مقالات

موانئ المملكة .. بوابة العالم للخدمات اللوجستية

تم النشر في السبت 2021-08-07

تشكل الموانئ أحد أهم الروافد الاقتصادية والتجارية الحيوية، وتلعب دورا محوريا في تطوير أعمال التجارة الإقليمية والدولية، كما ترتبط ارتباطا مباشرا بجميع الأنشطة الصناعية والتنموية، التي تقام في مدن ومناطق المملكة، حيث يمر من خلال الموانئ أكثر من 70 في المائة من واردات المملكة، وأكثر من 95 % من صادراتها.
ولأهمية قطاع الموانئ يحظى هذا القطاع الحيوي باهتمام وعناية خاصة من القيادة الرشيدة– حفظها الله- وذلك إيمانا بدوره المهم في دعم النشاط الاقتصادي والصناعي والاجتماعي ومردوده الإيجابي على الوطن والمواطن.
نحن في السعودية ندرك أهمية هذا القطاع، فيوجد لدينا أهم ثلاثة مضائق بحرية في العالم تعبر ثلث موارد الطاقة العالمية، والبحر الأحمر، وتمر 13 في المائة من التجارة العالمية، ويفتح موقع المملكة الجغرافي الاستراتيجي، الذي يتوسط قارات العالم الثلاث، الباب واسعا لشتى المشاريع والخطط التنموية، التي تستجيب لاحتياجات أسواق تضم أكثر من ستة مليارات نسمة.
واليوم تثبت الموانئ السعودية كفاءتها وقدرتها على تحقيق الأهداف المرسومة، والمسؤوليات الملقاة على عاتقها، من خلال عمليات التطوير المستمرة لقدراتها وخدماتها، التي باتت من أهم الموانئ البحرية الدولية، ومقصدا لخطوط الملاحة البحرية العالمية، ومحورا للتجارة الدولية.
لقد حققت الهيئة العامة للموانئ عديدا من الإنجازات خلال الأعوام القليلة الماضية، مواكبة للطفرة، التي شهدها اقتصاد المملكة ضمن رؤية 2030، خاصة الشراكة مع القطاع الخاص، من بينها توقيع وتشغيل أكبر عقود الإسناد والتشغيل بميناء جدة الإسلامي، ما يسهم في رفع الطاقة الاستيعابية لمحطات الحاويات بأكثر من 70 %، لتصل لأكثر من 13 مليون حاوية، باستثمارات تتجاوز تسعة مليارات ريال.
كما وقعت الهيئة أكبر عقد تخصيص منفرد عن بعد في المملكة بميناء الملك عبدالعزيز في الدمام، ما يسهم في رفع الطاقة الاستيعابية لمحطات الحاويات بأكثر من 120 % لتصل إلى 7.5 مليون حاوية، وباستثمارات تتجاوز سبعة مليارات ريال، إضافة إلى تحقيق عديد من المنجزات على الصعيد التشغيلي والتشريعي والتنظيمي.
ولم يكن من المستغرب لنا في ظل هذه الإنجازات الاعتراف الدولي بالتقدم الحاصل من خلال تحقيق نسبة نمو في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية مع خطوط الملاحة العالمية والصادرة من منظمة مؤتمر الأمم المتحدة بـ 19 نقطة، وما يعادل 37 % خلال الفترة من نهاية 2015 مقارنة بنهاية 2020، وكذلك تبوأ موانئ المملكة المرتبة الخامسة كأسرع دول العالم في مناولة سفن الحاويات، وذلك وفق مؤشر UNCTAD السنوي لعام 2020، كأول مرة تدخل فيها المملكة ضمن قائمة أفضل عشرة موانئ عالميا.
واليوم نحن على أعتاب نهضة جديدة في الموانئ السعودية بإطلاق الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية، خاصة أن هذه الاستراتيجية تحمل تحولا جذريا في دور المملكة على صعيد التجارة الدولية وستعزز من دور قطاع الموانئ في اقتصادنا الكلي وتوفر الدعم، الذي يحتاجه عديد من القطاعات الحيوية الأخرى.
فالاستراتيجية الجديدة تستهدف وصول حجم المناولة في الموانئ إلى أكثر من 40 مليون حاوية سنويا بحلول 2030 مع تحسين التكامل بين الموانئ وسائر أنماط النقل، خاصة مع تطوير الجسر البري، الذي سيربط موانئ الشرق بالغرب عبر العاصمة الرياض، ويعطي المشروع أفضلية كبرى للنقل عبر المملكة في التجارة بين شرق العالم وغربه كما بين شماله وجنوبه.
الاستراتيجية ستكون كذلك داعما رئيسا لقطاعات أخرى، على رأسها السياحة، مع تطوير محطات الركاب في الموانئ لتسيير الرحلات السياحية البحرية، كما ستكون الاستراتيجية عنصرا حيويا في تحقيق التكامل مع الخطط الصناعية العملاقة بما يزيد من تنافسية السلع السعودية عبر خفض تكلفة النقل والتصدير.
المشاريع الجديدة، التي ستحملها معها الاستراتيجية ستساهم أيضا في توفير جاذبية للاستثمار من خلال عمليات التخصيص والشراكات مع القطاع الخاص، كما ستعزز موقع المملكة على خريطة المراكز اللوجستية العالمية بما يدعم النمو الاقتصادي للمملكة ويواكب التطورات العالمية، وفي هذا الإطار طرحت الهيئة العامة للموانئ أخيرا فرصا استثمارية بالشراكة مع القطاع الخاص لتطوير وتشغيل المحطات متعددة الأغراض في ثمانية موانئ سعودية، ما سيسهم في رفع تنافسية موانئ السعودية إقليميا وعالميا.
ولعل التقنيات الحديثة والحلول الذكية وعمليات الأتمتة الشاملة ستكون من أبرز ما تركز عليه الاستراتيجية الجديدة، وسيكون في مقدمة المستهدفات خفض فترة الفسح إلى ساعتين فقط والحد من المعاملات الورقية في الطلبات والمصادقات وتطوير حلول تعتمد الذكاء في الخدمات اللوجستية والشحن بما يعزز التجارة الإلكترونية.
كل ما سبق سيؤدي إلى زيادة القدرة التنافسية للاقتصاد السعودي وللمنتجات الوطنية وإنشاء سلاسل إمداد أفضل وأقوى، ومع وجود منظومة عمل أكثر تقدما، سيصبح المصنعون والموردون والمستخدمون النهائيون قادرين على التواصل بشكل أكثر فعالية وتسريع وتيرة الوفاء بالتزاماتهم. ولقد أظهرت المملكة خلال جائحة كوفيد -19 قوة الاقتصاد السعودي ومتانة سلاسل الإمداد، وسنعتمد على هذا النجاح للمضي قدما في المستقبل.
ختاما، نعتز بشراكتنا الاستراتيجية مع القطاع الخاص وكلي ثقة في منسوبي الهيئة العامة للموانئ على تحقيق مستهدفات هذه الاستراتيجية الطموحة وتعزيز القدرات التنافسية لقطاع الموانئ، والمضي قدما نحو ترسيخ مكانة مملكتنا الغالية كمركز لوجستي عالمي يربط القارات الثلاث.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock