أخبار الاقتصادالأخبار

رئيس النقد العربي: التوترات التجارية بين الاقتصادات الكبرى قد تؤدي لضعف النشاط الاقتصادي

تم النشر في الخميس 2019-04-25

أوضح الدكتور عبد الرحمن بن عبدالله الحميدي المدير العام رئيس مجلس الإدارة صندوق النقد العربي انه بالرغم من استقرار معدل نمو الاقتصاد العالمي المُسجل في عام 2018 عند مستوياتٍ قريبةٍ من تلك المحققة خلال عام 2017 -الذي شهد تسارعاً واضحاً في زخم التعافي الاقتصادي- إلا أن هناك ثمة بوادر ظهرت خلال النصف الثاني من العام الماضي أشارت إلى احتمال ضعف النشاط الاقتصادي في ظل تصاعد حدة التوترات التجارية بين الاقتصادات الكبرى

وقال خلال كلمته التي القاها في جلسة الاجتماعات السنوية المشتركة للهيئات المالية العربية في الكويت اليوم تمثل الاجتماعات السنوية للمؤسسات المالية العربية المشتركة على الدوام، مناسبةً طيبةً وفرصةً هامةً للتشاور بين وزراء المالية والاقتصاد والتخطيط ومحافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية ورؤساء المؤسسات المالية العربية، حول كيفية تطوير أداء العمل الاقتصادي والمالي العربي المشترك، في ضوء المستجدات التي تشهدها المنطقة العربية وما تواجهه الاقتصادات العربية من تحديات.

وأضاف : لا يخفى عليكم أن التطورات الاقتصادية الإقليمية والدولية تستدعي استمرار العمل على الارتقاء بالتعاون الاقتصادي العربي إلى المستوى الذي يتناسب مع التطلعات ومع طبيعة المرحلة التي تمر بها اقتصادات دولنا العربية. مشيرا الى مخاوف بشأن تداعيات الارتفاع الكبير لمستويات المديونيات العامة، وظروف عدم اليقين بشأن السياسات وهو ما انعكس على أنشطة التجارة والاستثمار والتصنيع في الدول المتقدمة والنامية على حد سواء. بناء عليه يتوقع صندوق النقد الدولي تراجع معدل نمو الاقتصاد العالمي إلى مستويات تبلغ نحو 3.5 في المائة عام 2019 مقارنة بنسبة بلغت 3.6 في المائة عام 2018، فيما يتوقع أن يعاود النمو الاقتصادي العالمي الارتفاع مجدداً إلى 3.6 في المائة عام 2020.

وأضاف أن هذه التطورات سيكون لها انعكاسات مهمة على الاقتصادات العربية خلال الفترة المقبلة. فمن جهة، من المتوقع أن يتراجع معدل نمو حجم التجارة الدولية إلى مستويات تدور حول 3.5 في المائة خلال العام الجاري والمقبل وفق تقديرات البنك الدولي مقابل 3.8 عام 2018، وهو ما سينعكس على مستويات الطلب الخارجي الذي يسهم بنحو 43 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلدان العربية كمجموعة، لاسيما فيما يتعلق بالأثر المتوقع لتباطؤ اقتصادات مجموعتي الدول الآسيوية والاتحاد الأوروبي اللتان تستوعبان نحو 53 في المائة من الصادرات العربية الإجمالية.

من جانب آخر، من شأن استقرار الأسعار العالمية للنفط عند مستويات منخفضة نسبياً أن تؤثر على اقتصادات الدول العربية حيث ستنعكس على مستوى الصادرات والإيرادات النفطية التي ورغم انخفاض أهميتها النسبية إلى نحو 32 في المائة ونحو 43 في المائة من إجمالي الصادرات والإيرادات على التوالي، مقارنة بمستوى يقارب 70 في المائة من إجمالي حصيلة الصادرات والإيرادات قبل انخفاض الأسعار العالمية للنفط بنهاية عام 2014، إلا أنها تظل أحد العوامل الأساسية المؤثرة على مستويات الإنفاق العام، والسيولة المصرفية، والائتمان الممنوح، والاستثمارات المُنفذة في الدول العربية المُصدرة للنفط.

إضافة لما سبق، فإن الزيادة المتنامية في مستويات المديونية العالمية التي بلغت حالياً نحو 184 تريليون دولار بما يمثل نحو 224 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وارتفاع متوسط نصيب الفرد من المديونية العالمية إلى نحو 84 ألف دولار، وهو ما يزيد عن ضعف متوسط نصيب الفرد من الدخل العالمي وفق بيانات صندوق النقد الدولي، تفرض العديد من التحديات على بلدان العالم المتقدم والنامي على حد سواء.

تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن معدلات المديونية في البلدان النامية واقتصادات الأسواق الناشئة قد تضاعفت بنحو تسع مرات خلال السنوات العشر الأخيرة، وهو ما يشكل أحد أهم التحديات التي تواجه اقتصادات هذه البلدان خاصة في ضوء الانعكاسات المحتملة لعودة السياسة النقدية في الاقتصادات المتقدمة إلى مساراتها التقليدية خلال السنوات المقبلة، وهو ما سيكون له انعكاسات كبيرة على أسعار الفائدة الدولية وسوف يؤدي إلى انتقالات رؤوس الأموال من بعض الأسواق الناشئة بحثاً عن ملاذات آمنة، كما سيفرض أبعاداً جديدة لوضع المديونية وقد يؤدي إلى أزمات تتعرض لها أسعار الصرف والفائدة في بعض هذه البلدان.

بالنسبة لدولنا العربية، فإن تحدي تزايد معدلات المديونية على وجه الخصوص يعتبر من بين أبرز التحديات التي تواجه اقتصاداتنا العربية في ظل الارتفاع الذي شهدته معدلات الدين العام التي بلغت مؤخراً نحو 117 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية المقترضة، وتخطي مؤشرات المديونية المحلية والخارجية المستويات الآمنة في عدد من الدول العربية، وهو ما يبرز أهمية احتواء مسارات الدين العام وضمان تحركه في مستويات قابلة للاستدامة.

وأضاف : شهدت الاقتصادات العربية ارتفاعاً ملموساً لمعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في عام 2018 ليصل إلى نحو 2.5 في المائة وفق التقديرات الأولية لصندوق النقد العربي بالمقارنة مع نمو بحدود 1 في المائة فقط في عام 2017. جاء ارتفاع وتيرة النمو على خلفية استفادة الاقتصادات النفطية من الزيادة التي شهدتها كميات الإنتاج النفطي خلال النصف الثاني من العام الماضي في إطار اتجاه منظمة الأوبك إلى تخفيف العمل بقرار تعديل كميات الإنتاج بهدف تقليل الضغوطات السعرية التي شهدتها أسواق النفط الدولية خلال تلك الفترة.

كذلك عزز الارتفاع المُسجل في أسعار النفط العام الماضي بنسبة 33 في المائة من أوضاع الموازنات العامة في عدد من هذه الدول ومكنها من مواصلة الإنفاق الحكومي على مشروعات البنية الأساسية والتنويع الاقتصادي، وبالتالي مواصلة القطاعات غير النفطية في عدد من هذه الدول تحقيق وتيرة نمو معتدلة. بناء على ما سبق ارتفع معدل نمو الدول العربية المصدرة للنفط إلى 1.8 في المائة في عام 2018 مقارنة مع انكماش بنسبة 0.3 في المائة في عام 2017.

من جانب آخر، كانت الاقتصادات المستوردة للنفط مسؤولةً عن جانب مهم من الارتفاع المُسجل في معدل نمو الدول العربية كمجموعة خلال عام 2018، في ظل ارتفاع معدل نمو بلدان المجموعة إلى 4.1 في المائة، على خلفية الإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها هذه البلدان بهدف تعزيز الاستقرار الاقتصادي، واستعادة التوازنات الداخلية والخارجية التي ساهمت في عدد من هذه البلدان في توفير موارد مالية داعمة للنمو، وعملت على حفز الاستثمارات والصادرات وبالتالي دعم مستويات الطلب الكلي.

من المتوقع وفق التقديرات الأولية لصندوق النقد العربي تسجيل الدول العربية نمواً يدور حول مستوى 3.1 و3.4 في المائة على التوالي خلال عامي 2019 و2020، بما يعكس الأثر الإيجابي لمضي عدد من البلدان العربية المصدرة للنفط قدماً في تنفيذ الاستراتيجيات والرؤى المستقبلية الرامية إلى زيادة التنويع الاقتصادي، والإصلاحات الرامية إلى زيادة مستويات جاذبية بيئة الأعمال وحفز الاستثمارات المحلية والأجنبية. كذلك من المتوقع أن يستفيد النمو المسجل على مستوى الدول العربية كمجموعة العام الجاري والمقبل من سعي الدول العربية المستوردة للنفط، وبعد تحقيق بعضها لنجاحات ملموسة على صعيد الاستقرار الاقتصادي الكلي، إلى التركيز بشكل أكبر على إصلاحات الوصول إلى النمو الاحتوائي مرتفع الوتيرة، مع ما يستلزمه ذلك من تبني سياسات

