محللون نفطيون: تشدد المنتجين سيدفع برنت لكسر حاجز 80 دولارا للبرميل
تم النشر في الأثنين 2018-04-30
توقع محللون نفطيون أن تواصل أسعار الخام مكاسبها السعرية خلال الأسبوع الحالي بعد ثلاثة أسابيع من المكاسب الأسبوعية لخام برنت في ضوء اقتراب موعد البت في تجديد العقوبات الاقتصادية الدولية على إيران في 12 أيار (مايو) المقبل وما يترتب عليها من تراجع حاد في الصادرات النفطية.
وأشار المحللون إلى أن خام برنت كسب نحو 6 في المائة على مدار الشهر الجاري، ومن المرجح أن يواصل مكاسبه خلال الشهر المقبل في ضوء توقعات لمؤسسات دولية ومالية على رأسها وكالة الطاقة ومجموعة “جولدمان ساكس” المصرفية بأن يكسر سعر برنت حاجز 80 دولارا للبرميل بسبب تشديد السوق من قبل المنتجين، إضافة إلى العوامل الجيوسياسية وانهيار الإنتاج في بعض دول “أوبك” خاصة فنزويلا.
وفي هذا الإطار، يقول لـ “الاقتصادية”، روس كيندي العضو المنتدب لمجموعة “كيو إتش أي” للخدمات النفطية، “إن أسعار النفط الخام تواصل حصد المكاسب في ضوء عديد من العوامل المواتية منها تشديد المعروض والعوامل الجيوسياسية وتحسن مؤشرات الطلب وهو ما يعني أننا على أعتاب أسبوع رابع من المكاسب السعرية المتواصلة”.
ولفت كيندي إلى أن خام برنت ربح 6 في المائة على مدار الشهر الحالي، وأغلب التكهنات والقراءات لظروف السوق الحالية تنبئ باستمرار هذه المكاسب وتوقع كسر مستوى 80 دولارا للبرميل في ظل إصرار “أوبك” وحلفائها على التمسك باتفاق خفض الإنتاج ومد محتمل للعمل به إلى العام المقبل.
من ناحيته، يوضح لـ “الاقتصادية”، فيتوريو موسازي مدير العلاقات الدولية في شركة “سنام” الإيطالية للطاقة، أن مؤشرات الطلب بشكل عام قوية ومبشرة، لكن الشهرين المقبلين سيشهدان دخول ست مصاف كبرى في الصين إلى الصيانة وهو ما سيقلص الطلب العالمي على النفط بنحو 10 في المائة وبالتالي سيحد من تحقيق مكاسب سعرية واسعة ولو بشكل نسبي.
وأضاف موسازي أن “أسعار النفط وصلت إلى أعلى مستوى في ثلاث سنوات بدعم من العوامل الجيوسياسية في الأساس خاصة في ضوء توقعات بانهيار اتفاق النووي الذي وقعته إيران مع القوى الدولية في عام 2015 الذى تمكنت بموجبه من زيادة صادراتها النفطية على نحو واسع وأضافت أكثر من مليون برميل يوميا”.
من جانبه، يقول لـ “الاقتصادية، ديفيد ليديسما المحلل في شركة “ساوث كورت” لاستشارات الطاقة، “إن المتابع بدقة لتطورات سوق النفط الخام يرجح استمرار تمسك “أوبك” وحلفائها بخفض الإنتاج لفترات جديدة مقبلة”، مشيرا إلى أن تضييق السوق بانكماش المعروض النفطي سيؤدي إلى ردة فعل قوية من الإنتاج الأمريكي الذي سيحاول بأقصى طاقاته ملء هذه الفجوة في العرض مستفيدا من الصعود السريع لمستوى أسعار الخام.
وأوضح ليديسما أن إيجاد حل لأزمة الملف الإيراني سيهدئ كثيرا من حالة الصعود المحموم في الأسعار بسبب الخوف من تداعيات عودة العقوبات على المعروض النفطي إلى جانب عدة أزمات أخرى مماثلة ومتزامنة في أنجولا وليبيا وغيرها.
إلى ذلك، أكد تقرير “وورلد أويل” الدولي أن انخفاض الإنتاج في فنزويلا يجذب انتباه الأسواق في الوقت الحالي، في الوقت الذي تتفاقم فيه المشكلات “بهدوء” في بلد آخر عضو في منظمة “أوبك” وهي أنجولا التي كانت أكبر منتج للنفط الخام في إفريقيا وتعاني حاليا انخفاضات حادة في استثمارات الحقول البحرية، فقد انخفض الإنتاج بمقدار ثلاثة أضعاف ما تعهدت به البلاد بموجب الاتفاق مع زملائها الدول الأعضاء في “أوبك”.
وتوقع التقرير الدولي انخفاض صادرات “أوبك” في حزيران (يونيو) المقبل إلى أدنى مستوى لها منذ 2008 في ضوء قيام المنتجين في المنظمة وخارجها بتشديد العرض أكثر من اللازم – بحسب رؤية بعض الأطراف في السوق النفطية -.
وأشار التقرير إلى نجاح “أوبك” وحلفائها في القضاء على وفرة المعروض من النفط الخام من خلال تخفيضات الإنتاج التي بدأت أوائل عام 2017 وهو ما عزز الأسعار إلى أعلى مستوى في ثلاث سنوات فوق 75 دولارا للبرميل.
ولفت التقرير إلى أن جهود المنتجين تلقت دعما إضافيا بتهاوي إنتاج فنزويلا التي خفضت ستة أضعاف حصة التخفيض الذي وعدت به في اتفاق المنتجين، وذلك لكونها تصارع حالة من الأزمة الاقتصادية المتصاعدة في البلاد التى طالت في الأساس صناعتها النفطية.
