الجمارك.. وآليات التطوير
تم النشر في الأثنين 2020-01-20
خالد الربيش
تدرك الهيئة العامة للجمارك طبيعة الدور المحوري الذي ينبغي أن تقوم به من أجل تطوير المشهد الاقتصادي للمملكة، كما تدرك أن هذا الدور يحتاج منها إلى مواكبة متطلبات رؤية المملكة 2030، وتنفيذ كافة البنود الخاصة بها في تلك الرؤية، ومن هنا حرصت الهيئة على الاستعداد التام والمبكر للمرحلة المقبلة، من أجل الارتقاء بأدوات العمل وخططه وبرامجه، حتى تكون عنصراً فعالاً ومتطوراً في مجالاتها.
ومن خلال متابعتي لنشاط الهيئة العامة للجمارك خلال السنوات الخمس الماضية، أجد أنها كانت على الدوام ملتزمة بمراجعة برامجها ونشاطاتها والأنظمة والقوانين التي تتبعها، وتعمل على تطويرها وتحسينها، بما يتلاءم ويتماشى مع مطالب مستوردي السلع كافة، وتهدف الهيئة من وراء ذلك، تخفيف الاشتراطات والمطالب أمام فئة التجار من المستوردين، وسرعة الإفراج الجمركي عن البضائع والسلع المستوردة دون تعقيد أو إشكاليات من أي نوع.
وتأكيداً على هذه الأهداف، يحتفظ سجل الهيئة بعدد وافر من الإجراءات والمبادرات التي تعمل على تطوير الأداء العام لها، لعل آخرها مبادرة “التصحيح الذاتي”، التي استقبلت بها العام الجديد (2020)، واعتمدت الهيئة فيها على استطلاع رأي المنشآت التجارية المستوردة، لمعرفة ما ينبغي أن تسلط الضوء عليه من عقبات وتحديات، والعمل الفوري على علاجها، ولن نذهب بعيداً إذا عرفنا أن المبادرة تمكن المستوردين من التقديم بشكل طوعي بطلب تصحيح البيانات الجمركية المتمثلة في تأدية الرسوم الجمركية التي لم يتم استيفاؤها سابقًا بسبب عدم دقة المعلومات المُقدمة في البيانات الجمركية والمتعلقة بالعناصر المميزة للبضاعة، مثل القيمة أو المنشأ أو نوع البضاعة، أو عند وجود أحداث لاحقة لتاريخ تنظيم البيانات الجمركية لم يُصرَح عنها للجمارك السعودية، وتخفيفاً على المستوردين، فعند تقدم صاحب العلاقة بطلب التصحيح قبل اكتشاف الأخطاء من الجمارك السعودية أو قبل إصدار إشعار بالتدقيق اللاحق على قيوده وسجلاته سيُكتفى فقط باستيفاء فروقات الرسوم الجمركية والضرائب المستحقة، وأرى أن مثل هذه الأخطاء كانت تمثل إشكالية حقيقية، تزعج المنشآت المستوردة، وتربك حساباتها، وتستنزف الوقت والجهد لعلاجها، وجاءت المبادرة لتعالج مثل هذه الإشكاليات بآلية إلكترونية سهلت الكثير من الأمور على الجميع.
وأتفق مع الكثيرين، الذين يرون أن مبادرة التصحيح الذاتي، ذات أثر اقتصادي كبير وعظيم على المنشآت التجارية، إذ أرى أنها تُمثل فرصة حقيقية، وخدمة مثالية تُقدمها الجمارك السعودية لعملائها، ومثل هذا الأمر يُعزز الشفافية مع قطاع الأعمال والمستثمرين، ويهيّئ المناخ الملائم والظروف المناسبة لتحسين وتعزيز مستوى الالتزام الجمركي، وتيسير أعمال المستوردين، بما يُحقق الاستقرار والنمو لتلك الشركات، ولا أبالغ إذا أكدت أن علامات نجاح مبادرة “التصحيح الذاتي” منذ إطلاقها، يظهر في تعزيز التفاعل الإيجابي والاستجابة من العديد من الشركات والمؤسسات المستوردة.
أداء الهيئة العامة للجمارك المتطور، لا يقتصر على المبادرات التي تسهل آليات العمل لديها، وإنما يمتد إلى غيرها، وأتذكر أنها حققت جائزة “نجم لينكد – إن الصاعد”، كأفضل جهة حكومية في استقطاب الموارد البشرية على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2019م. الجائزة تحمل إشارة قوية على التفاعل الذي تقوم به الجمارك السعودية عبر صفحتها الرسمية في شبكة “لينكد – إن” في التفاعل مع عملائها والمتابعين لدوها، وأرى أن هذه الجائزة تعكس حرص الجمارك على الاستفادة المثلى من هذه المنصة العالمية، وذلك من خلال عملية استقطاب الموارد البشرية في مختلف المجالات.
ولعلي أؤكد هنا أن الهيئة العامة للجمارك تسير في الطريق المناسب والصحيح، وتحقق أهدافها بجدارة، مستنيرة في هذا الأمر بمستهدفات رؤية 2030.
عن الزميلة الرياض