تم النشر في الأربعاء 2017-12-27
كريستوفر ديمبيك، رئيس قسم التحليل الشامل لدى ’ساكسو بنك‘
قبل بضعة أسابيع، قادت أسواق الأسهم الصينية عمليات بيع عالمية على خلفية المخاوف بشأن نمو الدولة. وما لبثت المخاوف أن تلاشت في أعقاب نشر بيانات التصدير الصينية الجيدة بشكل مفاجئ، والخطوات الرئيسية المتخذة في مجال الإصلاح الضريبي بالولايات المتحدة الأمريكية. ومع ذلك، ما زال بعض المستثمرين يرون في ذلك إنذاراً مبكراً لقدوم صدمة جديدة من آسيا.
وخلال الأعوام الثلاثة الماضية، رفعت الصين مستوى مخاوف المستثمرين في أكثر من مناسبة بالتوازي مع استمرار الدولة بتحقيق اندماج أعمق مع النظام المالي العالمي. كما لعبت الصين دوراً كبيراً في إحداث آخر عمليتي تصحيح في أسواق الأسهم العالمية عامي 2015 و2016.
وفي يناير 2016، انخفض مؤشر بورصة شنغهاي المركب بنسبة 19% مما تسبب في مبيعات عالمية حادة استمرت شهرين تقريباً. فهل ينبغي أن تخشى الأسواق من وقوع انهيار صيني جديد في عام 2018؟ يرتفع حتمال حدوث مثل هذا الانهيار مجدداً ويقترب، ولكن توجد عوامل كثيرة يمكنها الحد من المخاطر بشكل فاعل.
أبرز المخاطر المرتبطة بالتطورات المالية الكلية في الصين
يتجه الاقتصاد الصيني نحو تباطؤ أكثر حدّة بالمقارنة مع توقعات السوق، ولا يعتبر التشديد بعد انعقاد المؤتمر أمراً جديداً. وظهر مؤشر المفاجآت الاقتصادية في الصين سلبياً منذ سبتمبر؛ وبدت بيانات أكتوبر للأنشطة الصينية في السوق العقارية، والقطاع الصناعي، والخدمات والبناء والاستثمار أكثر ضعفاً نظراً لتأثيرات التقويم (انعقاد المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني) والحد من القدرة الزائدة. وكان إيقاف أو إلغاء عدد من مشاريع البنية التحتية مثيراً للدهشة في خطوة تهدف للتركيز على الجودة بالمقارنة مع حجم النمو (مشاريع مترو الأنفاق في منغوليا الداخلية على سبيل المثال).
وسيكون لذلك تأثير سلبي على القطاع الخاص (حيث تعتمد معظم المشاريع في الصين على أسلوب الشراكة بين القطاعين العام والخاص) وسيمتد ذلك إلى النمو بطبيعة الحال، حيث تمثل مشاريع البنية التحتية نحو 20% من إجمالي استثمارات الأصول الثابتة. وإلى جانب انخفاض الاستثمار في البنية التحتية، يمهد الدافع الائتماني السلبي الطريق أمام تباطؤ لا مفرّ منه، وقد يكون أكبر مما هو متوقع في العادة.
وبالإضافة إلى ذلك، بدأت علامات العدوى من التباطؤ الصيني بالظهور في أستراليا وهونج كونج، حيث يتجه مؤشر حجم تجارة البضائع والسلع – والذي يعتبر بديلاً جيداً للتجارة الصينية نظراً لمكانته كميناء وسيط – نحو الانخفاض منذ مطلع العام.
وبالرغم من أنها لا تعتبر مستويات مثيرة للقلق بعد، إلا أنها تمثل علامة مبكرة على الرياح المعاكسة التي سيواجهها الاقتصاد العالمي في وقت قريب جداً.
وفيما لا يبدو مستوى ديون الشركات في الصين مرتفعاً (46.2% من الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من عام 2017)، يشهد معدل خدمة الدين في القطاع الخاص ارتفاعاً متسارعاً. وهو أمر نادراً ما يذكر عند التطرق للمخاطر المالية في الصين.
واستناداً إلى بيانات بنك التسويات الدولي، وصلت خدمة الدين في القطاع الخاص إلى مستويات قياسية بنسبة 20% من الدخل (بالمقارنة مع 11.7% فقط في عام 2008). وبالرغم من تخفيض قيمة الديون، يتوقع أن يستمر هذا التوجه على المدى المتوسط على الأقل مما يثير المخاوف من احتمال توجه القطاع الخاص نحو تخصيص حصة متزايدة لتسديد الديون على حساب الاستثمار والأجور في سياق غير مؤات من النمو البطيء.
