كورونا وسوق الأسهم السعودية
تم النشر في السبت 2020-02-29
دعبد الله الفرج
لو أن فيروس “كورونا” أصاب دولة نامية متخلفة اقتصادياً لما استهلت نشرات الأخبار والصحف على صفحاتها الأولى تطورات هذا المرض كل يوم وبأدق التفاصيل. ولو كان هذا المرض في بلد غير متطور لما انتقلت عدواه إلى العديد من الدول بهذه السرعة. ولو كان هذا المرض أصاب بلداً قليل السكان لما تطور المرض وانتشر فيه وفي بقية العالم، بحيث أصبحنا على وشك أن يعلن عنه كوباء.
كل هذه الو ما كانت لولا أن الصين لم تكن العربة التي تجر وراءها الاقتصاد العالمي. وبالتالي إذا أصيبت بأذى فإن العالم سوف يصاب به. والأذى ليس بالضرورة أن يكون صحياً. فالاقتصاد الصيني عندما تأثر على أثر كورونا فإن الحمى أصابت بقية أسواق المال في العالم. ففي الأسبوع الماضي انخفضت ثروة أغنى أغنياء العالم بما يقارب 139 مليار دولار في يوم واحد، وهذا يعد أكبر انخفاض لثروات الأغنياء التي اعتاد العالم على سماع تزايدها بصورة مستمرة.
وكان سوق الأسهم السعودي من ضمن الأسواق التي تراجعت الأسبوع الماضي بنسبة كبيرة، فمؤشر السوق قد واصل الانخفاض في الأسبوع الماضي إلى أن وصل يوم الخميس إلى 7,619 نقطة. وأنا شبه متأكد أن أثرياء بلدنا أو بالأصح “هوامير الأسهم” لم يخسروا من ذلك وإنما يربحون في دورة البيع والشراء بكاملها. فسوق الأسهم السعودية لا يزال رغم كل الإصلاحات التي دخلت عليه سوقاً ضحلاً تتحكم به فئة محدودة من الداخل والخارج. وهو في اختلافه عن أسواق العالم، التي تعكس حالة الاقتصاد والشركات المدرجة في السوق، فإنه قلما يهتم بالوضع المالي للشركات السعودية التي يتم تداول أسهمها بمقدار ما يهتم بما يحدث في سوق لندن، نيويورك أو هونج كونج. وهذا يعكس طبيعة المضاربين في بلدنا. فالعديد منهم نشيطون يسهرون طول الليل لمتابعة ما يجري في الأسواق البعدية عنا فيما وراء المحيطات. وهناك مثل شائع يقول: أترك البحر وأهواله فرزقك على السيف. بالفعل فإن كبار مضاربينا هوامير في سوقنا مساكين في غيرها. فالمضاربة في الخارج تحتاج إلى قدرات ذهنية ومالية مختلفة، ولذلك يتكبدون الخسائر هناك، فيهجمون على سوقنا لحلبه من أجل التعويض على خسارتهم في تلك الأسواق التي يحلبون فيها.
إن كبار المضاربين في سوقنا لا يخسرون أبداً فيها. فهم من يرفعون المؤشر عندما يشترون الأسهم الرخيصة وهم من يبيعون عندما يرتفع المؤشر لتمويل عملياتهم في الخارج-وهم الذين يعاودون شراء ما باعوه بأعلى الأسعار بأبخس الأسعار. فخلال هذه الدورة التي يسيطرون عليها هم دائماً رابحون.
عن الزميلة الرياض