تم النشر في الأثنين 2016-12-19
معتصم الفلو
يسود شعور لدى المستهلك السعودي بأنه “مظلوم”، وهو محق إلى حد كبير، فهو يدفع أثمانًا كبيرة، مقابل خدمات لا ترقى إلى المستوى المطلوب. ليس هذا فحسب، فعندما يتورط هذا المستهلك في مشكلة ما، ويريد أن يتقدم بشكوى إلى أحد البنوك أو شركات الاتصالات أو أي من مزودي الخدمات، فإنه سيشعر في أغلب الأحياء أنه يتحدث إلى أشخاص ليس في يدهم شيء ليقدموه، بل إنهم مجرد ديكور للفضفضة وامتصاص غضب العميل من أجل “السحب” عليه في وقت لاحق أو حل المشكلة حسبما يتيح وقتهم، لا وقت العميل، الذي لاقيمة له عند أغلبهم!
تبدأ رحلة الشكوى عبر الاتصال بمراكز خدمات العملاء، حيث تؤخذ التفاصيل ويحدد نوع الشكوى، ثم يمنح العميل رقمًا للمتابعة. وإذا كان محظوظًا بدرجة كافية، فإنه يحصل على موعد لحل الشكوى، وهو ما لا يحصل في أكثر الأحيان. ويبدو أن مديري تلك الأقسام، يدربون الموظفين على تحمل السباب والألفاظ النابية التي تخرج من أفواه المستهلكين عندما يطفح بهم الكيل. فلا مواعيد تحترم ولاحلول ممكنة إلا في الحد الأدنى، بل إن المستهلك مطالب بمتابعة شكواه والإلحاح في الاتصال وكأنه يستجدي الخدمة، وليس هو الذي يدفع أجزاءً معتبرة من دخله لمزودي الخدمات!
أذكر في إحدى المرات أنني لم أحصل على نقاط برنامج ولاء العملاء لأحد البنوك السعودية، نظير استخدام بطاقتي الائتمانية. وعندما اتصلت بخدمة العملاء لدى برنامج الولاء، وجدتهم يلقون بكامل اللوم على البنك في وقوع تلك المشكلة. فقررت بكل براءة التوجه بالشكوى إلى البنك، فإذا بالبنك يتبرأ من المسؤولية براءة الذئب من دم ابن يعقوب، ويعتبر أن الحق على برنامج الولاء؛ باعتباره مزود الخدمة وأن البنك أوكل مهمة إضافة النقاط إلى ذلك المزود، ولا دخل للبنك على الإطلاق فيما يفعله مزود الخدمة “المقصر”.
وهنا ضاعت المسؤوليات، ودخلت في التيه ولم أعرف كيف أرفع الضيم الذي وقع علي.
وعندها، قررت كتابة شكوى عبر البريد الإلكتروني، جمعت فيها البنك مع مزود الخدمة في رسالة واحدة، وقلت لهم “تفاهموا مع بعض”، وأرجعوا لي النقاط “المسلوبة”. فرد علي كل منهم بمفرده، برقم جديد للشكوى؛ دون أن يكلفوا أنفسهم عناء البحث “المشترك” للوصول إلى حل. وأحمد الله أن النقاط عادت بعد شهرين ونصف من الأخذ والرد.
ويبدو أن لب المشكلة يكمن في المركزية الشديدة بعدم منح صلاحيات كافية لمراكز الاتصال في أقسام خدمات العملاء، إلى جانب ضعف التنسيق بين الأقسام المختلفة وجهل موظفي تلك المراكز أحيانًا بالشخص الواجب توجيه الشكوى إليه مع غياب الشفافية في إخبار المستهلك المشتكي بالأسباب التي تقف وراء الخلل المؤدي لتردي الخدمة أو عدم حصول المستهلك على كامل حقوقه.
من جهة أخرى، على العميل أن يطالب بموعد نهائي (deadline) لحل مشكلته، فهذا حقه الطبيعي، وأن يعرف كذلك الجهة الحكومية التي يجب أن يتوجه إلى في حال عدم تحقيق مراده.
ليس بالضرورة أن يكون الزبون دائمًاعلى حق. فقط امنحونا حقوقنا كاملة مثلما أنتم حريصون على تحصيل حقوقكم حتى آخر قرش!