«آيفون إكس» .. «أبل» تقدم تكنولوجيا تميزها عن المنافسين
تم النشر في الأثنين 2017-09-18
إطلاق أحدث جهاز آيفون من “أبل” بدأ مع تكريم لمؤسس الشركة الراحل ستيف جوبز، وانتهى برموز تعبيرية مازحة بعضها يعطي معاني سلبية.
الساعتان بين الافتتاح والاختتام شهدتا أكبر القفزات لجهاز الآيفون منذ أعوام. وشهدتا أيضاً إطلاق “أنيموجي”، ميزة تضع تعابير وحديث المستخدم على رسوم تعبيرية متحركة، من رسوم القردة والباندا الكرتونية إلى الروبوتات.
هذه المناسبة التي خلطت الجانب العاطفي بجانب الرعونة والطيش هي دلالة على التوازن الذي يجب أن تُحدثه “أبل” بين توسيع سجلها من التكنولوجيا المتقدمة وتقديم ميزات تُرضي الجماهير وتقنع ملايين الناس بدفع 1000 دولار مقابل الآيفون إكس. يقول جيف بلابر، المحلل في “سي سي إس إنسايت”: “هذا يُلخّص الوضع الصعب الذي تواجهه “أبل” في هذه المناسبات. فهم يحاولون أن يكونوا جذابين في أعين المستهلكين الذين يُراقبون الموضوع الرئيس والمستثمرين والشركاء في الصناعة”.
بعد مرور عقد على إطلاق أول جهاز آيفون، المناسبات التي تقيمها “أبل” من أجل إطلاق المنتجات لا تزال تُثير إعجاب وسائل الإعلام والمستهلكين على عكس أي شركة أخرى في وادي السليكون. إقامة الحدث في أبل بارك، المقر الرئيس الذي ساعد جوبز في تصميمه، منحها فرصة للنظر إلى تاريخها في الوقت الذي تستدعي فيه بداية حقبة جديدة.
قال تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة أبل: “روح ستيف وفلسفته الخالدة عن الحياة دائماً ما ستكون الحمض النووي لأبل”.
عندما بدأ المؤتمر الصحافي طلبت “أبل” من الحضور إطفاء شاشاتهم. بعد إغلاق أجهزة الماك ووضع أجهزة الآيفون في الجيوب، تردد صدى صوت جوبز عبر القاعة المُظلمة.
قال جوبز في التسجيل: “بطريقة أو بأخرى، أثناء صُنع شيء بقدر كبير من الرعاية والحب، شيء ما يُنقل هناك. علينا أن نكون صادقين تجاه هويتنا ونتذكر الأمر المهم فعلاً بالنسبة لنا. هذا ما سيجعل “أبل” تبقى “أبل” إذا بقينا كما نحن”.
بعد ساعتين تقريباً من تلك المقدمة، السير جوناثان آيف، كبير المصممين ووريث تركة جوبز في “أبل”، كان يعرض الرموز التعبيرية “أنيموجي” في شريط فيديو – بوبز، وكائنات وحيد القرن، وكل شيء.
القدرة على “جلب الرموز التعبيرية إلى الحياة”، بحسب تعبير السير جوناثان، قد تكون مرحة، لكن التكنولوجيا الكامنة وراءها مهمة ومعقدة.
جهاز آيفون إكس يستطيع تعقّب تعابير الوجه من نحو 50 عضلة، باستخدام مزيجه من كاميرا الأشعة تحت الحمراء و”المضيء الغامر” لعرض ومسح آلاف النقاط الصغيرة التي تُشكّل وجه المستخدم. بعد ذلك يتم توليف هذه الإشارات باستخدام الشبكات العصبية التي هي شكل من أشكال الذكاء الاصطناعي.
هذا النظام متوافر فقط في جهاز آيفون إكس الذي يصل سعره إلى 1149 دولارا، ما يجعله من أغلى الهواتف الذكية.
كريج فيديريجي، رئيس هندسة البرمجيات في “أبل”، قال مازحاً أثناء عرض أنيموجي على المسرح: “إذا كنتم تتساءلون ما ستفعله الإنسانية عند منحها تكنولوجيا تعقّب الوجه الأكثر تقدماً المتاحة، الآن لديكم الإجابة”.
لكن ماسح الوجه لديه تطبيقات أكثر جدية أيضاً. نظام أمن “فيس آي دي” (هوية الوجه) يضمن أن مالك جهاز الآيفون فقط يستطيع فتحه واستخدامه فضلاً عن توفير خاصية المصادقة في تطبيقات مثل أبل باي. وبفضل أجهزة استشعار العُمق فيه، سيكون من الصعب خداع نظام “فيس آي دي”.
النظام مفتوح للأطراف الثالثة من مطوّري التطبيقات الذين يريدون الاستفادة من الواقع المُعزز – اتجاه يضع الكائنات الرقمية في العالم الحقيقي عند مشاهدتها على الشاشة، كما رأينا في “سناب شات” ولعبة الهاتف الخلوي “بوكيمون جو”.
محللون في مورجان ستانلي كتبوا في مذكرة: “نعتقد أن الواقع المُعزز لديه القدرة ليُصبح التطبيق الرائج التالي الذي يُسرّع تحديثات الهواتف الذكية ويؤدي إلى زيادة تسييل الخدمات والنمو”.
