متلاعبون يسيطرون على سوق الإطارات والتجارة تلقينا 4900 شكوى من المستهلكين
تم النشر في السبت 2018-01-27
تعج المدن والطرق السعودية بنحو 15 مليون سيارة يحركها 60 مليون إطار على الأقل، وتشكل نسبة الحوادث المرورية في المملكة ضمن أعلى المعدلات عالميا، على اعتبار أنها تكاد تكون وسيلة النقل البري الأولى في بلد أشبه بالقارة، وتؤكد عديد من الدراسات أن ضعف جودة الإطارات أو إهمالها واحد من أهم الأسباب التي تقف خلف الحوادث المرورية في الطرقات السعودية.
ورغم أن هناك شروطا ومواصفات للإطارات التي تستوردها المملكة من نحو أكثر من عشر دول في العالم، وهناك جهات رقابية مثل هيئة المواصفات والمقاييس ووزارة التجارة والاستثمار، والبلديات، وحماية المستهلك، إلا أن حجم الإطارات المقلدة أو المغشوشة أو منتهية الصلاحية ما زال حاضرا وبقوة في هذه السوق التي يكبد الغش فيها العشرات من السائقين أرواحهم، كما قال لـ”الاقتصادية عدد من المستهلكين والتجار.
الإطارات المستعملة سواء تلك التي تباع على أنها جديدة وهي غير كذلك أو تلك التي تباع على أنها مستعملة، حيث يقبل عليها المستهلكون لزهد سعرها مقارنة بالجديدة، تباع بشكل كبير في أروقة أسواق الإطارات في المملكة، رغم أن هناك منعا شديد اللهجة صدر قبل نحو سبعة أعوام وتحديدا في يونيو 2010 جاء فيه أن وزارة الشؤون البلدية والقروية أصدرت تعميما لكل الأمانات والبلديات يقضي بالتأكيد على منع بيع الإطارات المستعملة، وتشديد الرقابة الميدانية على محال بيع واستبدال الإطارات المستعملة، حيث أكدت الوزارة على جميع فروعها أهمية أن يقوم المختصون بتشديد الرقابة الميدانية وبصورة مستمرة على محال بيع واستبدال الإطارات بما يحول دون بيع الإطارات المستعملة والسيئة التي انتهت صلاحية استخدامها حفاظا على سلامة المواطنين.
“الاقتصادية” تتقصى من خلال هذا التحقيق الحالة التي وصلت إليها سوق الإطارات في السعودية متخذة من العاصمة الرياض مثلا لهذه السوق على اعتبار أنها الأكبر.. وخرجت بالتالي:
حجم السوق
وبحسب تقرير الاقتصادية استوردت المملكة العام الماضي (2017 )، أكثر من 21 مليون إطار بقيمة إجمالية بلغت نحو 4.5 مليار ريال، وكانت الصين واليابان وكوريا الجنوبية في مقدمة الدول التي تستورد منها المملكة الإطارات بجميع أنواعها.
وهنا قال لـ” الاقتصادية ” عيسى العيسى المتحدث الرسمي للجمار ك إن كمية واردات المملكة من الإطارات بلغت خلال عام 2017 ( 423.550 طن ) أو (21.184.052) إطارا بقيمة (4.453.574.892) ريالا.
وبين العيسى أن حجم ما تم ضبطه من الإطارات المغشوشة في العام نفسه على المنافذ الجمركية للبلاد بلغ 23.807 ألف إطار.
وأشار المتحدث الرسمي لـ”الجمارك” إلى أن أكثر الدول التي يتم استيراد الإطارات للمملكة هي الصين– اليابان – كوريا الجنوبية – تايلاند – أمريكا – إندونيسيا – ألمانيا – تركيا – الهند – إسبانيا).
وضع السوق
جولة “الاقتصادية على سوق الإطارات في شارع (الغرابي) في الرياض تمت بطريقتين: الأولى كزبون تتقصى نوع الإطارات وأسعارها، وأخرى بالقميص الصحافي لمعرفة مصادر تلك الإطارات وآراء المستهلكين والتجار، وانتهى بنا الحال في أسواق جانبية وخلف الشوارع تدار من خلالها سوق كبيرة للإطارات المستعملة.
