أسواق المال العالمية تترقب تقلبات شديدة في 2018 مقارنة مع الهدوء للعام الجاري
تم النشر في الخميس 2017-12-07
أصدر ’ساكسو بنك‘، البنك الاستثماري المتخصص بالتداول في الأسواق المالية العالمية عبر الإنترنت، اليوم تقريره العاشر بعنوان ’التوقعات الصارمة لعام 2018‘، والذي ركز على سلسلة من الأحداث بعيدة الاحتمال والتي قد يؤدي وقوعها إلى تشكيل أمواج صدمة في الأسواق المالية.
وفيما لا ينبغي النظر إلى تقرير ’التوقعات الصارمة‘ باعتباره توقعات رسمية للأسواق في عام 2018 من جانب ’ساكسو بنك‘، إلا أنه يمثل تحذيراً من التوزيع المحتمل للمخاطر بين المستثمرين الذين لا يعتقدون بإمكانية وقوع هذه الأحداث إلا بنسبة واحد بالمائة.
وفي تعليقه على تقرير ’التوقعات الصارمة‘ لهذا العام، قال ستين جاكوبسن، كبير الاقتصاديين لدى ’ساكسو بنك‘: “نشرنا تقرير ’التوقعات الصارمة‘ على مدى أكثر من 10 سنوات، وأعتقد بأن قائمة هذا العام تعتبر واحدة من أفضل التوقعات التي أصدرناها حتى اليوم، وتشجع الجميع للتفكير بعيداً عن الأطر النمطية. وينبغي علينا عدم اعتبار ’التوقعات الصارمة‘ توقعات رسمية للأسواق من ’ساكسو بنك‘، نظراً لكونها جملة من الأحداث وتحركات السوق التي قد تؤدي إلى إحباط الآراء العامة”.
ومن جانبه، قال جون جيه. هاردي، كبير استراتيجيي الفوركس لدى ’ساكسو بنك‘، والذي قاد المشروع هذا العام: “اعتقد الكثيرون قبل عام أن 2017 سيشهد الكثير من التقلبات مستندين إلى استحالة فوز ترامب والصدمة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وبدلاً من ذلك، خضنا عاماً سلساً تضخمت فيه الأصول الخطرة حول العالم مع عواصف قليلة. ولكننا نتوقع في عام 2018 حصول تأرجحات تزيد من مخاطر التقلبات الواضحة. وتتجلى المفارقة في أن فترات الهدوء الطويلة والرضا في أسواق الأصول ساهمت في زرع بذور التقلبات في المستقبل، حيث يقلل المستثمرون من مخاطر انحراف أسعار الأصول، وتزداد رهاناتهم على استمرار الدورة”.
وأضاف هاردي: “ومع ذلك، لا تقتصر أهمية توقعاتنا هذا العام على الإشارة إلى مخاطر انهيار السوق، حيث شملت توقعاتنا الصارمة كل شيء من المصارف المركزية الرئيسية التي فقدت تميمتها السياسية والأزمة السياسية الجديدة في الاتحاد الأوروبي، إلى الصين حيث تتآكل قيمة احتياطي الدولار الأمريكي، والربيع السياسي الجديد في جنوب أفريقيا. وبغض النظر عما يتحقق أو لا يتحقق من هذه التوقعات، فإن مهمتنا هي تحفيز النقاشات وتبادل الآراء والأفكار بخصوص التوجه الصارم الذي قد تعتمده الأحداث في نقاط انعطاف رئيسية مثل تلك التي لا بد وأن يجلبها عام 2018”.
ويتنافس الجمهوريون والديمقراطيون على تعزيز حصة كل منهما من أصوات الناخبين قبيل تنظيم انتخابات منتصف الولاية الرئاسية في عام 2018، مع غياب كامل لانضباط الموازنة، والتخفيضات الضريبية الكبيرة التي تعهد بها الحزب الجمهوري وأدت إلى تراجع كبير في العائدات مما سيزيد الأمور سوءاً على خلفية الركود الذي تتجه إليه الولايات المتحدة الأمريكية. وسيؤدي ضعف الاقتصاد وارتفاع أسعار الفائدة والتضخم إلى تجريد مجلس الاحتياطي الفيدرالي من أي إجابة بخصوص السياسة النقدية. ويصبح مجلس الاحتياطي الفيدرالي كبش الفداء للأداء الاقتصادي الضعيف، ودفع سوق السندات نحو الاضطراب مع تفاقم عدم المساواة. وستتخذ وزارة الخزانة الأمريكية إجراءات طارئة تجبر البنك المركزي على تحديد سقف عائدات الحكومة الأمريكية عند 2.5% بالنسبة للسندات طويلة الأجل للحيلولة دون انهيار سوق السندات، وهي سياسة تم تطبيقها آخر مرة في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة.
