خبز الباغيت الفرنسي التقليدي يحتفل بعيده
تم النشر في الثلاثاء 2019-05-14
يصحو الخباز الفرنسي جان إيف بولييه عند الثانية من صباح كل يوم وأول ما ينظر إليه هو حالة الطقس .. فهو عنصر أساسي لنجاح خبز الباغيت الفرنسي الذي تأمل فرنسا في إدراجه العام 2021 على قائمة التراث العالمي للبشرية التي تعدها اليونسكو. ويقول بولييه “يعتمد صنع الباغيت الفرنسي بشكل كبير على الطقس ويجب الأخذ في الاعتبار درجة حرارة العجين والماء والمخبز”. وليكون مثاليا يجب أن يكون المخبز دافئا ولكن ليس أكثر من 22 درجة ورطبا ولكن ليس أكثر من اللازم وإلا فإن العجين يتفكك والخبز يجف. دقيق وماء وخميرة وملح : الوصفة بسيطة لكن ليس من السهل صنع جوهرة المطبخ الفرنسي هذه التي يحتفل بها في البلاد خلال مهرجان الخبز التقليدي بين 13 مايو و 19 منه. ويتطلب صنع هذا الخبز العجن البطيء والتخمر الطويل والتشكيل اليدوي والخبز في فرن الموقد وكل هذا يحتاج إلى إلمام ومهارات على ما يشرح المتخصصون.
ويوضح بولييه من مخبز “مولان دو لا كروا نيفير” في باريس “سر الخبز الفرنسي المثالي : الكثير من الوقت والتخمر البطيء. فيجب عجن الخبز الفرنسي التقليدي في اليوم السابق ووضعه في حوض لوقت يراوح بين 18 و 24 ساعة مع قليل من الخميرة وهذا الأمر يسمح له بالحصول على النكهة”. أما تعريفه لخبز الباغيت الفرنسي المثالي فهو أن يكون “يتمتع بثقوب كثيرة وهشا مع لب طري وطعم ظاهر”. والباغيت التي تعتبر رمزا من رموز فرنسا هي منتج حديث نسبيا ويتطور باستمرار. ويقول لويك بيانازي من المعهد الأوروبي لتاريخ الأغذية وثقافاتها لوكالة فرانس برس “ظهرت كلمة “باغيت” في مطلع القرن العشرين وأصبحت شائعة بين الحربين العالميتين. في البداية كان يعتبر الخبز الفرنسي منتجا فاخرا إذ كانت الطبقات الشعبية تأكل الخبز الريفي الذي يخزن بشكل أفضل. ولاحقا أصبح استهلاكه شائعا بين كل الطبقات الاجتماعية”.
في العام 1993 فرض “مرسوم الخبز” اسم “الباغيت التقليدي الفرنسي” بهدف حماية الخبازين الحرفيين وفي الوقت نفسه فرض شروط صارمة للغاية تحظر استخدام المواد المضافة. ويخبر جان-إيف بولييه الذي يخبز الباغيت طوال اليوم “في 1988 في بداية مسيرتي المهنية لم نكن نخبز الباغيت بعد الظهر. في العام 1993، قمنا بإعادة نظر وان نتطور لمجاراة المتاجر الكبرى”. ويباع الخبز الفرنسي “الشائع” أو “التجاري” بأقل ببضع سنتات من “التقليدي” إلا أنه لا مجال للمقارنة بين طعميهما. ويضيف بولييه “أستيقظ في الثانية صباحا وأبدأ تقسيم العجين الذي حضرناه في اليوم السابق حتى الخامسة ثم أشكله وأبدأ خبزه في الخامسة والنصف لنفتح المخبز في السادسة والنصف. نستمر في الخبز حتى التاسعة صباحا للمدارس ثم نبدأ إعداد العجين لليوم التالي. ينتهي يومي حوالى الأولى والنصف بعد الظهر”. ورغم أن الأفران الفرنسية تنتج سنويا 6 بلايين باغيت فإن هذا الخبز الفرنسي مهدد بالعولمة والتغييرات في العادات الغذائية.
ويشير بولييه الذي يتطلع إلى احتمال إدراج الخبز الفرنسي في قائمة التراث العالمي للبشرية التي تعدها اليونسكو إلى أن “استهلاك الباغيت الفرنسي انخفض بشدة منذ 15 سنة تقريبا”. واستهلاك الباغيت الفرنسي يتراجع خصوصا في صفوف الأثرياء الذين يختارون الخبز بالخميرة وفقا لما قاله بيانازي. ويضيف هذا المؤرخ الذي يشكل جزءا من اللجنة المكلفة إعداد الملف لتقديمه لليونسكو “حلت الحبوب مكان السندويشات وغالبا ما لا يتناول المراهقون وجبة الفطور، كما أن الهامبرغر يأخذ محل سندويتشات الزبدة واللحم المقدد التقليدي”. ويشدد عالم الاجتماع الغذائي إريك بيرلويز وهو أحد أعضاء اللجنة نفسها على الشق الاجتماعي لخبز الباغيت الفرنسي ويقول “12 مليون فرنسي يدخلون أبواب المخابز وهي مكان تلتقي فيه جميع الأجيال”.