إجراءات استثنائية ضد كورونا
تم النشر في الأحد 2020-03-15
عبد الهادي السعدي
فيما فرنسا تعيش أزمة السترات الصفراء، وبورس جونسون يعد العدة لإخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وترمب مشتبك مع شي جين يينغ، في أضخم معركة تجارية يشهدها القرن، بين جمهورية الصين الشعبية والولايات المتحدة الأميركية، والرئيس أردوغان يدفع بآلاف المهجرين السوريين قصراً إلى المنافي البعيدة، وعلى الحدود اليونانية، انتقاماً من أوروبا التي تذكره بالإبادة العرقية للأرمن، وابتزازاً لميركل التي تأخرت بدفع الهبة المالية مقابل عدم دخول المهاجرين إلى أوروربا، وإفريقيا تعيش تناقضاتها وأمراضها المزمنة، بدءاً بالثورة السودانية على البشير وإيداعه السجن، ومروراً بمحنة ليبيا، وانتهاءً بالخلاف المصري الأثيوبي على سد النهضة، أمام كل هذا الصراع العالمي المشتبك، وفي غفلة من هذا العالم المادي، حط فيروس كورونا في الصين، وبالتحديد في مدينة ووهان، وما إن حط في هذه المدينة الصينية واستوى في مكانه، هاجمته الصين فصدت الموجة الأولى من مبدأ الدفاع عن النفس، بعمالها ومهنييها وفلاحيها وصناعييها وكادحيها حتى كادت أن تهزمه، فأسقط منهم الآلاف منذ الوهلة الأولى، ليعبر عن جبروته وقدرته التدميرية التي تفوق أسلحة العالم البحرية، والبرية، والجوية بأرتالها وأسرابها وبوارجها، داعياً هذا العالم إلى المنازلة.
بذل الصينيون الغالي والنفيس، وقدموا خسائر بشرية بالآلاف لثنيه ووقف تقدمه، لكنهم فشلوا، فقد تقدم على عدة محاور وجبهات، واصل تقدمه إلى إيران وفرسنا وإيطاليا وأمريكا، حتى غشى هذا العالم من أقصاه إلى أقصاه، في إيران لم يتصدَ له أحد، فالملالي احتموا في سرادق تحت الأرض وبقي الشعب الإيراني الأعزل مكشوفاً أمام ضرباته الموجعة، فقط هي الممرضة الإيرانية الفارسية التي قاومته بالرقص والموسيقى، قاومته بعناد أسطوري مستمد من حضارتها الفارسية الإنسانية التي فشل الملالي في إطفائها، وهذا يعني أن الحضارات الإنسانية لا تموت حتى وإن شابها الإهمال والنسيان، هذا في إيران، أما في إيطاليا فقد فتك بعشرات الضحايا، ولم يستثن كبار المسؤولين بالدولة، فقد أصاب قائد الجيش الإيطالي وبعض الوزراء، وفي فرنسا أصاب العديد من نواب البرلمان الفرنسي، بالإضافة إلى وزير الثقافة، إنه فيروس كورونا الذي احتطاط منه العالم لخطورته ودقة فتكه.
أما المملكة فقد واجهته باحتياطات استثنائية جبارة وغير مسبوقة، موزعة بين وقف العمرة، ووقف السفر من وإلى بعض الدول الخليجية والعربية، وكذلك تعليق الدراسة، ومنع الاحتفالات والمعارض وكل التجمعات التي يقتنصها فيروس كورونا، إن هذه الإجراءات هي إجراءات قصوى لا يتخذها إلا ذو مسؤولية عظيمة، يخشى على الإنسان أشد من خشيته على نفسه، فشكراً لكل المسؤولين الذين احتاطوا، إن هذه الاحتياطات ضد كورونا هي أقصى درجات الحس المسؤول بين الحاكم والمحكوم، فشكراً من القلب لصاحب هذه المبادرات خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين
عن الزميلة الرياض