وتعتمد سياسة بنك اليابان للتحكم في منحنى العائدات على معدلات الفائدة العالمية الناعمة وانخفاض العائدات. وفي عام 2018، لن يبقى هذا المركز على حاله بكل بساطة. وسيؤدي ارتفاع معدلات التضخم إلى ارتفاع العائدات مما يؤدي بدوره إلى هبوط خيالي في قيمة الين. وفي نهاية المطاف، سيضطر البنك المركزي إلى اللجوء لاتخاذ تدابير على مستوى التسهيل الكمي والنوعي ولن يتم ذلك قبل أن يصل زوج العملات دولار أمريكي/ين ياباني إلى 150، لينخفض بعد ذلك بسرعة إلى 100.
وتعتبر الصين حتى اليوم أكبر مستورد للنفط في العالم. وأعربت العديد من الدول المنتجة للنفط عن سعادتها بالتعامل وفقاً لشروط اليوان. ومع تراجع القوة العالمية للولايات المتحدة الأمريكية، وفي ضوء النجاح العام للعقود الآجلة للسلع القائمة على اليوان الرينمنبي الصيني، يشكل قرار بورصة شنغهاي الدولية للطاقة لإطلاق عقود آجلة على النفط الخام باليوان الصيني وسيلة ناجحة للهروب. وسيؤدي طرح البترو يوان إلى ارتفاع أسعار اليوان بنسبة تتخطى 10% بالمقارنة مع الدولار الأمريكي ليصل زوج العملات دولار أمريكي/يوان رينمنبي صيني إلى أقل من 6.0 للمرة الأولى على الإطلاق.
الأسواق العالمية مليئة بالمؤشرات والعجائب، وانهيار التقلبات التي شهدتها فئات الأصول في عام 2017 لم تكن استثناء. وتتطابق الانخفاضات التاريخية في مؤشري ’فيكس‘ (VIX) و’موف‘ (MOVE) مع مستويات قياسية في الأسهم والعقارات، والنتيجة هي ارتفاع أسعار البرميل إلى حدود قياسية حيث فقد مؤشر ’ستاندرد آند بورز 500‘ 25% من قيمته في خطوة سريعة ومذهلة لم نشهدها منذ عام 1987. وسيتم محو مجموعة كاملة من صناديق التقلب على المدى القصير، وسيحقق أحد التجار غير المعروفين، ممن عانى طويلاً من التقلبات، مكاسب بنسبة 1000% ليصبح أسطورة بشكل فوري.
وستلعب التركيبة الديموغرافية في الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تضم حالياً جيل الألفية دون سن 35 عاماً ويشكلون المجموعة الأكبر بالمقارنة مع جيل طفرة المواليد، دوراً كبيراً في التأثير على المشهد السياسي الأمريكي في عام 2018. وسيؤدي الإحباط العام للناخبين الأصغر سناً بالنسبة لشخصية ترامب، وتفاقم فجوة عدم المساواة بعد الإصلاحات الضريبية الساخرة للجمهوريين، والوجوه الجديدة بين المرشحين الديمقراطيين الذين لا يخشون الاستفادة من شعبوية ساندرز من اليسار، إلى تحوّل جيل الألفية بشكل كبير في الانتخابات التي ستجري في نوفمبر. وتبتعد نقاشات الديمقراطيين عن الإصلاح الضريبي إلى محفزات الإنفاق بالنسبة للجماهير. وتعني الشعبوية الحقيقية التخلص من دفاتر شيكات 90%، وما ينطوي عليه ذلك من محفزات مالية والتخلص من العجز. وقد تراجعت عائدات الخزانة الأمريكية لمدة 30 عاماً إلى أقل من 5%.
وستتسع هوة الانقسام الحاصل بين الأعضاء القديمين في الاتحاد الأوروبي والأعضاء الجدد الأكثر تشككاً، مما سيحدث صدعاً لا يمكن تجاوزه في عام 2018. وللمرة الأولى منذ عام 1951، سيتحول مركز الاستقطاب السياسي الأوروبي من فرنسا وألمانيا إلى أوروبا الوسطى والشرقية. ولن يطول وقت الحصار المؤسسي للاتحاد الأوروبي حتى تخيّم تأثيراته على الأسواق المالية. وبعد الارتفاع إلى مستويات قياسية جديدة مقابل العملات الأساسية العشرة وعملات العديد من الأسواق الناشئة بحلول أواخر عام 2018، سيضعف اليورو بسرعة نحو التكافؤ مع الدولار الأمريكي.
