تم النشر في الأربعاء 2018-08-15
كل شيء قابل للأخذ والرد، والنقاش والتفهم في الأعراف الدولية، إلا ما يتعلق بمبدأ سيادة الدول، فهذه خطوط لا مُقامرات أو نزوات عبث بها، ولا تهاون في التعاطي معها، ولا يمكن التعامل معها على محمل حُسن النيّات، وتحت أيّ ظرف.
ولعل سياسة “طول البال” للمملكة الرشيدة تعلن أن: “يتقي كل من تسول له نفسه أيا كانت شر الحليم إذا غضب”، إذ يبدو غائباً عن كندا ودول أخريات، أن السياسة الخارجية للسعودية الحديثة، قائمة على الحزم في المواقف، والابتعاد عن منهجية «طول البال»، خاصة في ظل الظروف والسياقات الزمنية بأحداثها المتسارعة، ولكن إذا تعلق الأمر ببيتي فلا وألف الف لا، والكل في موقفي يستنكر (التدخل) الغير مقبول لدولة لها مكانتها وثقلها الخارجي، فمن “يمتلك بيتاً من زجاج لا يرمي غيره بالطوب”، فقد سبق أن طردت السعودية السفير الأمريكي عام 1988، عندما حاول أن يبدي رأياً أمام الملك فهد بن عبدالعزيز – رحمه الله – في صفقة شراء الصواريخ الصينية، فكان الرد حاسماً، لذلك لن يكون السفير الكندي أكثر حصانة من السفير الأمريكي.
ولعل التصنع الحقوقي التي تعيشه كندا تفضحه دراسة صادرة عن مؤسسة إحصاءات كندا تكشف عن ارتفاع عدد جرائم القتل على أيدي عصابات الشوارع والجريمة المنظّمة في كندا عام 2016، وذلك للسنة الثانية على التوالي، وبعدها أعلنت ارتفاعاً جديداً في عام 2017 وذلك وفقا لراديو كندا، ثم مشكلة العنصرية الذي تمارسه حكومتها ضدّ السكان الأصليين، ونظام الهجرة الكندي الذي يُوقف الأطفال اللاجئين وكأنهم مجرمون، بل وارتفاع معدل الانتحار والتشرُّد والتحرُّش في كندا، ورغم كل هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في كندا، إلا أن المملكة لم تتدخل في هذا الشأن باعتبار ذلك شأناً داخلياً.
إن السيادة السعودية خط أحمر، وهذه هي الرسالة الدبلوماسية السعودية لكل من يتدخل في شؤونها الداخلية!”. فالجانب الكندي، يجب أن يفهم أن المملكة قادرة على تحديد ما يكون وما لا يكون فوق سيادة أرضها، لذا وجب على كندا تدارك الخطأ والاعتذار الفوري، فتوتر العلاقات بدأ منذ بضع سنوات والخلافات تتغذى من قضايا حقوق الإنسان… دون أت تدري من سيكون الخاسر – أيها الشعب الكندي بلدكم هي الخاسرة فيها من أجل شأن لا ناقة ولا جمل لكم فيها، ولكن رُب ضارة نافعة؛ إذ لعل هذا الموقف السعودي الحازم يمثل رسالة قوية واضحة لدول أخرى تفكر في التدخل في شؤوننا، بل هو وسم لا ينساه أيٌّ من الدول أو الحكومات المتورّطة وغيرهم.
حماد الثقفي
كاتب سعودي