بوادر بداية العصر الجديد للتنقّل
تم النشر في الخميس 2019-12-19
ماثيو ديفيدسون
لا شك أنّ سيارات اليوم أصبحت أكثر فاعلية بكثير مما كانت عليه قبل 10 سنوات، إلا أنّنا لا نزال تقليديين في استخدامنا لها بغرض التنقل، بحيث تقبع السيارة في المعتاد دون حراك بنسبة 95 بالمائة من اليوم في المتوسط. لكن مع التحوّل الهائل في وسائل النقل على مدى السنوات الخمس الماضية، من المنتظر أن تشهد صناعة السيارات تغيّراً جذرياً في السنوات المقبلة. ويُساهم الطلب المتزايد على السيارات الكهربائية بين المستهلكين، فضلاً عن التطوّر المستمر في تقنيات القيادة الذاتية في دفع الطلب السوقي لإحداق تغييرات في البنى التحتية حول العالم.
وفي حال استمرار التطوّر بالوتيرة عينها، من المرجح أن تشهد السنوات الـ 10 المقبلة تحولاً كاملاً إلى السيارات الكهربائية وذاتية القيادة. إلا أنّ ذلك مرهون بالتغييرات الكبيرة في البنية التحتية.
لطالما كانت دولة الإمارات العربية المتحدة في طليعة قيادة التغيير في المنطقة وهي داعمة لتطوير سوق السيارات الكهربائية ذاتية القيادة. إذ تسعى الحكومة إلى تحويل 20 بالمائة من أسطولها إلى سيارات كهربائية بحلول عام 2020، ودخول 42 ألف سيارة كهربائية إلى شوارعها بحلول عام 2030. إضافة إلى ذلك، بدأت الحكومة مؤخرًا المرحلة الأولى من وضع إطار تشريعي لضمان أعلى مستويات الكفاءة والموثوقية والتنقل الذكي، مع قواعد جديدة للسيارات ذاتية القيادة.
وحالياً، تُشكل التكلفة الأولية العالية لشراء سيارة كهربائية، والعدد القليل من محطات الشحن الموزعة في دبي، وانخفاض الإدراك العام بمدى سهولة استخدام وصيانة السيارات الكهربائية عوائق أمام اعتماد هذه السيارات بشكل كبير من قبل المستهلكين مقارنة بمدن رئيسية أخرى حول العالم. ومع وجود نسبة كبيرة من المقيمين في المباني السكنية، فإنّ القدرة على الوصول إلى محطات الشحن محدود أيضاً.
على الرغم من ذلك، تعمل الحكومة جدياً بهدف تسهيل امتلاك السيارات الكهربائية. ففي العام الماضي، قامت هيئة كهرباء ومياه دبي بتركيب 100 محطة شحن كهربائية للسيارات في دبي، ليصل عددها الإجمالي إلى 200 محطة. ومن المتوقع استمرار نموّ هذا الرقم، وأن يُساهم المطوّرون العقاريون بهذه الجهود عبر تثبيت محطات الشحن في مشاريعهم الجديدة. تُعدّ جميع هذه المشاريع كخطوات إيجابية نحو تشجيع اعتماد السيارات الكهربائية.
لكن ما الذي يعنيه ذلك بالنسبة لسوق السيارات المستعملة؟ يعتمد حجم المبيعات على مدى نضوج البنية التحتية تماماً مثل أي سوق آخر. ومع استمرار تطور هذه البنية التحتية، سنشهد نمواً تدريجياً لسوق السيارات الكهربائية. وبطبيعة الحال، نتوقع ظهور السيارات الكهربائية المملوكة مسبقاً في السوق المستعملة خلال السنوات الخمس القادمة.
وكل ذلك يُساهم في تطوّر قطاع النقل. فزيادة اعتماد السيارات الكهربائية يسير جنباً إلى جنب مع دعم السيارات ذاتية القيادة، وسيبدأ الأشخاص في تشارك السيارات، ما سيغيّر من قواعد الملكية التي نعرفها اليوم، وبالتالي تقليل كلفة التنقل. وبطبيعة الحال، إنّ إطلاق تقنية الاتصال من الجيل الخامس (5G) من شأنها أن تلعب دوراً كبيراً من جعل الأتمتة واقعاً ملموساً.
وتهدف دبي إلى تطبيق استراتيجيتها للتنقل الذاتي على 25 بالمائة من إجمالي وسائل النقل في المدينة بحلول عام 2030. ومن المتوقع أن ينتج عنها 22 مليار درهم كعائدات إقتصادية سنوية عبر مختلف القطاعات، من خلال خفض تكاليف النقل، وانبعاثات الكربون، والحوادث، وزيادة إنتاجية الأفراد، بالإضافة إلى توفير مئات الملايين من الساعات الضائعة في النقل التقليدي.
ويتم الإشادة بدبي، على وجه الخصوص، على المستوى العالمي كمدينة مناسبة للسيارات ذاتية القيادة نظراً لبنيتها التحتية المتميّزة للطرق.
لا بُدّ من ذكر أنّه ثمة إمكانات كبيرة تنتظر تفعيلها للحد الأقصى، فعبر تشارك الجمهور للسيارات الكهربائية ذاتية القيادة بالكامل سنكون قادرين على جعل النقل أكثر فعالية وكفاءة، بالإضافة إلى إتاحة النقل الصديق للبيئة للجميع، ما يعد ببدء عصر جديد للتنقل.
* رئيس قسم خدمات السيارات في دوبيزل