المشكلة أن تلك العمليات تتم من قبل عمال المحال الرئيسة والمعروفة في الشارع دون أي رقيب أو حسيب على هذا النشاط الذي يتسبب في كثير من الأحيان في تهديد حياة السائقين وتحديدا المسافرين، وبجهل من المستهلك الذي يعتقد أن الضرر من تلك الإطارات المستعملة أو المغشوشة محدود.
وكشفت الجولة أن هناك سيطرة كبيرة على السوق من جنسيات معينة مخالفة لنظام الإقامة والعمل، وتقوم هذه العمالة بشراء الإطارات المستعملة من الزبون بمبلغ لا يتجاوز عشرة ريالات بحجة أنه يتم إعادتها إلى المصنع، ولكن الحقيقة أنه يتم إعادة تنظيفها ورشها ببعض الزيوت ومن ثم إعادة بيعها إلى زبون آخر بسعر لا يقل عن 100 ريال للإطار الواحد، ما يعني أن الأرباح أحيانا تبلغ 900 في المائة أو تسعة أضعاف من إطار واحد، ولك أن تتخيل أن هذا العامل قد يبيع في اليوم الواحد على الأقل 12 إطارا مستعملا.
الرقابة الرسمية وفق الباعة في هذه السوق شبه غائبة تمام منذ سنوات، ما سمح لهؤلاء المخالفين والغشاشين بالتنامي وتعريض حياة الناس وعائلاتهم للخطر، إضافة طبعا إلى ضعف وعي المستهلكين وعدم إدراكهم للمخاطر التي تنجم عن شراء الإطارات المستعملة.
بدر الزهراني أحد الزبائن الذين التقتهم الاقتصادية في سوق الغرابي يقول: “هناك تلاعب من قبل أصحاب المراكز وتفاوت واضح في الأسعار وعدم الوضوح مع العميل، فقد غيرت الإطارات في أحد المراكز على أنها نوع ياباني وتبين لي بعد الاستخدام أنها منتهية الصلاحية وأن تاريخ التصنيع مزور”، مشيرا إلى أنه قدم بلاغا إلى وزارة التجارة إلا أنه لم يتلق ردا أو تجاوبا معه.
فيما أشار عبد الله التميمي، زبون آخر، إلى أن هناك غيابا كبيرا من وزارة التجارة في سوق الإطارات، حيث إن هناك سيطرة واضحة من عمالة محددة على بيع “الإطارات المستعملة” في سوق الإطارات، مؤكدا أن هناك عمالة تقوم بشراء الإطارات المستعملة ومن سوق الغرابي ومن ثم نقلها لبعض المحافظات المجاورة أو القرى أو محطات الطرق، لبيعها على عملاء آخرين.
محمد عبد الرحمن يقول من ناحيته إن هناك في أحيان كثيرة فرقا كبيرا في الأسعار بين الإطار الجديد والآخر المستعمل، قد يصل في بعض الأحيان إلى أكثر من 70 في المائة.
ويضيف: “أفضل أن أشتري الإطار المستعمل خصوصا أن بعضها يكون في حال جيدة جدا، وفي أحيان أخرى لا تتوافر أنواع محددة من الإطارات إلا مستعملة”.
من جانبه قال عبد الله المطرفي، زبون في سوق الإطارات، إن السوق تشهد تلاعبا كبيرا، ومنها قول بعض الوكلاء أو موزعي إطارات على أنها ألمانية أو أمريكية بينما هي مصنعة أو مجمعة في ماليزيا أو الصين أو غيرها دول شرق آسيا، مستغلين جهل العملاء وعدم قدرتهم على التفريق.
وتابع: “التجار في نهاية كل عام يغرقون السوق بالإطارات التي اقتربت صلاحيتها من الانتهاء أو انتهت بالفعل، للتخلص منها وبأسعار رخيصة، وهذا يشكل خطرا على سلامة الأرواح”.