الابتكارات مثل نظام “فيس آي دي”، الذي شعر بعض المحللين أنه كان مفقوداً في إطلاقات جهاز الآيفون في الأعوام الأخيرة مهمة عندما يصبح هذا العدد الكبير من ميزات الهواتف الذكية الأخرى سلعة تجارية. شاشة جهاز آيفون إكس، مثلا، تستخدم تكنولوجيا OLED مماثلة لتلك التي ظهرت أول مرة قبل أعوام في الهواتف الذكية التي صنعتها شركتا “سامسونج” و”إل جي” الكوريتان.
يقول بلابر، من “سي سي إس إنسايت”: “وراء ما تمكّنت “أبل” من القيام به مع نظام فيس آي دي، هناك قليل جدا الآن بين ما أدخلته “سامسونج” وأدخلته أولا وما تُقدّمه “أبل” في جهاز آيفون إكس. هناك أمور أقل الآن لتمييز الأجهزة مما كان في أي وقت مضى”. أبل ذكية من حيث التركيز على الكاميرا كمصدر للتمييز، بحسب بنديكيت إيفانز، الشريك في “أندريسين هورويتز”، شركة رأس المال المغامر في وادي السليكون. يقول: “المكان الوحيد الذي كان بحاجة إلى مزيد من التحسين هو الكاميرا”.
ويُشير إيفانز إلى أن كل ميزة تقريباً كشفتها “أبل” تعتمد على رقائق مخصصة صُممت في معامل “أبل”، وقدرات الذكاء الاصطناعي مثل تعلم الآلة. ويضيف: “إنهم يستفيدون من الأشياء التي تعد سهلة بالنسبة إليهم وصعبة على الآخرين”.
وتوفّر هذه التكنولوجيات أيضاً اللبنات الأساسية لمنتجات “أبل” في المستقبل، مثل نظارات الواقع المُعزز.
بالنسبة لكثير من المستهلكين، الكاميرا هي جزء مهم من الهاتف الذكي، كما تقول كارولينا ميلانيسي، المحللة في “كرييتف ستراتيجيز”. ومع نظام “فيس آي دي” و”أنيموجي”، تُصبح الكاميرا أكثر من مجرد وسيلة لالتقاط الصور. “إنها توجد بطريقة ما الاتحاد بينك وبين هاتفك. الهاتف يتعلّم منك -باستخدام الذكاء الاصطناعي- ويفعل الأشياء بالنيابة عنك، من خلال نظرك إليه فقط”.
في مقارنة من حيث المزايا مقابل أجهزة منافسة، مثل “جلاكسي إس 8” من “سامسونج” قد لا تفوز “أبل” دائماً.
بدلاً من ذلك، تقول ميلانيسي، هي “تجمع كل شيء معاً وتضعه في تجربة وخبرة. المزايا الفردية تصبح في مجموعها شيئا فريدا من نوعه”.
هذا هو درس “أبل” الدائم من جوبز. من أيام “أبل” الأولى، أصر أن يعمل المصممون والمهندسون فيها على جمع الجهاز والبرمجيات والخدمات لإيجاد أجهزة تبدو شخصية، ومألوفة وسهلة الاستخدام. لكنه ربما لم يكُن ليتوقع أن فلسفته المتمثلة في ربط التكنولوجيا بالفنون الليبرالية ستُتوَّج في رسوم متحركة مُتحدثة.
وتزامن إطلاق آيفون إكس مع الافتتاح الرسمي لـ”أبل بارك” الذي بدأ جوبز العمل عليه قبل عقد من الزمن مع إطلاق آيفون الأصلي.
وقال كوك إن المقر الجديد لأبل “مصمم ليكون مندمجا تماما مع الطبيعة”، بما في ذلك 9000 شجرة و100 في المائة من الطاقة المتجددة. “إنه يجلب الخارج إلى الداخل ويربط الجميع بالمناظر الطبيعية في كاليفورنيا الجميلة”.
هوراس ديديو، محلل نظرية الاضطراب، أشار إلى أن المقر الجديد أكبر من مدينة الفاتيكان.
ونادرا ما تتيح شركة أبل لأي شخص عدا موظفيها الدخول إلى داخل مكاتبها. ولم يتمكن الحضور يوم الثلاثاء الماضي من دخول الحلقة الرئيسة “السفينة الفضائية” التي تبلغ مساحتها نحو 260 دونما، على الرغم من أنه كان بمقدورهم شراء قمصان تحمل تصميمها مقابل 40 دولارا لكل قميص من متجر الهدايا الواقع خارج البوابات.
في مركز الزوار الذي سيكون مفتوحا للجمهور في الأشهر المقبلة، يوجد مقهى بكراسي طراز ويشبون، من تصميم هانز ويجنر، ومتجر أبل (أبل ستور) كامل الحجم، وأنموذج معماري مصغر لمقر الشركة تم تصنيعه من الألمنيوم، يبلغ وزنه نحو خمسة أطنان.
ولن يتم السماح لمعظم الزوار بالذهاب أبعد من ذلك، لكنهم يستطيعون النظر من خلال شاشة آي باد إلى المقر الذي سيظهر على شكل واقع معزز ثلاثي الأبعاد.