ونقل التقرير رؤية خاصة لبعض المحللين يقدرون فيها أن “أوبك” تقوم حاليا بتشديد الأسواق العالمية بشكل حاد للغاية وهو ما قد يسهم في دفع الأسعار إلى مستويات إما أن تعوق الطلب على النفط أو حدوث موجة جديدة من إمدادات منافسة من الولايات المتحدة.
ولفت التقرير إلى توقعات محللين من “بنك أوف أمريكا ميريل لينش” أن تدفع تخفيضات الإنتاج بين أعضاء “أوبك” وخارجها أسعار الخام إلى أكثر من 80 دولارا للبرميل قريبا.
ونبه التقرير إلى تأثير العوامل الجيوسياسية في عديد من دول الإنتاج خاصة في “أوبك”، مبينا أنه تم إعفاء نيجيريا وليبيا من اتفاق خفض الإنتاج لأن إنتاجهما تقلص بالفعل بسبب عدم الاستقرار الداخلى، في حين إن تنفيذ العراق للاتفاق لم يتحسن إلا بعد أن أوقفت الصراعات السياسية نمو الصادرات، كما يتجنب بعض التجار التعامل مع النفط الإيراني بالفعل خشية أن يعيد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب فرض العقوبات الدولية في 12 مايو المقبل.
وأشار التقرير إلى النضوب الطبيعي للحقول في كل دول الإنتاج حيث تتضاءل إنتاجية الحقول بمرور الوقت إلا أن أنجولا تعاني بشكل أكبر بسبب أن عمليات المياه العميقة في أنجولا مكلفة للغاية إلى جانب عدم كفاية النفقات الرأسمالية كما أن معدل نضوب الحقول في أنجولا هو أكثر من ضعف المتوسط العالمي ويراوح بين 13 إلى 18 في المائة.
وكانت أسعار النفط قد أغلقت على انخفاض طفيف في ختام الأسبوع الماضي، رغم أن خام برنت سجل ثالث أسبوع على التوالي من المكاسب وسط قلق بشأن المعروض من الخام إذا أعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات على إيران.
وبحسب “رويترز”، أنهت عقود برنت لأقرب استحقاق جلسة التداول منخفضة عشرة سنتات أو 0.1 في المائة لتبلغ عند التسوية 74.64 دولار للبرميل، وفي وقت سابق هذا الشهر قفز خام القياس العالمي إلى أعلى مستوى منذ أواخر 2014 فوق 75 دولارا للبرميل.
وتراجعت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط تسعة سنتات أو 0.1 في المائة أيضا لتسجل عند التسوية 68.10 دولار للبرميل.
وصعد برنت نحو 0.5 في المائة في الأسبوع المنصرم في ثالث مكسب أسبوعي على التوالي في حين أنهي الخام الأمريكي الأسبوع على خسارة نحو 0.5 في المائة.
وسيتخذ الرئيس الأمريكي دونالد ترمب قرارا بحلول الثاني عشر من أيار (مايو) بشأن ما إذا كان سيعيد فرض عقوبات على إيران كانت قد رفعت في إطار الاتفاق بشأن برنامجها النووي.
وتجديد العقوبات من المرجح أن يكون له تأثير سلبي في صادرات النفط الإيراني، وقد يعرقل المعروض العالمي من الخام، وقال روب ثوميل مدير المحافظ في “تورتيس كابيتال” لإدارة استثمارات الطاقة في ليوود في ولاية كانساس “ذلك هو العامل الأكبر الآن الذي يحرك السوق. السوق تنتظر ما سيحدث”.
وصعد برنت نحو 6 في المائة منذ بداية الشهر الحالي بينما بلغت مكاسب الخام الأمريكي نحو 5 في المائة، وجاءت تلك المكاسب على الرغم من ارتفاع مؤشر الدولار الذي سجل أعلى مستوى منذ الحادي عشر من كانون الثاني (يناير) أمام سلة من العملات، وارتفاع الدولار يجعل السلع الأولية المسعرة بالعملة الأمريكية أكثر تكلفة على حائزي العملات الأخرى.
في سياق آخر، ارتفع عدد الحفارات النفطية في الولايات المتحدة للأسبوع الرابع على التوالي وأنهت الشهر على ارتفاع حاد بينما تخطط شركات النفط لزيادة الإنتاج في الوقت الذي تجني فيه أرباحا من تداول الخام قرب أعلى مستوياته في ثلاث سنوات.
وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة، في تقريرها الأسبوعي الذي يحظى بمتابعة وثيقة، “إن شركات الحفر أضافت خمسة حفارات نفطية في الأسبوع المنتهي في السابع والعشرين من نيسان (أبريل)، ليصل العدد الإجمالي إلى 825 حفارا وهو أعلى مستوى منذ آذار (مارس) 2015”. وعلى مدار الشهر أضافت شركات الحفر 28 حفارا في نيسان (أبريل) بعد أن خفضت عدد الحفارات بواقع حفارين في آذار (مارس)، وارتفع عدد الحفارات منذ بداية العام بمقدار 78 حفارا.
وإجمالي عدد الحفارات في أمريكا، وهو مؤشر أولي للإنتاج مستقبلا، مرتفع كثيرا عن مستواه قبل عام عندما بلغ 697 حفارا نشطا، وتزيد شركات الطاقة الإنفاق بشكل مطرد على أنشطة الحفر منذ منتصف 2016 عندما بدأت أسعار النفط تتعافى من انهيار استمر عامين.