مقالات

سِناب والإعلانات الخاسرة

تم النشر في الأربعاء 2020-02-12

علي الخزيم

قالت العرب إن السَّنِب اسم يطلق على الحصان سريع العدو وجمعها سُنُوب، وقال بعضهم إن السَّنْب هو الدهر كقولهم: مضى من الدَّهْرِ سَنْبَةٌ، أما ما كان حول عبارة (سناب تشات) وإن دمجت: سنابشات؛ فإن العرب المعاصرين قد اجتمعوا بمحفلهم ومنتداهم اللغوي فأصدر مجمع اللغة العربية بمنطقة مكة المكرمة تعريباً للمصطلح، ويعضدهم بذلك صاحب السمو الملكي أمير منطقة مكة المكرمة خالد الفيصل حين أبدى رغبته في إيجاد مرادف عربي لمسمى (سناب شات) الأجنبي الصِّرف؛ التي أعلنها خلال إطلاقه جائزة إمارة منطقة مكة المكرمة للإعلام الجديد بموسم الحج الماضي، وقال رئيس المجمع إنه قد تم تبنى مشروع التعريب بعد أكثر من شهرين تخللتهما اجتماعات ومراسلات مع لغويين داخل وخارج المملكة، واتُفِق على لفظ (سِناب) بكسر السين لما عُرف عن العرب من تعريب الألفاظ الأعجمية بإبقاء أصل اللفظ وإخضاعه لأوزانهم، وخصوصاً أن هذا اللفظ موافق للعرف اللغوي الشائع بين عامة الناس.

ويؤكد مهتمون بمواقع التواصل الاجتماعي الإلكترونية أن السعوديين من الأكثر استخداماً للبرنامج لما وجدوا به من إمكانات التحاور وتبادل الصور والمقاطع التي يصورونها بأجهزتهم المحمولة، مع توفر خاصية إضافة الزخارف واللمسات التعبيرية والتعليقات اللطيفة على الصور.

وفيما يبدو فإن البرنامج مُشوِّق وسهل الاستخدام؛ مما زاد من أعداد مستخدميه، وانخدع بها بعض المعلنين عن بضاعتهم وأنشطتهم والاتفاق مع ناشري الإعلانات بحساباتهم عبر البرنامج لا سيما من لديهم أرقام مرتفعة من المتابعين، ويغفل المعلن عن معايير مهمة من حيث متلقي الإعلان، إذ إن الإعلان بهذه الطريقة لا يجلب ربحاً قياسياً تنافسياً، كما يعني خسارة لغيرهم من الصحف المحلية وبعض وسائل الإعلام الأخرى التي تعتمد فيما تعتمد بدخلها على تكلفة (الإعلان التجاري الترويجي المشروع المنضبط العقلاني بمعايير مهنية محسوبة)، غير أن بعض المعلنين لا يهمهم هذا التقييم بقدر الوصول لأكبر شريحة من المجتمع كمتابعي السِّناب، ولا يلتفتون لنوعية ومستوى صاحب الحساب والقِيَم التي يرتكز عليها من خلال تسنيبه، ولا يُقِيمون وزناً لعقليات المتابعين ومستوياتهم الثقافية مقابل وصول إعلانهم لأكبر رقم من المشاهدة، والحسابات الجادة الرزينة يقل متابعوها وبالغالب لا تقبل الإعلان، فكلما كثر استهبال وسذاجة وتدني مستوى صاحب الحساب يكثر عدد متابعيه من أمثاله ومن البسطاء ممن يحسبون أن منتهى الظرف والوناسة يكمن بمثل هذه الحسابات، وهي – بواقعها الملموس – لا تقدم سوى الغث من الأفكار المكررة والمبتذلة أحياناً، وبما يُكرِّس بعقول الصغار والناشئة ضحالة الفكر ورديء الثقافة والمعارف، وينحدر بهم إلى مستويات سحيقة من نابئ العبارات والجُمل وأقذع المفردات، وهذه تُعد خسارة للمعلن الذي تتبَّع الأرقام دون مستويات العقول المُتلقية للإعلان فهي لن تُقْبِل على البضاعة، بل ربما ضجروا من الإعلان وعدُّوه كسراً لاندماجهم مع سذاجات المُسنِّب المستظرف.

وبناءً على هذا الاستنتاج فإني أدعو جهات الاختصاص بالشأن الإعلامي لتقييد وضبط إعلانات السناب وما يماثلها بما يتواءم مع واقع حال مملكة الحزم وبما ينصف الصحف المحلية ويُعوِّض ضررها بهذا المجال

عن الزميلة الجزيرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock