تم النشر في الأحد 2017-09-17
يكتبها : أولي هانسن
شهد هذا الأسبوع تداول السلع دون أي مكاسب أو خسائر، في حين قوبلت الزيادة الأسبوعية الثالثة للطاقة بعمليات جني الأرباح بالنسبة للمعادن الثمينة والصناعية على حد سواء. وتمثلت بعض العوامل الرئيسية المسببة لهذه التطورات في زيادة الطلب على النفط وارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة وأزمة الصواريخ الكورية الشمالية والبيانات الاقتصادية الضعيفة القادمة من الصين.
ومثل انخفاض قيمة المعادن السبب الجزئي لانتعاش الدولار بعد بلوغه أدنى مستوياته خلال عامين ونصف العام. وعلى أقل تقدير، كانت مسألة تثبيت الأسعار ناجمةً بشكل جزئي عن المحور السياسي الذي ينتهجه الرئيس ترامب بشأن عقد الصفقات مع القيادة الديمقراطية للكونجرس الأمريكي. ولم يكتف هذا الأمر بزيادة آفاق تجاوز ترامب للفترة الحرجة السابقة فحسب، بل أشارت إلى أنه قد يكون قادراً على إعادة تفعيل جهوده في مجال الإصلاح الضريبي والإنفاق على البنية التحتية. ومن منظور الدولار الأمريكي، يمكن أن يتمثل العامل الأكثر أهميةً بأي اتفاقية حول استرداد أرباح الشركات الأجنبية.
وبصرف النظر عن تنامي قوّة الدولار، فقد تسببت عدة أسابيع من قيام الصناديق بشراء الذهب والنحاس في انكشاف كل من المعدنين اللذين واجها التحديات في ظل الارتفاع المفاجئ لمعدلات التضخم الأمريكية وانخفاض البيانات الاقتصادية الصينية. وبدا ملاذ التداول الآمن هذا متعباً بعد أن فشل التصعيد الأخير للاضطرابات الجيوسياسية في رفع قيمة الذهب والين الياباني. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، فرض مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة عقوبات إضافية على كوريا الشمالية، لترد “المملكة المعزولة” بإطلاق صاروخ آخر فوق أجواء اليابان.
وسجلت المعادن الصناعية بما يشمل النحاس تراجعاً في الأداء بعد ربع قوي شهد ارتفاع ’مؤشر بلومبيرغ للمعادن الصناعية‘ بواقع حوالي 25%. وتزامن ارتفاع أسعار المعادن الصناعية منذ شهر مايو مع ارتفاع سعر اليوان الصيني الذي استمر حتى هذا الأسبوع، عندما قام صناع السياسات الصينيون بتخفيف القوانين منذ شهر أكتوبر 2015 من أجل تثبيط المضاربة ضد اليوان.
وساهم تراجع اليوان الصيني المتزامن مع تحسّن الدولار في إضفاء مزيد من الضعف على المشهد، جنباً إلى جنب مع مجموعة من بيانات مبيعات التجزئة والإنتاج الصناعي الصينية الأضعف. وسجلت رهانات الصناديق الصاعدة أعلى مستوى لها على الإطلاق، في حين يمكن للضغط الناجم عن التصفية الطويلة أن يتسبب في تراجع النحاس عالي الجودة إلى مستوى 2.91 دولار للرطل أو من المحتمل حتى أن ينخفض إلى مستوى 2.83 دولار للرطل.
وسجل خام غرب تكساس مستوىً أعلى من التداول للأسبوع الثاني ليتعافى بشكل كامل من أنشطة البيع التي جاءت بسبب انهيار مستويات الطلب الناجم عن توقف عمل المصافي في أعقاب إعصار هارفي. ورسمت تقارير سوق النفط الشهرية الصادرة عن كل من منظمة ’أوبك‘ ووكالة الطاقة الدولية صورةً أكثر ثراءً للنفط، مع ارتفاع مستويات نمو الطلب وفائض العرض العالمي لإمدادات النفط والوقود، وذلك بفضل اقتراب جهود تقليص الإنتاج من قبل الدول الأعضاء وغير الأعضاء (بشكل رئيسي روسيا) في منظمة ’أوبك‘ من بلورة اتجاه طويل الأمد.
وبحسب أحدث تقارير سوق النفط الشهرية الصادرة عن المنظمة، قامت ’أوبك‘ بضخ 32.76 مليون برميل من النفط يومياً خلال الشهر الماضي. واستناداً إلى توازن العرض/ الطلب المتوقع لعام 2018، يمكن أن يتطلب الامر من ’أوبك‘ ضخ 32.8 مليون برميل يومياً. وعلى هذا الأساس، فإنّه ليس من المستغرب أبداً أن أعضاء منظمة ’أوبك‘ أطلقوا بالفعل لمناقشة علنية تتناول مسألة الحاجة إلى التمديد بعد انتهاء الاتفاقية الحالية في مارس القادم.
ومن شأن قرار كهذا أن يتسبب في حدوث مشاكل داخلية ناجمة عن رغبة بعض الدول المنتجة بزيادة الإنتاج والإيرادات، ولكن من المفترض أن يتشكّل ممر آمن كنتيجة للمخاطر المرتبطة بمسألة حدوث انخفاض حاد في الأسعار في حال الفشل في تمديد الاتفاقية.
