أرامكو والطريق إلى الرؤية
تم النشر في الثلاثاء 2019-12-17
مازن السديري
كان هناك تساؤل حول واقعية اكتتاب أرامكو وحجم الأرباح الذي سيكون على حساب دخل المملكة البترولي، ومستقبل أسعار البترول في ظل الحرب التجارية وحجم الإنفاق مستقبلًا. من ينظر إلى شركات النفط الوطنية في بعض الدول يدرك تفوق أرامكو وارتقائها إلى مستوى شركات النفط الدولية المطروحة، مثلاً شركة النفط الفنزويلي PDVSA والروسية Rosneft يوجد في إدارتها قيادات جاءت من المؤسسة العسكرية والأمنية دون أي خبرة أو دراية بعالم النفط، في المقابل أرامكو كل جهازها الإداري متخصص وتتراكم الخبرة بتقدم الهرم الإداري إلى تراكم يقترب من أربعة عقود من الخبرة وهذه ثمرة الإنفاق على التدريب والتعليم، وإحداث بقيق الأخيرة التي أعادت 5.7 ملايين برميل في وقت قياسي خير شاهد على الكفاءة الإدارية.
ولو نأخذ أيضاً مؤشراً آخر للجودة فبرغم من أن أرامكو أكبر شركة منتجة للنفط في العالم فإن كمية الانبعاثات الكربونية لها هي الأقل نسبية في العالم بفارق كبير عن الشركات الدولية حيث يبلغ 4 لكل ميغا جول (الولايات المتحدة 11، كندًا 17)، هذا الفرق يعود إلى تطور التقنية ومستوى البنية التحتية التي تعكس الإدارة وحوكمة الشركة التي سوف تحافظ عليها وترفعها عبر طرحها كما ذكر سمو ولي العهد في حواره مع مجلة الاكونمست.
غالباً ينعكس طرح أي شركة لزيادة شفافيتها وحكومتها وأثبتت التجارب أن هناك علاقة طردية لتحسن الحوكمة وتحسن الأرباح، وفي عالم النفط رأينا ذلك في بعض أغلب شركات البترول مثل Sinopec وPetrochina وStatoil وغيرها الكثير وهذا التحسن سوف ينعكس على ربحية الشركة ودخل الدولة البترولي المهم أن متحصلات بيع أسهم أرامكو لن تذهب لخزينة الدولة لأنها ليس بحاجة لذلك بل لصندوق الاستثمارات العامة لتعزيز استثماراته خصوصاً المحلية لتشجيع القطاع الخاص وخلق فرص العمل.
عموماً في السنتين الأخيرتين كان أثر الإصلاحات في تعزيز التنمية أكثر من الإنفاق، وانعكست على نمو جميع القطاعات الخدماتية والتي تشكل 28 % من الناتج المحلي. لقد فاجأ العالم سمو ولي العهد الأمير محمد بهذا التفكير الجديد وإن تجدد التشريعات والاستثمارات هي مدخلات التنمية وأن تكون الأهداف مترابطة، حيث يرتفع استثمار صندوق الاستثمارات العامة ويراجع الإنفاق الحكومي لتحقيق الكفاءة وليس للترشيد والتعامل مع تغيرات أسعار البترول بمرونة غير مسبوقة والأرقام خير شاهد على نجاح هذه المتغيرات نحو طريق الرؤية.
عن الزميلة الرياض