ومن شأن التوتر الدائم على معدلات الاقتراض أن يؤدي إلى حالات إفلاس تؤثر أولاً على القطاعات التي تعاني من قدرة فائضة، مما يتطلب تدخل الدولة لمنع انتقال العدوى إلى البنوك الأربعة الكبرى.
ونعتقدُ أن التحرير المالي يمثل التحدي الرئيسي للصين والاقتصاد العالمي على المدى البعيد. ولم تتضح ملامح الجدول الزمني بعد، ولكن يتوقع حدوث تغييرات كبيرة في السنوات القليلة المقبلة (على سبيل المثال، سيسمح للمستثمرين الأجانب بامتلاك حصة أغلبية في المؤسسات المالية للدولة، في حين لا يمتلكون حالياً سوى 20% كحد أقصى).
ومن المؤكد أن ’الانفجار الكبير‘ سيعود بنتائج إيجابية على المدى البعيد في العالم كما فعلت سياسة ’الباب المفتوح‘ التي قادها الزعيم الصيني دينج شياو بينج؛ غير أنها ستزيد من المخاطر المالية العالمية المرتبطة بالصين.
وحتى الآن، كان التباطؤ الاقتصادي في الصين عامل التأثير الأساسي على بقية أنحاء العالم من خلال التجارة والعملة. وبمجرد أن يتحقق التحرر المالي، فإن المصارف وشركات الوساطة المالية ستطبق هذه السياسة مما يشكل خطراً نظامياً مهماً في حال كان التباطؤ أكثر عمقاً من المتوقع، أو عند بداية دورة القروض المتعثرة القادمة.
ومن الناحية التاريخية، كان التحرير المالي محفزاً رئيسياً في الأزمات المالية السابقة التي تعرضت لها الأسواق الناشئة. وفيما يبدو أن الصين تمتلك عدداً من نقاط القوة التي لا تحظى بها دول أخرى في الأسواق الناشئة، فإن هناك خطر كبير من أن تؤدي هذه العملية إلى زيادة تمويل المضاربات مما يزيد من احتمال تقصير المقترضين في سياق مديونية مرتفعة جداً.
وتدرك السلطات هذه المخاطر بشكل كامل بناء على ما أثبته خطاب شي جين بينغ الذي استغرق ثلاث ساعات في المؤتمر التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني … وهذا هو السبب الذي يبرز حاجة الصين إلى تقليص حجم المديونية بحذر وسرعة.
ما الذي يمكن أن يخفف من المخاطر بشكل فاعل؟
في عامي 2015 و2016، ركزت المخاوف العالمية بشأن الصين بشكل أساسي على تدفق رأس المال وانخفاض قيمة اليوان. واختفت تلك المخاوف منذ ذلك الحين، وجاء ذلك في الغالب نتيجة لتحسين ضوابط رأس المال. وتراجعت حدة تدخلات بنك الشعب الصيني في سوق البورصة بشكل كبير في عام 2017؛ ولأول مرة طوال شهر أكتوبر منذ الأزمة المالية، لم يتدخل البنك المركزي الصيني في السوق على الإطلاق. وبقيت تدخلات السوق هامشية في شهر نوفمبر عندما لم يتجاوز صافي المشتريات/صافي المبيعات بالعملات الأجنبية عبر بنك الشعب الصيني مبلغ 10 مليار دولار أمريكي. وثمة مؤشر آخر على ارتفاع الاستقرار المالي يتمثل في الفجوة بين اليوان البري والبحري (والتي اتسعت في الفترة بين عامي 2014 و2015 مما أدى إلى انخفاض حاد في قيمة العملة)، والتي أغلقت تماماً منذ الربع الأول من عام 2016. وفي النهاية، تمكن بنك الشعب الصيني من إعادة بناء احتياطياته من العملات الأجنبية منذ مطلع العام ليصل إلى 3.12 تريليون دولار أمريكي في نوفمبر.
وتشير هذه العناصر إلى تحسن واقع الاستقرار المالي والتوجيه من قبل البنك المركزي في سوق المال. ولا يمكن حصر المشكلة المتزايدة للصين الآن في هروب قدر كبير من رأس المال، وإنما إعادة رأس المال الذي تحتفظ به الشركات الصينية متعددة الجنسيات مما أدى إلى خسارة طويلة الأمد للقدرات الاستثمارية الصينية والنمو.
ولا يزال الاستهلاك مصدراً مستقراً للنمو يمكنه على أقل تقدير تعويض التباطؤ الذي يشهده الاستثمار والبناء. وبلغت ثقة المستهلكين أعلى مستوياتها منذ نهاية عام 1996 نظراً لتحسن ظروف سوق العمل والنمو القوي للأجور. ومنذ عام 1999، ارتفعت الأجور بشكل كبير سواء من حيث قيمتها الحقيقية أو الاسمية لتصبح أعلى بكثير من المستويات التي شهدتها البلدان النامية الرئيسية الأخرى.
وخلال الفترة ذاتها، حافظ نمو الأجور الاسمية على مستوياته تقريباً فوق 10% (على أساس سنوي). وتباطأ مؤخراً ليصل إلى 9.1% من حيث القيمة الاسمية، و6.9% من حيث القيمة الحقيقية في عام 2016.
وبالاقتران مع انخفاض التضخم، يوفر ارتفاع الدخل لعدد من صناع السياسات بعض الراحة عند مواجهة التحديات المالية الصينية على المدى المتوسط.
وفي الوقت ذاته، لا يزال العمل على تخفيض قيمة الديون الماليةجارياً. ومنذ منتصف عام 2016، تم التعاقد على القروض المقدمة للمؤسسات المالية غير المصرفية على أساس سنوي. وفي أكتوبر 2017، انخفض هذا المقياس بنسبة 33% على أساس سنوي. وجاء ذلك نتيجة مباشرة لظروف نقدية أكثر تشدداً، وتنظيم أكثر صرامة. ورفع بنك الشعب الصيني معدلات الفائدة مرتين هذا العام بالنسبة لتسهيلات الإقراض متوسطة الأجل؛ ويتوقع استمرار هذا النهج في العام المقبل.
وإلى جانب هذه التدابير، اتخذت الجهات التنظيمية الصينية خطوات مقنعة نحو وضع قواعد أكثر تشدداً بشأن منتجات إدارة الأصول، بما في ذلك نسبة الرافعة المالية القياسية والمدفوعات المضمونة؛ والتي ينبغي تنفيذها بشكل كامل بحلول عام 2019.
غير أن المخاطر المرتبطة بالدين الصيني لا تزال تشكل نقطة قلق أساسية بالنسبة للمستثمرين – وهو ما أدى إلى ارتفاع عائدات السندات على مدى الأشهر القليلة الماضية. وقد دفعت المؤشر الحكومي الصيني على مدى 10 سنوات على مقربة من أعلى مستوياته منذ ثلاث سنوات عند نحو 4% بالمقارنة مع الانخفاض في عام 2016 عند 2.6% … ولكن مجدداً، توجد عوامل مهمة لتخفيف المخاطر.
وتعتبر الحكومة الصينية موجهاً مباشراً وحاملاً غير مباشر للديون الخاصة (من خلال البنوك الكبيرة والشركات المملوكة للدولة والتي تمثل نحو ثلثي إجمالي ديون الشركات في البلاد)، وفي أسوأ الحالات، يتيح المستوى المرتفع لمعدل الادخار الإجمالي (حوالي 50% من الناتج المحلي الإجمالي بالمقارنة مع 17% في الولايات المتحدة الأمريكية) ملاذاً آمناً يمكن للحكومة الاعتماد عليه.
وحتى الآن، لا يملك المستثمرون الأجانب سوى نسبة هامشية من الدين العام الصيني (حوالي 1 بالمائة)، مما يحد من خطر انتقال العدوى المالية.
وستبدأ مستويات الديون المرتفعة بتمثيل مخاطر عالمية بمجرد تطبيق التحرير المالي. وحتى المضاربين على الارتفاع في الصين لا يستطيعون استبعاد ما قد يؤديه التحرير من صدمات مالية عالمية أكثر تواتراً جراء الصين من خلال الوساطة المصرفية والمالية على وجه التحديد.
وينبغي أن يعتاد المستثمرون على الصين خلال السنوات المقبلة باعتبارها منطقة عدم استقرار مالية. والسؤال المهم الذي يطرح نفسه هنا هو معرفة حجم هذه الصدمات، وما إذا كان الاقتصاد العالمي – الذي يعاني من حجم مديونية كبير ويواجه نمواً بطيئاً – قادراً على احتواء الموجة السلبية.
إخلاء مسؤولية عن الدراسة غير المستقلة
لم يتم إعداد هذه الدراسة الاستثمارية وفقاً للمتطلبات القانونية المصممة لتعزيز استقلالية الدراسة الاستثمارية. كما أنها لا تخضع لأي حظر على التعامل قبل نشر الدراسة الاستثمارية. ويجوز لـ ’ساكسو بنك‘ أو الشركات التابعة له أو موظفيه القيام بخدمات لصالح، أو التماس الأعمال من، أو إجراء عمليات بيع أو شراء في، أو خلافاً لذلك الاهتمام بالاستثمارات (بما في ذلك المشتقات)، لأي من المصادر المذكورة هنا. ولا تشكل أي من المعلومات الواردة في هذه الوثيقة عرضاً (أو طلباً لعرض) لشراء أو بيع أي عملة أو منتج أو أداة مالية لإجراء أي استثمار، أو المشاركة في أي استثمار في أي استراتيجية تجارية معينة.
