ماهي الجزيرة التي غيرت طريقة سفرنا حول العالم
تم النشر في الخميس 2019-03-14
يتسم الهبوط بالطائرة في مطار “نادي” الدولي في فيجي بطابعٍ مذهلٍ. فبعدما يقطع المرء مئاتٍ من الكيلومترات دون أن يلمح شيئاً أسفل طائرته سوى المياه، تظهر سلسلةٌ من الشعاب المرجانية من خلال الأمواج التي تتحطم عليها. وخلفها تقبع جزرٌ بركانيةٌ بوعورتها وطابعها الصخري واللون الأخضر الذي يكسوها، كل ذلك في آن واحد.
ثم تلوح أمام ناظريك جزيرة فيتي ليفو، كبرى جزر فيجي، التي لا يسمح لك اتساعها برؤيتها كاملة حتى من على بُعد. وهكذا يصبح انطباعك الأول عن هذا البلد مشوباً بشعورٍ مزدوج يمتزج فيه الإحساس بكونه نائياً وشاسعا في آنٍ واحد.
إنه منظرٌ طبيعيٌ رائعٌ حقا، ويزيد من روعته حقيقة أنه لبلدٍ قاد الملاحة الجوية إلى دخول القرن الحادي والعشرين. فالمجال الجوي الخاص بالجزر المؤلفة لفيجي، كان الأول الذي يُدمج في نظام التموضع العالمي أو نظام تحديد الموقع باستخدام الأقمار الاصطناعية المعروف باسم “جي بي إس”، وذلك بعدما أدخلته السلطات الحاكمة في هذا البلد في منظومتها للملاحة الجوية. وبهذه الخطوة، غيّرت فيجي – وإلى الأبد – الطريقة التي ننتقل بها من موقعٍ إلى آخر بعيد عنه على خريطة العالم.
وبحسب ما كتبته الصحفية سارة ستودولا على موقع bbc وإذا عدنا إلى الوراء قليلاً، سنجد أن الـ “جي بي إس” هو نظام ابتكره الجيش الأمريكي في سبعينيات القرن الماضي، بهدف تحسين إجراءات الملاحة الجوية. وفي ذلك الحين، كان هذا الأمر بشكلٍ عام يعتمد على أجهزة الرادار ومنظومات التوجيه البصري، إذ كان الطيارون يعتمدون – منذ أربعينيات القرن الماضي – على مساراتٍ ملاحية تحددها مراكز أرضيةٌ يُطلق عليها اسم “منارات”، سواء من خلال إرسالها إشاراتٍ لاسلكيةً أو علاماتٍ مرئيةً.
ولم يكن هذا النظام خالياً من العيوب، ففي فيجي – على سبيل المثال – لم تُزود سوى خمسةٍ من أبراج المراقبة بـ “مناراتٍ لاسلكية”، ما يعني أنه لم يكن لدى الطيارين أي أجهزة رادار يمكنهم الاعتماد عليها، في مساحةٍ تصل إلى نحو 80 في المئة من المجال الجوي الهائل لهذا البلد.