وألحقت مسألة تراوح سعر خام غرب تكساس الوسيط عند مستوى 50 دولاراً للبرميل أو أدنى الضرر بقدرة منتجي النفط الصخري الأمريكي على مواصلة زيادة الإنتاج. وتشير تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إلى بلوغ عمليات الإنتاج الأمريكية معدل 9.3 مليون برميل يومياً خلال عام 2017 وازديادها لتبغ معدل 9.8 مليون برميل يومياً خلال عام 2018، وهو ما يمثل انخفاضاً طفيفاً عن التحديثات الأخيرة. وساعد ارتفاع سعر خام غرب تكساس الوسيط على دعم عمليات التحوط لمنتجي النفط الصخري الأمريكي، والتي يتطلب معظمها مستوى أسعار عند 50 دولاراً للبرميل أو أكثر من أجل الحفاظ على الإنتاج، ناهيك عن زيادته.
ويسلط تقرير المخزون الأسبوعي الصادر عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية الضوء على الأثر الكبير الذي خلفه إعصار هارفي على مركز الطاقة الهام على طول خليج تكساس. وارتفعت مخزونات النفط الخام، في حين تراجعت مخزونات البنزين خلال الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوياتها منذ عام 1990.
وترى إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن ساحل خليج تكساس ينطوي على أهمية مماثلة تقريباً لمضيق هرمز:
“لفترة طويلة من الزمن، مثّل ساحل خليج تكساس مركزاً للإنتاج وعمليات التكرير؛ أما اليوم، فقط أصبح يمثل مركزاً تجارياً عالمياً هاماً يشهد تصدير أكثر من 4 ملايين برميل يومياً من المشتقات النفطية و0.8 مليون برميل يومياً من النفط الخام. وفي ظل التوقعات التي تشير إلى ارتفاع حجم الصادرات الامريكية، لن تشهد أهمية ساحل الخليج إلا المزيد من النمو المتواصل. وتعني مسألة بروز ساحل خليج المكسيك كمركز هام للطاقة إمكانية مقارنته في بعض النواحي مع مضيق هرمز على صعيد تلك العمليات الاعتيادية التي غدت هامةً لدرجة لا يُسمح لها بأن تفشل”.
ويعتبر المسار المتراجع في خام برنت متسقاً مع حالة التضيّق التي تشهدها سوق النفط العالمية، في حين يعتبر تراجع خام غرب تكساس الوسيط متسقاً مع فائض العرض المحلي للنفط الخام، والناجم عن توقف أعمال التكرير وإغلاق محطات التصدير. وكنتيجة لذلك، ارتفعت أفضلية السعر التي يمتلكها خام برنت على خام غرب تكساس الوسيط فوق مستوى 5 دولارات للبرميل، ولكن بمجرد أن يبدأ تأثير الأعاصير بالزوال، ينبغي أن نشهد بداية تضيق فارق السعر. وفي هذه الأثناء ما زلنا لا نستطيع التكهن إذا ما كانت أسعار خام برنت هي من ستهبط إلى مستوى أسعار خام غرب تكساس الوسيط، أم سترتفع أسعار الأخير لتصل إلى مستوى الأول، أو حتى مزيجاً من الحالتين، فهذا ما ستشهده المرحلة القادمة.
وقد تجذب التوقعات الفنية والأساسية المحسنة للنفط الخام بعض عمليات تغطية المراكز المكشوفة الإضافية وعمليات الشراء على المدى القصير، ولكن بعد المراجعة الكاملة لعمليات البيع خلال شهر أغسطس، مازلنا نشكك في إمكانية تحقيق المزيد من الارتفاع خلال هذه المرحلة، ولاسيما عند النظر إلى إمكانية زيادة البيع من قبل المنتجين.
واتجه الذهب نحو البيع بعد أن بدأ المتداولون بحجز الأرباح قبل مستوى المقاومة الرئيسي عند 1375 دولار للأونصة، وهو أعلى سعر مسجل خلال عام 2016. واستمرت حالة الضعف بعد ذلك حتى بداية تلاشي القوة الدافعة المتمثلة بضعف الدولار والأسهم وانخفاض عائدات السندات. وازدادت حالة الضعف مع بداية ترامب بالتصرف كرئيس فعلي وانخفاض حماسة المتداولين بشأن استفزازات كوريا الشمالية.
وانطلاقاً من المستوى المنخفض لشهر يوليو، ازداد سعر الذهب بمقدار 150 دولاراً في الأثناء ذاتها التي شهدت خلالها صناديق التحوط زيادةً بنسبة 10 أضعاف في الرهانات الآجلة الصاعدة لتسجّل مستوىً شبه قياسي. وخلال يوم الخميس، أظهرت بيانات وزارة العمل الأمريكية ارتفاعاً مفاجئاً في معدلات التضخم خلال الشهر الماضي، الأمر الذي زاد من احتمالات أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي بتشديد الخناق بصورة أكبر.
وفي مواجهة حزمة مقاومة بين 1337 و1342 دولار للأونصة، يعود الذهب مرةً أخرى إلى المواقع الدفاعية مع تحول التركيز مرةً أخرى إلى مستويات الدعم الحرج عند 1300 دولار للأونصة. وفي حين باتت عمليات إطلاق الصواريخ الكورية الشمالية تحظى بمستوىً أقل من الاهتمام، سيتغير هذا الأمر بسرعة كبيرة في حال بدأ الكوريون بتصويب الصواريخ على أي شيء آخر عدا المحيط.
وبالنظر إلى التراكم السريع لمراكز المضاربة المفتوحة طويلة الأمد، قد تميل المخاطر على المدى القصير لسلوك منحى هبوطي، ولكن في حين يمكن للتصفية الطويلة أن تخفض أسعار الذهب لتصل إلى الاتجاه الصعودي لشهر يوليو، لا تزال الأسباب الكامنة وراء الاحتفاظ بالذهب (كالتنويع والطلب على الملاذ الاستثماري الآمن) قائمة على حالها. ونحن نرى أن الضعف الراهن يميل لكونه مرحلة تريث أكثر من أن يكون تغييراً في الاتجاه.