ويقتصر الهدف من إنتاج هذه المادة على أغراض التسويق و/أو المعلومات فقط، ولا يقدم ’ساكسو بنك إيه/إس‘ ومالكوه، وفروعه والشركات التابعة له، سواء كانت تعمل بشكل مباشر أو من خلال مكاتب فرعية (“ساكسو بنك”) أي تمثيل أو ضمان، ولا يتحمل أي مسؤولية عن دقة أو اكتمال المعلومات المقدمة هنا.
ومن خلال توفير هذه المادة، لم يأخذ ’ساكسو بنك‘ باعتباره أي أهداف استثمارية معينة للمستفيد، وأهداف استثمارية خاصة، والاحتياجات والمطالب المحددة، ولا يقصد من خلال هذه المادة تقديم توصية لأي مستفيد للاستثمار أو التخلي بطريقة معينة؛ ولا يتحمل ’ساكسو بنك‘ أي مسؤولية عن أي مستفيد يتعرض للخسارة جراء التداول وفقاً للتوصيات المتصورة.
تنطوي كافة الاستثمارات على مخاطر قد تؤدي إلى اكتساب أرباح أو تكبد الخسائر. وعلى وجه الخصوص، فإن الاستثمار في المنتجات المودعة بالديون، على سبيل المثال لا الحصر، العملات الأجنبية والمشتقات والسلع التي قد تنطوي على عمليات مضاربة حادة، وقد تتقلب الأرباح والخسائر على نحو عنيف، وبسرعة.
ولا يعتبر التداول بالمضاربات خطوة مناسبة لجميع المستثمرين، وينبغي على جميع المستفيدين التفكير ملياً بوضعهم المالي واستشارة مستشارين ماليين متخصصين لفهم المخاطر المعنية وضمان ملاءمة الوضع قبل إجراء أي استثمار أو سحب الاستثمارات أو الدخول في أي معاملة.
ولا يجوز ولا ينبغي اعتبار أي من المخاطر المذكورة هنا انكشافاً شاملاً أو مخاطر شاملة، ولا وصفاً شاملاً لمثل هذه المخاطر.
وأي تعبير عن الرأي يمثل المؤلف شخصياً ولا يعكس رأي ’ساكسو بنك‘؛ وكافة الآراء عرضة للتغيير دون إشعار مسبق أو لاحق.
وتشير هذه المادة إلى الأداء السابق الذي لا يعتبر مؤشراً موثوقاً للأداء المستقبلي. وليس بالضرورة أن تتكرر مؤشرات الأداء السابق المعروضة في هذه المادة في المستقبل.
ولا يوجد أي تمثيل مفاده أن أي استثمار سيحقق أو يحتمل أن يحقق أرباحاً أو خسائر مماثلة لتلك التي تحققت في الماضي، أو إمكانية تفادي الخسائر الكبيرة.
وتستند البيانات الواردة في هذه المادة، والتي لا تعتبر حقائق تاريخية ويمكن مقارنتها ببيانات الأداء الماضي أو الأداء المستقبلي، إلى التوقعات والتقديرات والتخمينات والآراء والمعتقدات الحالية لمجموعة ’ساكسو بنك‘. وتتضمن هذه البيانات مخاطر معروفة وغير معروفة، وأوجه شك وعوامل أخرى، وينبغي عدم الاعتماد على هذه المعلومات دون مبرر.
بالإضافة إلى ذلك، قد تحتوي هذه المادة على ’بيانات تطلعية‘. وقد تختلف الوقائع الحقيقية أو النتائج أو الأداء الفعلي بشكل جوهري عن الأحداث والنتائج الواردة في هذه البيانات التطلعبة. وتحمل هذه المادة طابع السرّية، ولا ينبغي نسخها أو توزيعها أو نشرها أو إعادة إنتاجها كلياً أو جزئياً أو الكشف عنها من قبل المستفيدين لأي شخص آخر.
وأي معلومات أو آراء في هذه المادة غير مخصصة للتوزيع على أو للاستخدام من قبل أي شخص في أي صلاحية قضائية أو بلد يكون فيه هذا التوزيع أو الاستخدام غير قانوني. ولا تعتبر المعلومات الواردة .