السعودية تحتفي بالمراقبين الجويين في اليوم العالمي للمراقب الجوي
تم النشر في الجمعة 2017-10-20
في هذا اليوم من كل عام يحتفل العالم باليوم العالمي للمراقبة الجوية, ويوافق هذا اليوم ذكرى تأسيس الاتحاد الدولي لمراقبي الحركة الجوية, الذي يضم 134 جمعية موزعة على أربع مناطق إدارية هي : أوروبا، الأمريكيتين، أسيا والمحيط الهادئ، إفريقيا والشرق الأوسط. وقد تأسس هذا الاتحاد في20أكتوبر1961 في العاصمة الهولندية أمستردام.
ومن هذا المنبر الراقي أتقدم بالشكر الوفير والامتنان والتقدير لكافة منتسبي المراقبة الجوية بسلطنة عمان الحبيبة على عطائهم اللامحدود وجهدهم العظيم من خلف الكواليس, وتكريما لهم ولدورهم الأمني والاقتصادي والاجتماعي الهام, اسمحوا لي أن أعرف بمهنة المراقب الجوي سعيا الى تحقيق المزيد من التوعية حول دوره ومكانته الوطنية.
** نبذة عن المراقبة الجوية :
لم تكن الطلعات الجوية الأولى في بداية عهد الطيران كثيفة ولا حتى شائعة. لذا كان الطيارون والمتنبئون الجويون هم من يقرر الإقلاع أو لا. لكن مع تطور السفر جوا بداية العشرينيات برزت الحاجة إلى تنظيم تلك الحركة الجوية ومن هنا ظهرت أبراج المراقبة الجوية. ومع ظهور الرادار بعيد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945، تطورت أنظمة تنظيم حركة الطائرات في الجو ، حول وفوق ارض المطارات، وأصبحت أبراج المراقبة الجوية أهم عنصر عند التفكير في إنشاء أي مطار، صغيرا كان أو كبيرا وظهر كادر لا يقل عن الطيارين أهمية، وهم المراقبون الجويين الذين يقع على عاتقهم تنظيم حركة الطائرات في الجو ومنع حدوث أي تصادم جوي قد تنجم عنه كارثة لا تحمد عقباها.
إن من اللافت للنظر لدى أي منا عند الذهاب إلى المطار هو مشاهدة برج المراقبة، حيث يكون الأعلى من بين منشآت المطار ويتميز بتصميم فريد، حيث يتكون الجزء العلوي منه من بناء زجاجي على مداره من جميع الاتجاهات كي يتيح للمراقبين فيه من مراقبة ساحات المطار من جميع الاتجاهات بزاوية دائرة 360 درجة. لكن منظومة المراقبة الجوية تتكون في الأساس من ثلاثة عناصر أساسية :
1. برج المراقبة Aerodrome control tower
2. مراقبة الاقتراب Approach control unit
3. مراقبة المنطقة Area control center
** وحدة برج المراقبة :
تضطلع هذه الوحدة بمهام مراقبة جميع الطائرات، والآليات والأشخاص الذين يتحركون على ارض المطار. وتتلخص مهامهم الأساسية في إعطاء الإذن بالإقلاع والهبوط, ومنع التصادم فيما بين الآليات والطائرات والمركبات الجوية فوق أرضية المطار.
لـذلك فهم يعملون في تلك الأبراج الزجاجية العالية والواضحة فـــي المطار.
** وحدة مراقبة الإقتراب :
مراقب الاقتراب يتحكم في الطائرات القادمة والمغادرة من وإلى المطار من حيث توجيه الطائرات إلى مساراتها بسلام ويكون التحكم بالطائرات في دائرة قطرها 50 ميلا حول المطار بارتفاع محدد يصل إلى 15000 قدم. وتكمن الصعوبة في كثافة الحركة الجوية ( التي قد تصل أحيانا إلى 30 طائرة قي الساعة الواحدة ), والتحكم بها وتوجيهها في مساحة ضيقة تتخللها التضاريس العالية, بغرض الفصل بين الطائرات ومنع اقترابها لما دون 5 أميال أفقيا أو 1000 قدم عموديا.
** وحدة مراقبة المنطقة :
وهذه الوحدة يقع على عاتقها تنظيم الملاحة الجوية فوق الأجواء للدول التي تختص او تتبع لها والأجواء المناطة بمراقبتها مثل المحيطات والبحار والمناطق الخالية وغيرها, لتطويف الطائرات في الممرات والمسالك الجوية فيما يعرف بالأقاليم الجوية أو Flight Information Regions اختصارا FIR.
