مسؤولية هيئة سوق المال
تم النشر في الأحد 2020-07-05
د.عبد الله الفرج
منذ دخول الإنترنت والاكتتابات والتداول تتم من خلالها. وهذا ليس الأمر الوحيد الذي تغير. فالمتتبع لسوق أسهمنا لا يمكنه أن لا يلاحظ أن الإنترنت قد سهل على المضاربين أمرهم، فصار المؤشر يصعد يوماً وينخفض في اليومين الذي يليه – الأمر الذي يعني سحب البساط من تحت أقدام المستثمرين. ومع أن أسواق الأسهم في كافة بلدان العالم هي أسواق مضاربة إلا أن سوقنا يتميز عنها.
وأول ما يلفت النظر هو مؤشر السوق الذي يراوح مكانه منذ فترة طويلة. فهو تقريباً منذ 10 أعوام يحوم حول مستوى 7 آلاف نقطة- أي مكانك سر. الأمر الآخر هو أن سعر العديد من الشركات المدرجة في البورصة لا يزال، ومنذ فترة طويلة، أقل من سعر الاكتتاب. وهذا يعني خسارة المستثمرين وربح المضاربين الذين يبيعون ويشترون هذه الأسهم كل يوم. وضمن هذا الإطار تندرج خفض بعض الشركات رأس مالها ورفعه في نفس الوقت دونما يؤدي ذلك إلى تحسن في مراكزها المالية. ولذلك يخسر المساهمون، الذين ضخوا أموالهم في الشركة مجدداً، ويربح المضاربون.
فمن المسؤول عن ذلك؟
إنها هيئة السوق المالية. فهي التي تتحمل المسؤولية عن الخلل الذي تعاني منه سوق الأوراق المالية. وأنا هنا لا أعنى هيئة السوق الحالية تحديداً، وإنما إدارة السوق منذ نشأتها. فالشركات المدرجة في السوق والتي لا تزال أسعارها أقل من سعر الاكتتاب تعني بوضوح أن دراسة الجدوى التي قدمتها تلك الشركات للهيئة هي دراسة غير دقيقة. وإلا كيف يبقى سعر الاكتتاب دون السعر الذي يباع به السهم لمدة لا تقل عن 10 أعوام؟
كذلك كيف تسمح الهيئة بتكرار الشركات لخفض رأس مالها ورفعه من دون ربط العملية بتحسن مراكزها المالية بعد ذلك. فهذا يعني إما أن الشركة قد ضللت هيئة سوق المال، أو أن كلتا الجهتين لديهم أولويات أخرى غير المستثمرين.
إنه لمن المستغرب أن تسمح الهيئة لشركات فاشلة بخفض وزيادة رأس المال قبل إجرائها إعادة هيكلة. فماذا يمكن توقعه من إداريين فاشلين غير هدر أموال المساهمين من جديد. وأنا أتذكر محاضرة البروفيسور في الجامعة، وحديثه عن سفر كبار المسؤولين في بعض بلدان العالم الثالث إلى العواصم الأوروبية في نفس اليوم الذي تحصل فيه بلدانهم على قروض من صندوق النقد الدولي- وذلك من أجل صرف هذه الأموال على ملذاتهم.
ولذلك، فإن على هيئة السوق المالية مسؤولية كبيرة في انتشال السوق من يد المضاربين وتقليص دورهم لمصلحة المستثمرين، والأهم من ذلك وضع الضوابط التي تحول دون التلاعب بأموال المساهمين.
عن الرياض