منها الثانوية العامة. وبالتالي فإن التكاليف في ظل هذه الأسعار مرتفعة».
وقالت أم ماجد: «مع اقتراب العودة إلى المدارس، قمت بجولة في الأسواق للبحث عن المستلزمات والملابس المدرسية الأقل سعراً، والأكثر جودة، ولاحظت أن بعض أصحاب محلات المستلزمات المدرسية، يستغلون حاجة الناس لهذه المواد مع قرب العودة إلى المدارس، ويرفعون الأسعار دون حسيب أو رقيب؛ الأمر الذي يتطلب متابعة الجهات المعنية لهذه المحلات وضبط المتلاعبين بالأسعار».
وذكر سلمان عبد الرحيم، أن كل ولي أمر لا يريد أن يقتل فرحة أبنائه بالعودة إلى المدارس، ولهذا نجده مرغماً على دفع أسعار خيالية لبعض السلع المدرسية. وأضاف أن أسعار الحقائب باتت غير معقولة، خاصة أنها تجاوزت 300 درهم، في ظل غلاء الأسعار.
وأشار فيصل ناصر، إلى أن الأسعار مرتفعة جداً للزّي والرسوم. «وفيما يتصل بالحقائب الدراسية فقد فُوجئت بسعر الحقيبة الذي يبدأ من 200 إلى 370 درهماً، فما فوق». وتساءل ماذا يفعل ولي أمر لديه خمسة أبناء؟. «بالتأكيد سيصرف أكثر من 20 ألف درهم فقط في يوم واحد لتوفير متطلّبات الأبناء كافة».
وقالت سارة محمود، وهي أم لطالبتين في الثانوية: «ارتفعت قيمة القرطاسية والكتب في السنتين الأخيرتين بنسبة 150%، والمدرسة تقول إن السبب هو تغيير المنهج، ومع كل نهاية سنة تتم إعادة الكتب والدفاتر لنا، ولكن بعضها يكون بنفس الحالة التي قمنا بشرائها بها. ولا تقتصر التكاليف على الرسوم الثابتة؛ بل قد يحتاج الأهل إلى تسجيل أبنائهم في نشاطات خارجية وباصات النقل، ما يُضيف مزيداً من الأعباء على ميزانياتهم السنوية».
وقال حسين ناصر، مسؤول مكتبة في الشارقة، إن الاستعداد لموسم المدارس يستمر طوال العام، ولا يقتصر على فترة محددة، مشيراً إلى أن المكتبة تعمل على توفير احتياجات الطلاب، على عكس بقية المحلات الأخرى، التي يتركز فيها عرض المستلزمات على فترات محددة من السنة.
وأفاد بأن أسعار المستلزمات المدرسية في متناول الجميع، مع تأكيد أهمية جودة المستلزمات لديه، وجودة الخدمة التي يقدّمها لعملائه، مع وجود عروض خاصة خلال فترة الموسم.
من جانبه قال راشد حسن، إن مدرسة أبنائه أخطرت أولياء الأمور بزيادة رسوم الحافلات المدرسية 500 درهم على السعر السابق، حيث أصبحت 6500 درهم، بدلاً من 6000، من منطقة التعاون في الشارقة إلى منطقة مويلح، معتبراً أن هذه الزيادة غير مبرّرة.
وأكد طارق منصور ولي أمر، أن موسم العودة إلى المدارس بمثابة كابوس لكثير من أولياء الأمور، وخاصة الأسرة التي لديها أكثر من طفل في المدرسة، كما أن اللوازم المدرسية تتطلب نفقات باهظة وتكاليف عالية؛ الأمر الذي جعل كثيراً من أولياء الأمور يلجؤون إلى البضائع المقلّدة بأسعار منخفضة.
غلاء المعيشة
وشرح عادل أبو بكر، مسؤول فرع مكتبة: «في بداية العام الدراسي لابد أن تكون الأسعار مرتفعة بعض الشيء، ليس لأن المكتبة هي التي ترفع الأسعار، ولكن لأننا نشتريها من المورِّد الرئيسي غالية، وبالتالي نبيعها غالية». وأكد أن الأسعار ربما يشعر المستهلك بارتفاعها، لكن ذلك يقتصر على الحقائب والمستلزمات الأخرى وهذا أمر وقتي، وستعود إلى الانخفاض لمساعدة المستهلك وتشجيعه على الشراء.
وأشار عبد الرحمن محسن، صاحب محل لبيع المواد المكتبية، إلى أن «سبب ارتفاع بعض المواد القرطاسية، ناتج عن غلاء المعيشة وارتفاع إيجار المحلات، إضافة إلى ارتفاع ثمن الحقائب ومستلزمات الدراسة من قبل المستورد»، مضيفاً: «لا أستطيع البيع بسعر التكلفة؛ لذلك رفعت سعر بعض المستلزمات المدرسية، وحافظت على سعر الأقلام والكراسات التي تُباع بسعر قليل ولا يمكنني رفع ثمنها».
توعية المستهلكين
وحذّر الدكتور هاشم النعيمي، مدير إدارة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد، منافذ البيع المختلفة من استغلال موسم العودة إلى المدارس، وزيادة أسعار المنتجات ذات الصلة بهذا الموضوع، داعياً المستهلكين إلى الإبلاغ عن أي ملاحظات لديهم حول أسعار المنتجات المدرسية أو أي نوع من السلع. وقال إن الوزارة قامت بإخطار جميع منافذ البيع والجمعيات التعاونية والمكتبات، لتأكيد عدم رفع الأسعار أو حجب المنتجات، لاستغلال الحاجة إليها وبيعها بأسعار باهظة.
وشدد على أن كافة الأسواق والمنتجات تخضع لمراقبة مكثّفة من إدارة حماية المستهلك في الوزارة، لافتاً إلى حرصها على توعية المستهلكين في الدولة بحقوقهم، والطرق المثلى للتسوق الإيجابي.
وأضاف أن حماية المستهلك بوزارة الاقتصاد تقوم بحملات مكثّفة على المحلات التجارية ومنافذ البيع الكبرى، خاصة مع بداية العام الدراسي الجديد، من أجل تنبيه الجمهور المستهلك بضرورة أخذ الحيطة والحذر، تحاشياً لاستغلالهم من بعض التجار وأصحاب النفوس الضعيفة، ومراقبة أسعار القرطاسية، لافتاً إلى أنه خلال الحملة يتم توزيع الملصقات على المحلات والجمعيات التعاونية، وتأكيد تثبيت الأسعار في المستلزمات الاستهلاكية المعروضة للبيع، تنبيهاً للجمهور وتحذيراً لأصحاب المحلات التجارية من عدم المبالغة في رفع الأسعار، الذي تترتب عليه مخالفات تصل إلى حدّ إغلاق المنشأة في حال التكرار.
ظاهرة متجددة
من جانبها قالت راية المحرزي، نائبة مدير جمعية الإمارات لحماية المستهلك، إنه من خلال متابعتهم لواقع السوق وجدوا أن هناك بالفعل تفاوتاً في الأسعار من مكان إلى آخر، معتبرة ذلك دليلاً قاطعاً على وجود تلاعب واضح واستهتار بقانون حماية المستهلك، كما يعكس هذا الواقع «عدم وجود رقابة كافية لمواجهة هذه الظاهرة المتجدّدة سنوياً»، من قبل الجهات المناط بها تطبيق القانون.
وأشارت إلى أن الجمعية تتلقّى سنوياً شكاوى من أولياء الأمور، تتضمّن تذمّرهم من مبالغة التجار في رفع أسعار مستلزمات العودة إلى المدارس، مع بداية كل عام دراسي. وأضافت أن الشكاوى تتضمّن كذلك حالات غش، ووجود سلع مقلّدة تباع في الأسواق على أنها أصلية، وعلى خلاف ذلك فإن العيوب سرعان ما تظهر بعد الاستعمال الأول لها.
حقوق المستهلكين
وطالب الدكتور هاشم النعيمي أولياء الأمور، بعدم السكوت على استغلال تجار القرطاسية والأدوات المكتبية، والتواصل مع حماية المستهلك للإبلاغ عنهم، موضحاً أن وزارة الاقتصاد قامت بتوزيع لفائف ورقية إرشادية على المستهلكين، لتعريفهم بحقوقهم في هذا الجانب تحديداً قبل بداية العام الدراسي الجديد. وأفاد بأن الوزارة ستتخذ الإجراءات المناسبة ضد التجار الاستغلاليين، في حال ثبت وجود تلاعب في الأسعار، حفاظاً على حقوق المستهلكين.
استغلال الموسم
وبيّنت راية المحرزي، أن دور القطاع الخاص ممثلاً في الجمعيات ومنافذ البيع المختلفة المعنية ببيع المستلزمات المدرسية، سيُسهم في حل المشكلة، حيث يُتوقع من تلك الجهات المبادرة إلى بيع تلك المستلزمات بأسعار معقولة، والابتعاد عن التنافسية غير الطبيعية، والدخول في تحقيق أرباح وفوائد باستغلال هذا الموسم، وحاجة الأهالي لتجهيز أبنائهم لاستقبال عامهم الجديد.
أسعار الكتب
ودعت أولياء الأمور إلى الاكتفاء بشراء المستلزمات الملحّة، ومن ثم الأقل إلحاحاً، وبذلك لن يجد أولياء الأمور أي ضغوط في شراء جميع المستلزمات والوفاء بطلبات أبنائهم كافة.
حرصت وزارة التربية والتعليم فيما يخص أسعار الكتب على تهيئة كل السبل التي تمكّن التعليم الخاص من أداء دوره في تقديم خدمات عالية الجودة، تصب في مصلحة هذا القطاع الحيوي، وفي مصلحة الطالب وأولياء الأمور في آن؛ لذلك قامت الوزارة منذ سنوات بوضع أسعار الكتب الدراسية خلف الكتاب، لإلزام المدارس الخاصة بالسعر وحفظ حقوق أولياء الأمور، لتكون مرجعاً لهم في معرفة أسعار الكتب، مؤكدة الحرص على أن يتلقى الطالب الذي يتعلم في مدارس خاصة، التعليم نفسه الذي يتلقّاه طلاب المدارس الحكومية.
وسبق أن نوّهت الوزارة بأن كل مدرسة لها نظام معين في رفع الأسعار، بسبب الخدمات التي تقدّمها للطلبة أو للمعلّمين، وناشدت المناطق التعليمية بالتحقق من أسعار الكتب التي تُباع من قبل المدارس الخاصة لأولياء الأمور، ودعتهم إلى أن ينتبهوا إلى الأسعار التي حدّدتها الوزارة، وفي حال كانت هناك زيادة في الرسوم يمكن لولي الأمر أن يراجع المدرسة.