تم النشر في الخميس 2017-11-09
رغم كثرة تعاريف الترويج وتعدد المؤلفات حول الموضوع إلا أنها جميعها ترى أن الترويج عملية اتصال، فكلما أتقنت الشركة مهارة الاتصال بالعميل أدت وظيفة الترويج بفاعلية عالية، وهذا يعني أنها أقرب ما تكون إلى الفن منها إلى العلم، وبهذا فالترويج خليط من مجموعة من العناصر. كما أن الترويج يهتم بالتعامل مع سلوك المستهلك أكثر من تعامله مع الحاجات والرغبات الملموسة، فهو عنصر إقناعي موجه للتأثير في السلوك الشرائي، حيث تتمثل المهمة الجوهرية للترويج في التغلب على مشكلة جهل المستهلك ببعض المعلومات، فيبين له المعلومات بطريقة إيحائية أن يتصرف بطريقة معينة يرضى عنها البائع، وهذا نهج إغرائي أقرب من كونه إقناعيا. وكي تصل الشركات وتؤدي وظيفة الترويج بكفاءة فإنها تستخدم عدة أدوات يطلق عليها عناصر المزيج الترويجي. وتختلف أدبيات التسويق عند تصنيف عناصر المزيج الترويجي التي يطلق عليها أحيانا مزيج اتصالات التسويق، فالبعض يصنفها إلى أربعة أقسام رئيسة هي: ترويج المبيعات، والتسويق المباشر، والعلاقات العامة، والبيع الشخصي. ولا يرى مؤيدو هذا التصنيف أن الإعلان إحدى أدوات الترويج لأنه “أي الإعلان” من الأهمية بمكان حيث يعد أحد مكونات المزيج التسويقي وليس أداة من أدوات الترويج. ويرى آخرون أن المزيج الترويجي يشمل الوظائف الأربع السابقة إضافة إلى الإعلان والدعاية. آخرون يرون أن العلاقات العامة يجب ألا تكون إحدى أدوات الترويج، بل هي وظيفة أساسية منفصلة تعادل في أهميتها بقية وظائف المنشأة كالتسويق أو الإدارة المالية. إلا أن غالبية أدبيات التسويق الحديثة صنفت عناصر المزيج الترويجي إلى خمسة أقسام رئيسة هي: الإعلان، وتنشيط المبيعات، والعلاقات العامة، والبيع الشخصي، والتسويق المباشر.
وفي هذا المقال سأقوم بتوضيح كيف أن هذه العناصر جميعها مهمتها إغرائية وليست إقناعية، وسأبدأ بأول عناصر المزيج الترويجي وهو الإعلان، حيث كان الإعلان يعد في السابق إدارة رئيسة من إدارة المنظمة بسبب أهميته وعدم ظهور الأدوات الأخرى، إلا أنه مع تطور الفكر التسويقي أصبح الإعلان إحدى أدوات الترويج. وأيما كان الوضع فإن وظيفة الإعلان لم تتغير الذي اختلف فقط هو تصنيفه، فبدل أن كان إدارة مستقلة مثله مثل إدارة التسويق وإدارة العمليات أصبح أحد مكونات المزيج الترويجي. لكن ما الإعلان؟ وكيف يختلف عن بقية أدوات الترويج؟ وما أبرز وسائله؟
يعرف الإعلان بأنه وسيلة من وسائل ترويج السلع والخدمات هدفه إقناع المستهلك بأهميتها ودفعه إلى شرائها تقوم به جهة متخصصة مقابل أجر. هذا هو التعريف النظري أما ما يمارس بالفعل فهو يستخدم طرق الإغراء بكل أنواعها وأشكالها، فالوسائل الإعلانية التي تنهجها الشركات عند تبني الإعلان كي تقوم بالاتصال بالعملاء كثيرة ومتعددة منها الإعلان عن طريق الوسائل المرئية مثل التلفزيون والسينما، الإعلان عن طريق الوسائل المقروءة كالصحف، والمجلات، وإعلانات الطرق، والإعلان في الوسائل المسموعة كالإذاعة، والإعلان في الوسائل المباشرة البريد العادي، والبريد الإلكتروني، والإنترنت.
أما العنصر الثاني فهو البيع الشخصي، الذي تتجلى أهميته في مدى مقدرة رجل البيع على إتمام مهمة الإقناع، لكنها مهمة إغرائية محضة. فكلما كان رجل البيع قادرا على إقناع المستهلكين بشراء السلعة والعودة مرة أخرى أدى مهمة البيع بفاعلية عالية. ورغم أن مهارة البيع الشخصي تعتمد اعتمادا كبيرا على الفن إلا أن رجل البيع يحتاج إلى قدر كاف من القواعد المعرفية عن السوق، والعملاء، وطريقة تفكيرهم إضافة إلى مهارات سلوكية. وإذا أراد رجل البيع أن ينجز عمله بفاعلية فعليه أن يكون في عمل مستمر وفي حركة لا تهدأ. فالسوق تتغير ورغبات المستهلكين تتبدل، فإذا لم يستطع متابعتها بكل دقة فقد يفوت على الشركة فرصا تسويقية كان من الممكن استثمارها وتحقيق عوائد جيدة. وتمر وظيفة رجل البيع لإقناع المستهلك بالشراء بعدة خطوات هي: البحث عن العميل، وإجراء الاتصالات، وإتمام عملية البيع، ثم تقديم خدمات ما بعد البيع. ومن أهم أنشطة رجال البيع تقديم معلومات عن السلعة، والرد على استفسارات العملاء، حل مشكلات العملاء، تقديم خدمات ما قبل إتمام عملية البيع مثل توضيح مزايا السلعة وكيفية استخدامها، توضيح الخدمات التي يمكن الحصول عليها بعد الشراء كالضمان والصيانة وغيرهما.
العنصر الثالث من عناصر المزيج الترويجي هو تنشيط المبيعات الذي يطلق عليه أحيانا “ترويج المبيعات”. وتنشيط المبيعات عبارة عن حوافز قصيرة المدى تشجع المستهلكين على شراء منتج معين أو خدمة معينة. ويتم ترويج المبيعات بدون التدخل المباشر من قبل رجال البيع. فتنشيط المبيعات يتكون من أنشطة تسويقية ــ بخلاف البيع الشخصي والإعلان ــ هدفها استمالة السلوك الشرائي ورفع الكفاية التوزيعية للسلع والخدمات”. ويختلف تنشيط المبيعات عن الإعلان في أن تنشيط المبيعات يتطلب أن تمتلك المنظمات الوسائل الخاصة بتنشيط مبيعاتها في حين أن الإعلان يتعين على المنظمات أن تستعين بمنظمة أخرى تكون مملوكة للغير. كما أن أثر تنشيط المبيعات يمتد إلى فترة قصيرة بخلاف الإعلان والبيع الشخصي اللذين قد يمتد أثرهما إلى فترات طويلة. ورغم أن الآليات تختلف إلا أن الهدف واحد، هو إغراء المستهلك بشراء السلعة تحت مسمى الإقناع.
بقيت لنا العلاقات العامة والتسويق المباشر وكيف يختلفان ويتشابهان مع بقية عناصر المزيج الترويجي، وكيف يقومان بإغراء المستهلك بالشراء، لعلنا نبين ذلك في مناسبة مقبلة.. إن شاء الله
نقلا عن الاقتصادية