التجارة الخارجية وميزان المدفوعات
تم النشر في السبت 2020-08-29
د. عبدالله الفرج
طالبت لجنة الاقتصاد والطاقة بمجلس الشورى الهيئة العامة للتجارة الخارجية بالتنسيق مع الجهات الحكومية ذات العلاقة والقطاع الخاص للإسراع في إعداد استراتيجية وطنية متكاملة للتجارة الخارجية، وتطويرها بشكل مستمر لتواكب طموحات المملكة.
بالفعل فإن التجارة الخارجية هي القناة التي من خلالها نصدر ما ننتجه إلى غيرنا ونحصل منهم مقابله على العملة الصعبة. ولذلك، فبمقدار ما تتعدد منتجاتنا التي نصدرها يزيد ثراؤنا ويقل اعتمادنا على النفط. ولذلك، فلا غرابة أن تطرح رؤية 2030 على رأس أولوياتها إعادة هيكلة الاقتصاد حتى يتأتى لنا تنويع مصادر الدخل.
ولكن حتى يصبح ذلك ممكنا، فإنه يفترض التوجه لدعم الصادرات غير النفطية وتشجيع رؤوس الأموال الضخمة على إقامة الشركات الكبرى في مجال الصناعة والزراعة والخدمات، فهذه الشركات لديها إمكانيات مالية أكبر من الشركات الصغيرة والمتوسطة على تحمل تكاليف النقل والتسويق لمنتجاتها في الخارج، ناهيك عن أبحاث التطوير والاختراع.
إن التوجه نحو تنويع صادراتنا، يتطلب توفر سوق عمل متطورة كماً ونوعاً لتستمد منها المنشآت الكبيرة ما تحتاجه من قوة عمل – فهذه إحدى نقاط الضعف التي ما زلنا نعاني منها -، خصوصاً عندما يدور الحديث عن المنشآت غير المكثفة للتقنية ورأس المال. ولذلك، قد يكون مجدياً التوجه للاستثمار في الخارج، وذلك على غرار زراعة المحاصيل المستهلكة للمياه التي تشجع الحكومة رؤوس الأموال على زراعتها في الخارج.
بالفعل، فإن التغلب على نقص اليد العاملة السعودية، قد يكون من خلال تشجيع رؤوس الأموال السعودية الضخمة على إقامة مشروعات صناعية وزراعية مشتركة خارج المملكة مع رؤوس الأموال في البلدان ذات الكثافة السكانية وسعر قوة العمل المنخفضة، وخاصة في دول الجوار التي من المجدي التكامل معها، لدعم السوق العربية المشتركة ومنطقة التجارة العربية الحرة الكبرى التي بالكاد تتنفس.
ولكن التكامل حتى يكون ناجحاً، فإن أساسه يفترض أن تكون الجدوى الاقتصادية. ولذلك، فإنه قد يكون من المجدي إقامة مشروعات مشتركة، لبناء الطوابق العليا للصناعة البتروكيميائية وغيرها في بلدان مثل بنغلاديش وإندونيسيا وما شابهها من البلدان الصديقة ذات وتائر النمو المتسارعة، فالتكامل مع من هم أسرع منا، سوف يساعدنا في تسريع عملية التحول التي نطمح فيها، هذا بالإضافة إلى أن تطور العلاقات مع هذه البلدان يعتبر ركيزة وتمهيدا لقيام تجمع اقتصادي معها في المستقبل على غرار تجمع بريكس وغيره من التجمعات الاقتصادية المهمة.
إن المملكة التي طورت هيكل الناتج المحلي الإجمالي يمكن أن تطور هيكل ميزان المدفوعات لتصبح العائدات غير النفطية واحدة من أهم متحصلاته.
عن الرياض