الوكلاء والتجار
وهنا يقول أحد وكلاء الإطارات ” نعم هناك ركود في سوق الإطارات خصوصا الجديدة منها، وأهم أسباب انخفاض أسعار الإطارات هو عدم نفاد الكميات المخزّنة لدى الموردين وفي المستودعات”، مشيرا إلى أن السوق تعاني من فترة ركود أجبرت التجار على تخفيض الأسعار ليتسنى لهم استيراد كميات جديدة.
وقال الوكيل – الذي فضل عدم ذكر اسمه – إضافة إلى الركود هناك منافسة حادة بين الشركات، على الأسعار تضرر منها مستوى الجودة، إذ إن الكثير من العملاء اتجهوا إلى الإطارات الصينية والكورية لتدني أسعارها مقارنة بالنوعيات الأخرى.
على الجانب الآخر يرى أحد أصحاب مركز تغيير الإطارات أن الأسعار أصبحت مغرية في ظل الانخفاض الحالي الذي يشهده السوق الذي وصل في بعض الإطارات إلى 50 في المائة، مؤكدا أن ذلك يرجع إلى حجم العرض والطلب، كما أن بعض تجار الإطارات خفضوا الأسعار في ظل خيارات الاستيراد المتعددة التي أمامهم، حيث كانت هذه الخيارات محدودة في السابق.
ووفق متعاملين في السوق فقد تراجعت أسعار الإطارات للسيارات العائلية إلى 380 ريالا بينما كانت في السابق تصل إلى 800 ريال للإطار الواحد بينما تراجعت أسعار الإطارات للسيارات الصغيرة إلى 300 ريال بينما كانت تسجل سابقا ما بين 500 و800 ريال للإطار الواحد.
وعند هذه النقطة يضيف صالح باوزير أحد أصحاب مراكز الإطارات أن انخفاض أسعار إطارات السيارات شمل جميع منافذ البيع سواء للأفراد أو الجملة خلال الأشهر العشرة الماضية.
وأشار إلى أن هناك غشا في الإطارات من قبل أصحاب المراكز وعدم المصداقية مع العميل وأن أكثر الإطارات مبيعا هي الإطارات الصينية وعليها إقبال كبير من ورادات السوق واليابانية أقل مبيعا.
على الرغم من الركود النسبي في مبيعات السيارات خلال العامين الأخيرين، إلا أن الدراسة توضح أن السعودية ستكون المتصدرة في مجموع أعداد السيارات في 2020 في منطقة الخليج،
وقد كشفت دراسة أعدتها وحدة التقارير الاقتصادية “الاقتصادية”، في عام 2012 أن نمو السيارات المسجلة في السعودية يبلغ ضعف معدل النمو السكاني، إذ بلغ معدل نمو السيارات في ذلك العام نحو 6.5 في المائة، بينما بلغ معدل نمو السكان 2.9 في المائة.
وبلغ عدد السيارات المسجلة بنهاية عام 2012 نحو 15.9 مليون سيارة، مقارنة بـ 14.9 مليون سيارة خلال العام السابق له 2011، بينما بلغ عدد السكان بنهاية عام 2012 نحو 29.2 مليون نسمة، مقارنة بـ 28.4 مليون نسمة بنهاية عام 2011.
الشكاوى والبلاغات
وعلى صعيد الشكاوى فقد أظهرت الأرقام المتاحة أن حجم المضبوطات التي تقوم بها الجهات المختصة سواء الجمارك أو الفرق الرقابية لوزارة التجارة، ضعيف وغير كاف ولا يتناسب وحجم الغش والتلاعب الذي يتم في سوق الإطارات المحلية، إذ لم تتجاوز البلاغات التي تلقتها وزارة التجارة والاستثمار الخاصة بإطارات السيارات كما كشفت الوزارة لـ”الاقتصادية” 4945 بلاغا خلال عام 2017، وتركزت معظم البلاغات على الإطارات منتهية الصلاحية، والإطارات غير المطابقة للمواصفات السعودية القياسية المعتمدة.
وقالت وزارة التجارة في ردها على استفسارات الصحيفة إن كل تلك البلاغات تمت مباشرتها وتطبيق الإجراءات النظامية بحق المخالفين، إلا أنها لم تفصح عن طبيعة تلك المخالفات أو الغرامات وحجمها.