الركود الاقتصادي وتداعياته
تم النشر في الثلاثاء 2020-02-25
الركود الاقتصادي بأبسط معانيه هو تراجع مفاجئ لاقتصاديات الدول جراء انخفاض الناتج المحلي الإجمالي لعدة أسباب، وما هو حادث اليوم هو بسبب وباء كورونا المستجد الذي طغى على كل الساحات، وانتشر هلعه في كل المحافل والأماكن، لا تكمن خطورته في كونه مُميت وقاتل متسلل وينتشر بسرعه، لبلد يصنف الأول في عدد السكان، الأول في حجم التبادل التجاري مع كافة البلدان، الأول في التصدير، الأول في التصنيع، وهذا ما يزيد الأمور صعوبة وتعقيد وهنا تتفاقم المشكلة، تخيل معي لو امتدّ هذا الوباء فعلياً داخل الصين واوقف أو خفض النشاط العام في الصين لن تتأثر لوحدها بل سيتأثر العالم أجمع حيث تشارك الصين بنسبة 12.5% من حجم التبادل التجاري العالمي حسب احصائيات العام 2018، وستتأثر الكثير من الدول ومن ضمنها المملكة العربية السعودية، التي بلغ حجم التبادل التجاري لنفس للربع الأول من العام الماضي 2019م بمقدار17.5مليار، أي أنه في العام قد بلغ 70 مليار دولار تقريباً، في حين أنحجم التبادل الصيني العربي قدر بأكثر من 233 مليار دولار لنفس العام، على الرغم أن ثلثي التبادل التجاري زاد خلال العام 2019 بسبب أنتهاج الصين لمجموعة من المبادئ تتثمل في ترسيخ الاحترامالمتبادل مع جميع الدول بخصوص السيادة ووحدة الأراضي، و عدم الاعتداء والتدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد، واعتماد مبدأ المساواة والمنفعة المتبادلة مع الدول، وتعزيز التعايش السلمي، كما أنها ابرمت الكثير من الاتفاقيات ضمن تلك المبادئ مع العديد من الدول، ومنها المملكة العربية السعودية فقد زاد حجم التبادل التجاري بين المملكة والصين بنسبة27% عن العام 2018م وخاصة بعد الزيارة التاريخية لولي العهد وظلت النسبة في ازدياد، إلا أنه ومنذ ظهور الوباء مع بداية 2020 تقلصت بعضها توقف للكثير من الأنشطة التجارية مما أثر على حجم التبادلالتجاري بين البلدين، حيث توزعت الواردات من الصين حسب إحصائيات موقع TRADEMAP للعام 2019م حيث كانت أهم المنتجات كنسبة مئوية كالتالي: 16.5% أجهزة ومعدات كهربائية، 11.2% آلات وأجهزة وأدوات آلية وأجزائها، 13.5% ملبوسات وأقمشة جاهزة ومنسوجات خام وأحذية، 8% آثاث منزلي وطبي وأجهزة إنارة، 5.3% حديد ومنتجاته، وبقية الواردات تمثلت بالسيارات والعربات والمنتجات الخزفية والورقية والمطاط والألومنيوم والزجاج والخشب والأجهزة البصرية والتصويرية والمراقبة، كما أن قطاع المواد الخام اللازم لتصنيع الأدوية يساهم بأكثر من 1% من حجم التبادل التجاري بين المملكة والصين، إلا أنه يمثل نسبة كبيرة لدى الولايات المتحدة الامريكية التي تعتمد بنسبة 80% من المواد الخام اللازمة لتصنيع الأدوية، وفي حال أمتد أمد الأزمة فإن الكارثة ستحل على العالم، وباءاً وركوداً اقتصادياً مستفحلاً، حتى وإن وجد البديل فسيكون أعلى سعراً وأقل سلاسة في كيفية التبادل، وستتكبد قطاعات كثيرة حول العالم كقطاع التصنيع والإنتاج والسياحة وصناعات الحديد وغيرها، ونحن أمام كل تلك المخاوففلا داعي لأطلاق التكهنات والتحليلات وربطها بالثواب والعقاب، نحن في مركب واحد وإن حدث ثغرة ما في المركب فسنغرق الكل.