تم النشر في الجمعة 2018-09-21
في العقد الأول من هذا القرن كانت الشركات تتساءل: “هل أصبح لينوكس جاهزًا لأجل الشركات؟”. لكن مثل تلك الأسئلة التي طرحتها الشركات التي تشتري الحلول كانت خاطئة في ذلك الحين، أو على الأقل كانت أسئلتها مكبلة بنظرة إلى الماضي.
إذ تميزت برمجيات المصادر المفتوحة منذ بداياتها بمزايا جذابة مثل: المرونة – الحرية – التأقلم، ووضع التحكم بيد المستخدم. وكانت وقتها تطبيقات ومنصات المصادر المفتوحة تكتسب وبسرعة فائقة تلك السمات التي طالما ركز عليها مدراء تقنية المعلومات، مثل إمكانية التوسع العمودي والموثوقية والأداء والمزايا المتاحة. حتى النموذج التقليدي لتخطيط موارد المؤسسات نفسه، رغم أنه غالبًا جزء أساسي من البنية التحتية التقليدية، بات يمثل الماضي وليس المستقبل.
ومن ثم ظهرت شركات مثل “تويتر” و”نيت فليكس” و”فايسبوك” على المشهد. وبدأ مزودو الخدمات السحابية بتقديم الحوسبة عند الطلب، وواكب ذلك انطلاق ثورة الهواتف المتحركة. أما ظهور شركات مثل “أمازون” فأدى إلى إعادة هيكلة شاملة للصناعات. وفي هذا المشهد كانت برمجيات المصادر المفتوحة ولا تزال حاضرة بكثافة في تلك الشركات الجديدة وغيرها من شركات العصر الجديد. وبدى في ذلك الحين أن تلك الشركات لم تكن “حقيقية”. وعليه كان اتباع النهج والتقنية القديمة مقبولاً طالما أنك لست من فئة “تلك الشركات”، أليس كذلك؟
بالمقابل برز وبوضوح مسألة اكتساب حلول المصادر المفتوحة وبسرعة فائقة أرضية كبيرة في القطاعات التقليدية المشهود لها بفطنتها التقنية، لا سيما قطاع الخدمات المالية. إذ كان نظام لينوكس وبرمجيات المصادر المفتوحة بمثابة القلب المحرك للكثير من أسواق الأوراق المالية وغيرها من أنظمة المهام الحساسة، الأمر الذي برهن بشكل جلي ومتواتر على أن المصادر المفتوحة كانت ملائمة بقوة للكثير من البنى التحتية الحوسبية الكبرى، حتى بات تفكيرنا حول “تقليدية” تلك الشركات يتلاشى أصلاً وبسرعة.
تلك هي من الأسباب التي أدت بشركة أبحاث السوق “آي دي سي” إلى اكتشاف أن 84% من الشركات العالمية تؤمن بأن المصادر المفتوحة تلبي تطبيقات المهام الحساسة، أو بأنها – أي المصادر المفتوحة – هامة جدًا لدعم استراتيجيات تقنية المعلومات على مدى الثلاث سنوات القادمة. وقد تبوأت شركات بيع البرمجيات الداعمة للمصادر المفتوحة المرتبة الأولى كخيار مفضل عند توريد البنى التحتية الجديدة لتقنية المعلومات.
يتضمن تحديث البنى التحتية لتقنية المعلومات دعم وترقية البنى التحتية التقنية الموروثة. وقد وجدت شركة “آي دي سي” أنه بحلول عام 2020 ستستمر 41% من التطبيقات في العمل على بنى تحتية تقليدية بسبب أن “الكثير من التطبيقات التقليدية في عام 2020 ستبقى من فئة المهام الحساسة وتشمل: بيانات العميل، أنظمة القيد، والبرمجيات التقليدية”. ولذلك تستخدم حلول المصادر المفتوحة غالبًا في رفع أداء البنى التحتية الموروثة في نواح عديدة مثل نظام التشغيل والمحاكاة الافتراضية والبرمجيات الوسيطة.
لكن تحديث بنى تقنية المعلومات يجلب معه أيضًا منصات لفئات جديدة مطورة من التطبيقات التي تقدم أنواعًا جديدة من الخدمات. فمثلاً التطبيقات التي تعتمد على موقعك الجغرافي في هاتفك الذكي لم تعد تتواصل مع تطبيقات موروثة انطلاقًا من مراكز البيانات التقليدية، إذ هي الآن تتواصل على الأرجح مع مجموعة متنوعة من الخدمات الخفيفة التي تتصل بهاتفك وهواتف أخرى وكذلك فيما بينها لأجل –على سبيل المثال– استلام الطلبات، وإرسال مركبات التوصيل، واستلام المبلغ الذي دفعته، وتقديم الإيصال إليك.
وهنا تبرز تقنيات جديدة مثل الحافظات وأنظمة إدارتها، والتعلم الآلي، وشبكات الخدمات، وأنواع جديدة من أنظمة المراقبة والتسجيل، إضافة إلى فئات جديدة من التقنيات التي باتت تتطور بسرعة كبيرة إلى حد أنها قد تكون ارتقت أكثر في وقت قراءتك لهذا المقال.
هذه هي قصة المصادر المفتوحة اليوم. إذ تعمل المصادر المفتوحة على استبدال الكثير من البرمجيات الخاصة وبفعالية كبيرة. حتى أن المنتجات التجارية التي تتبع نموذج تطوير برمجيات المصادر المفتوحة قد تفوقت على فئات بأكملها من البرمجيات الخاصة.
لكن أبرز عناوين يومنا هذا يكمن في كيفية عمل نموذج تطوير المصادر المفتوحة وابتكارات المصادر المفتوحة على خلق فئات جديدة من البرمجيات بسرعة مذهلة. فالمصادر المفتوحة تذلل العقبات أمام الشركات عند العمل المشترك على بناء تقنيات ومنصات ذات منفعة متبادلة، وتؤسس لبيئات عمل ودعم ترفع من قيمة وفائدة التقنيات الجديدة.
إن مصدر الابتكار هذا متاح سواء كي يستفاد منه أم لا. لكن المنظمات التي تفشل في الاستفادة منه سترى أن القطار قد فاتها، وبسرعة.
جوردون هاف، رائد تقنيات المصادر المفتوحة في شركة “ريد هات”