وستشهد قيمة البيتكوين ارتفاعاً إلى مستويات قياسية في عام 2018 فوق 60 ألف دولار أمريكي، وبقيمة سوقية تتخطى 1 تريليون دولار مع ظهور العقود الآجلة للبيتكوين في ديسمبر 2017، والتي أدت إلى موجة كبيرة من مشاركة المستثمرين والصناديق التي تشعر بقدر أكبر من الراحة في تداول العقود الآجلة بالمقارنة مع ربط الصناديق مع بورصات العملة الرقمية. وقبل مضي وقت طويل، ستجد ظاهرة البيتكوين أن السجادة سُحبت من تحت قدميها على خلفية التحركات البارعة التي تتخذها كل من روسيا والصين لتهميش وحظر التعامل بهذه العملة الرقمية غير المعتمدة محلياً. وبعد الوصول إلى ذروة قياسية في عام 2018، سينهار البيتكوين في عام 2019 ليقترب من تكلفة الإنتاج الأساسية عند 1000 دولار أمريكي.
وفي عام 2018، وبعد تحول مفاجئ للأحداث، ستنتشر موجة التحول الديمقراطي إلى جميع أنحاء أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وستؤدي الاستقالة القسريّة لرئيس زيمبابوي روبرت موغابي في نهاية عام 2017 إلى موجة من التغييرات السياسية في دول أفريقية أخرى. وسيضطر جاكوب زوما، رئيس جنوب أفريقيا، إلى التخلي عن السلطة، وسيواجه جوزيف كابيلا في الكونغو مظاهرات غير مسبوقة تدفعه للفرار من البلاد. ومع ذلك، تعتبر جنوب أفريقيا الفائز الرئيسي حيث يصبح راند جنوب أفريقيا مفضلاً للأسواق الناشئة بعائدات 30% بالمقارنة مع العملات الرئيسية الثلاث الكبرى، وهي الدولار الأمريكي واليورو والين الياباني. وسيجلب أعلى معدلات النمو العالمية في جنوب أفريقيا والاقتصادات الحدودية المحيطة في المنطقة.
وما تزال الصين أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان مع ارتفاع متسارع لمستوى المعيشة؛ وتفتتح أسواقها الخاصة برأس المال، فيما تدفع برامجها الإصلاحية نحو رفع سوية معنويات المستثمرين. ويتضح ذلك بوجه خاص في أسهم التكنولوجيا الصينية مع الارتفاع الكبير الذي تشهده أسهم ’تنسنت‘ وبنسبة 120% أعلى في عام 2017. وفي أواخر عام 2017، انضمت ’تنسنت‘ إلى أكبر خمس شركات في العالم من حيث قيمتها في السوق التي اقتربت من 500 مليار دولار أمريكي؛ حتى أنها تفوقت على ’فايسبوك‘ بنقطة واحدة. وفي عام 2018، ستعزز ’تنسنت‘ من ريادتها في السوق لتتقدم أسهمها بنسبة 100% إضافية بالرغم من الحجم الفعلي الكبير للشركة، مما يمنحها بجدارة تاج الشركة الأعلى قيمة في الأسواق العالمية بدلاً من ’آبل‘ بواقع أكثر من 1 تريليون دولار.
وعلى مدى الجيل الأخير، بدأت النساء بتحقيق مستويات تعليم أعلى من الرجال بحيث تخرج الجامعات الأمريكية اليوم 50% من النساء أكثر من الرجال في درجة البكالوريوس. كما تشكل النساء اليوم حوالي نصف خريجي الأعمال. ومع ذلك، لم تمثل النساء في عام 2017 أكثر من 6.4% من المديرين التنفيذيين في قائمة ’فورتشن 500‘ – على الرغم من أنهن يكسبن وسطياً أعلى من نظرائهن الرجال. التغيير قادم – ليس لأنه أكثر ’إنصافاً‘، وإنما لسبب عملي يتجلى في أن إدراك النساء لقدراتها المرجوة يشكل الوسيلة الأخيرة المتبقية لتحقيق التنمية بعيداً عن زيادة عدد السكان في منطقتنا ذات الإنتاجية المنخفضة والاقتصادات المتقدمة التي تعاني من الشيخوخة. وفي عام 2018، ستهتز نوادي الفتيان الشوفينية القديمة عبر المساهمين، وستحتل المرأة المرتبة الأولى في أكثر من 60 شركة مدرجة في قائمة ’فورتشن 500‘ بحلول نهاية العام.