إضافة إلى التحديات التي تفرضها انعكاسات البيئة الدولية على الاقتصادات العربية التي سبق الإشارة إليها، لا يفوتني أن أشير إلى عدد من التحديات التي تواجه البلدان العربية التي يأتي على رأسها ارتفاع معدل البطالة في الدول العربية إلى ما يشكل نحو ضعف معدل البطالة العالمي، وهو ما يٌعزى كما تعلمون إلى النمو المتسارع للقوى العاملة بما يفوق قدرة الاقتصادات العربية على توفير فرص العمل، ونسق النمو في الدول العربية الذي يعد غير موفر للتشغيل بالقدر الكافي، وعدم الموائمة ما بين احتياجات سوق العمل ومخرجات التعليم وما يترتب عليه من وجود فجوة في العمالة الماهرة، وهيكلية أسواق العمل وبيئات الأعمال وما يعنيه ذلك من تفضيل العمل بالقطاع العام على القطاع الخاص، والعمل في القطاع غير الرسمي، والتحديات المرتبطة بصعوبة تأسيس المشروعات.

يزيد من حجم التحديات التي يفرضها ارتفاع معدلات البطالة في المنطقة العربية تركزها في أوساط الشباب، حيث بلغ معدل بطالة الشباب في الدول العربية نحو 26 في المائة في عام 2018، وهو ما يعادل نحو ضعف معدل بطالة الشباب على مستوى العالم البالغ نحو 13 في المائة وفق بيانات البنك الدولي. من جانب آخر ترتفع مستويات بطالة الشباب بشكل كبير بين أوساط الإناث في الدول العربية إلى نحو 40 في المائة مقابل 15 في المائة للمتوسط العالمي، وهو ما يحد من آفاق النمو في الدول العربية ويضعف من الطاقات الانتاجية الحالية.

في هذا الإطار، من المتوقع زيادة معدل نمو العمالة والسكان النشيطين اقتصادياً لعقود قادمة، نتيجة لتأثير النمو السكاني السريع في العقود الثلاثة الماضية، حيث ستشهد المنطقة العربية أكبر نمو لشريحة السكان من الشباب في تاريخ العالم العربي، وبالتالي زيادة مستويات عرض العمالة بشكل كبير. وفي حال استمرار نسق النمو والتشغيل الحالي، ستستمر بطالة الشباب كأكبر تحدي اقتصادي واجتماعي يواجه المنطقة حتى عام 2040، حيث يتوقع وفق تقديرات صندوق النقد العربي أن ترتفع معدلات البطالة بين أوساط الشباب من مستواها الحالي البالغ نحو 26.1 في المائة إلى نحو 49 في المائة في عام 2040.

ستفرض التحولات العالمية أبعاداً أكثر تعقيداً لتحدي البطالة في الوطن العربي، حيث من المتوقع في إطار التقنيات المصاحبة للثورة الصناعية الرابعة وما سيتتبعها من أتمتة عدد من الوظائف أن يؤدي ذلك إلى خسارة صافية في العمالة غير الماهرة بما يتراوح بين 25 و50 في المائة.

تجدر الإشارة إلى تحدي آخر على جانب كبير من الأهمية بالنسبة للبلدان العربية، يتمثل في قدرة الحكومات العربية على توفير التمويل اللازم للوفاء بأهداف التنمية المستدامة 2030، في ضوء التقديرات التي تشير إلى أن البلدان النامية تواجه فجوةً تمويليةً للوفاء بأهداف التنمية المستدامة تقدر بنحو 2.5 تريليون دولار سنوياً بناءً على تقديرات الأمم المتحدة.

فرغم نجاح البلدان العربية كمجموعة في تسجيل عدد من النجاحات التي تشير إليها المؤسسات الدولية على صعيد تحقيق عدد من الأهداف الإنمائية للألفية السابقة، إلا أن المنطقة لا تزال تواجه تحديات ملموسة في هذا المجال لاسيما على صعيد خفض معدلات الفقر المُدقع، حيث لم تتمكن دولنا العربية من تحقيق هدف القضاء على الفقر المدقع المتضمن في الأهداف الانمائية للألفية بحلول عام 2015، وكانت المنطقة الوحيدة على مستوى العالم التي ارتفعت فيها معدلات الفقر المدقع، ناهيك عن ارتفاع نسبة سكان الدول العربية تحت خط الفقر الدولي إلى ما يمثل نحو 40 في المائة من سكان الدول العربية.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock