تم النشر في الأحد 2018-02-04
لعب النمو العالمي وارتفاع توقعات التضخم دوراً مهماً في تعزيز الطلب على السلع الرئيسية حتى الآن هذا العام. وشهد مؤشر بلومبرج للسلع الرئيسية المعتمد على نطاق واسع تداولات أعلى بنسبة 1.5% منذ بداية العام وحتى اليوم، فيما اعتبر الانكشاف على القطاع الزراعي بنسبة 36% بمثابة عامل إعاقة.
وفي الوقت نفسه، ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز للسلع في ‘جولدمان ساكس’ (S&P GSCI) بنسبة 4% نظراً للأداء المميز للنفط الخام والمنتجات.
وتظهر البيانات التي جمعتها بلومبرج ارتفاع وتيرة التدفقات الاستثمارية في صناديق السلع الرئيسية ذات القاعدة العريضة بمقدار 773 مليون دولار حتى الآن في هذا العام. ولا يتجاوز هذه الزيادة سوى التدفقات في المعادن الثمينة، والذهب على وجه الخصوص، والذي تلقى 787 مليون دولار أمريكي.
واسترد قطاع الطاقة قيمة تخطت 1.1 مليار دولار أمريكي من جهات ليس أقلها الصناديق التي تتبع أداء الغاز الطبيعي.
ويبقى النفط الخام على مقربة من مقاومة رئيسية بعد أسبوع شهد أرقاماً قياسية في مستوى الإنتاج الأمريكي وأول ارتفاع للمخزونات منذ نوفمبر، والتي تم تعويضها بالتحديثات التي أظهرت التزاماً قوياً ومستمراً بين أعضاء أوبك الذين نجحوا حالياً في الحفاظ على سقف الإنتاج. وانتعشت المعنويات المراهنة على ارتفاع الأسعار مدفوعة بالترقيات القوية لتوقعات أسعار النفط من أبرز مالكي السلع مثل ’جولدمان ساكس‘ و’جي بي مورجان‘.
وبالرغم من حاجة السوق الظاهرية للتصحيح، يبدو تجار الذهب كبائعين مترددين بالرغم من ثبات أسعار المعدن عند مقاومة لعدة سنوات. واستمر التركيز الحالي على ارتفاع التضخم بعد صدور تقرير الوظائف الأمريكي لشهر يناير، والذي أظهر ارتفاعاً قوياً في متوسط الأرباح. ولوحظت بعض عمليات جني الأرباح الطويلة في أعقاب التقرير مع ارتفاع عوائد السندات وازدياد أسعار الدولار التي عوضت الضعف في أسواق الأوراق المالية. وقد يشكل ارتفاع العائدات الحقيقية والتوقعات بزيادة أسعار الفائدة الأمريكية عائقاً على المدى القصير.
ويشير الضعف النسبي لأسعار الفضة والبلاتين إلى استمرار الطلب على الذهب من المستثمرين الباحثين عن ملاذات آمنة والتنويع، فيما قد يضيف تصحيح البيتكوين بالقرب من -61.8% في عام 2017 بعض الدعم.
وتوقفت حالة الانتعاش الأخيرة في العقود الآجلة للمحاصيل الرئيسية التي تم تداولها في شيكاغو بشكل مؤقت مع تناوب التركيز بين تغيرات الطقس، وبيانات التصدير وتطورات العملة. وترتبط السوق بمختلف التوقعات الطقسية، سواء من أمريكا الجنوبية نظراً لتأثيرها على الذرة وفول الصويا، ومن الولايات المتحدة الأمريكية حيث فرضت ظروف الجفاف المتزايدة ضغوطاً على القمح الشتوي عالي البروتين في كنساس وأوكلاهوما.
ومع ذلك، لا تزال السوق تعاني من تأثير أعباء الإمدادات العالمية، مما يقلص الرغبة بتغطية عمليات الشراء العدوانية.
وباستثناء القطن، لا يزال قطاع السلع الخفيفة بعيداً عن قائمة الخيارات المفضلة، حيث أظهرت أسعار السكر أكبر خسارة شهرية منذ مارس الماضي. ولا تزال هناك حاجة لتعزيز التوقعات بشأن الفائض العالمي المرتقب في موسم 2017-2018. وتنحصر أفضل الفرص المتاحة لانتعاش أسعار السكر في أيدي التجار الماليين الذين يحتفظون مجدداً برقم قياسي من صافي المراكز قصيرة الأجل، مما يترك الأسعار عرضة للانتعاش بشرط تحسن التوقعات الأساسية أو الفنية.
ويواصل النفط إحباط معنويات الباحثين عن التصحيح بعد أن ارتفعت أسعاره بنسبة 57% منذ يونيو الماضي. وشكل الأسبوع الماضي مثالاً واضحاً آخر على كيفية استمرار السيطرة في أيدي المراهنين على ارتفاع الأسعار كمحاولة لتصحيح الانخفاض الشديد الذي تعرضت له المعنويات في اليوم الذي أعلنت فيه إدارة معلومات الطاقة الأمريكية عن أول ارتفاع لحجم مخزوناتها منذ نوفمبر، مع الإشارة إلى ارتفاع إنتاج النفط الخام الأمريكي في نوفمبر متجاوزاً 10 مليون برميل يومياً للمرة الأولى منذ عام 1970.
وبدلاً من الانخفاض بناء على هذه الأخبار، استحوذت مشاعر الراحة على السوق اعتماداً على التوقعات المستمرة بنمو الطلب العالمي القوي والدراسات الاستقصائية التي تشير إلى مستوى الالتزام الكبير الذي تظهره مجموعة دول أوبك التي ما زالت تحافظ على سقف إنتاجها (ومن بينها فنزويلا التي تعاني قدراتها على إنتاج وتصدير النفط من تراجع واضح).
وتواصل البنوك الاستثمارية الكبرى رفع توقعاتها لعام 2018، وخاصة ’جولدمان ساكس‘ الذي يرى الآن أن تداولات خام برنت عند 82.50 دولار للبرميل ضمن الشهور الستة المقبلة.
وخلال الأسبوع المقبل، ستصدر أبرز مؤسسات النفط دراسات استقصائية شهرية، بحيث ينشر مركز معلومات الطاقة الأمريكي تقرير توقعات الطاقة على المدى القصير في 6 فبراير. وسيعقب ذلك تقرير تصدره أوبك في 12 فبراير الجاري، وتقرير ثالث في 13 فبراير من الوكالة الدولية للطاقة.
ومع الاحتفاظ بثبات نمو الطلب المتوقع في عام 2018، رأينا زيادة تدريجية في حجم عروض الدول غير الأعضاء في أوبك خلال الشهور الثلاثة الماضية.
وتبرز المستويات الفنية التي تواصل وضع سقف لأسعار النفط الخام وهي 71.40 دولار للبرميل بالنسبة لبرنت، و66.90 دولار للبرميل بالنسبة لخام غرب تكساس الوسيط. وتمثل هذه المستويات ارتداداً بنسبة 50% عن فترة البيع بين عامي 2014-2016. وقد يشير الرفض عند هذا المستوى إلى تصحيح في المنطقة بين 10% إلى 15%، فيما قد يدفع التجاوز المراهنين على ارتفاع الأسعار نحو استهداف 81.8 دولار للبرميل بالنسبة لبرنت، و76.50 دولار للبرميل بالنسبة لخام غرب تكساس الوسيط.
المصدر: ’ساكسو بنك‘
ويظهر الذهب قدراً كبيراً من المرونة في الأسابيع الأخيرة. وبعد أن وصل إلى أعلى مستوياته خلال أربعة أشهر في 25 يناير، تم تصحيح أسعار الذهب بسرعة بمقدار 33 دولاراً، ولكن تم توحيده منذ ذلك الحين مع تردد البائعين المحتملين. ووفر ازدياد التركيز على التضخم مع انخفاض أسعار السندات والأسهم دعماً أساسياً هذا الأسبوع مع تأثير سلبي محدود لانخفاض قيمة الين الياباني وارتفاع المعدلات الحقيقية لأسعار الفائدة.
ونستنتج أن الضعف النسبي الذي شهدته أسعار الفضة والبلاتين بالمقارنة مع الذهب خلال الأسبوع الماضي يعتبر مؤشراً واضحاً على استمرار المعدن الأصفر في استقطاب الطلب من المستثمرين الباحثين عن الحماية والتنويع من الضعف الناجم في أماكن أخرى.
(لا يقتصر الأمر على الأسهم والسندات فقط، وإنما أسعار البيتكوين التي هبطت إلى 7600 دولار ونجحت العملية في تصحيح أكثر من 61.8% من مسيرة الارتفاع في عام 2017).
ما يزال الذهب محافظاً على الدعم بالرغم من الارتفاع الأخير في العائدات الحقيقية الأمريكية، والارتفاع المستمر في توقعات صناديق الاحتياطي الفدرالي. وتعتبر حالة الرضا التي ظهرت في الأسواق من خلال فروقات السعر بين السندات الحكومية والمؤسسية، وارتفاع توقعات التضخم، من أهم العوامل الأساسية وراء الطلب الحالي على أصول الملاذ الآمن مثل الذهب.
ويظهر الرسم البياني على المدى الطويل أدناه كيف تم وضع الذهب بشكل متزايد ضمن نطاق منذ عام 2013. وفي حال تجاوزها، يمكن أن تشير منطقة المقاومة بين الأسعار الحالية و1380 دولار للأونصة إلى تمديد باتجاه 1483 دولار للأونصة. ومع ازدياد التوجه نحو تحويل التضخم إلى موضوع أساسي، يحتمل وقوع انعكاس حاد للضعف الأخير الذي شهدته أسعار الدولار لإيجاد قيمة عليا أخرى في السوق.
وأضاف ارتفاع الأرباح الساعية في تقرير الوظائف الأمريكي لشهر يناير بعض الضغوط للبيع يوم الجمعة؛ وفي هذه المرحلة، يبدو أن حالة عدم اليقين في السندات والأسهم ستلعب دوراً كبيراً في إبقاء التصحيحات ضحلة نسبياً.