وهم يختصون بمراقبة دقيقة لآلاف من الأميال المربعة في الإقليم الواحد، وتحتوي على دقة متناهية خصوصا أن وظيفتهم تتطلب اتقانا وسرعة بديهة كي يتم تمرير الطائرات في ممر جوي ضيق أحيانا ومزدحم بالوقت نفسه، أو فصل رأسي أو أفقي ما بين الطائرات، خصوصا انه جرى تخفيض الفصل الرأسي بين الطائرات إلى ألف قدم بعد أن كان 2000 قدم في السابق بما بات يعرف بمصطلح RVSM.
لذلك فإنهم يعملون بمراكز لا تتطلب أبنية ذات أبراج زجاجية، لأنهم يراقبون الأجواء بواسطة الرادارات، حيث يشاهدون الحركة الجوية من خلال شاشات عرض كرستالية.
– تنظيم عملية المراقبة الجوية
تنطوي أعمال المراقبين الجويين على عدة أمور، أهمها منع التصادم فيما بين الطائرات وتزويدها بمعلومات الأرصاد الجوية، وتبليغها بمعلومات عن مدى صلاحية اجهزة المطار الضرورية للهبوط الآلي ILS وأجهزة الإضاءة للمدرج ومعلومات تتعلق بسلامة الطيران وغيرها من الأمور، وهناك أيضا عملية تسجيل الطائرات ورموزها وبعث البرقيات إلى المطارات تفيد بهبوط أو إقلاع الطائرات من هذا المطار ويقوم بعد ذلك بتسجيل تلك الطائرات في سجل يومي ليكون مرجعا لقسم المحاسبة والإحصاء لمحاسبة شركات الطيران.
– من العقبات والمشكلات اليومية الأساسية التي تواجه مراقبي الجو:
1- كمية حركة الطائرات وازدحامها في الجو وصعوبة تدفقها.
2 – الطقس وتقلباته.
ازدحام المطارات بات شيئا مألوفا، فالطائرة التي تهبط يجب ان تخلي المدرج لطائرة أخرى ولا تتم هذه العملية بسرعة ويسر أحيانا، وتستغرق في العادة من دقيقة إلى 4 دقائق للطائرة الهابطة كي تخلي المدرج. ويمكن للمدرج الواحد أن يتعامل مع 30 عملية هبوط في الساعة الواحدة، وذلك في الطقس الصحو.
وتحدث المشكلة عندما يتم تأخر إحدى طائرات الناقلات الجوية عن موعد إقلاعها مما يربك تناغم سير تدفق الطائرات ويتطلب ذلك إعادة في الحسابات بالنسبة للمراقب الجوي فيعمد إلى تأخير بعض الطائرات بإبقائها في الجو بما يعرف بإجراءات الانتظار الجوي Holding Procedure وهي ترتيبات تحدد مسلك الطائرة في الجو التي تنتظر دورها داخل منطقة مخصصة لها قبل الإذن لها بالاقتراب والهبوط.
أما المشكلة الثانية فهي العواصف الرعدية Thunderstorms التي تمثل خطرا حقيقيا للملاحة الجوية لما يحدث بها من مقصات هوائية Wind Shear وهي التغير في مقدار سرعة الريح (الاتجاه/ السرعة) في وحدة المساحة، مما يتطلب ابتعاد الطائرات عن السحب الركامية CB التي يحدث بها مثل هذه الأحوال الجوية غير الطبيعية وانحرافها عن مساراتها الأساسية وهو ما قد يجعلها تزدحم في نقطة عبور ضيقة في الجو قد تربك المراقب الجوي لزيادة الكم التدفقي للطائرات هناك.
بقي أن نعرف أن المراقبة الجوية من الوظائف الحساسة والنادرة حيث يبلغ عدد المراقبين الجويين على مستوى العالم 150 ألف ملاح بمطارات ومراكز الملاحة الجوية. أما في السلطنة فعددهم يفوق ال120 مراقبا جويا يحملون الأهلية أو الرخصة الدولية ( licence ) من المنظمة العالمية للطيران المدني, ويتميزون بذكاء وسرعة بديهة ومهارات عالية مقرونة بدورات تدريبية مكثفة تؤهلم لاتخاذ القرارات الحاسمة تحت كافة الضغوظ المحيطة.
في النهاية لا يسعني إلا أن أثمن الدور المهم لمراقبي الأجواء في العالم اجمع بشكل عام، وفي السلطنة على وجه الخصوص, نظرا لخطورة عملهم وقراراتهم التي بسبب صحتها بات السفر جوا أكثر الطرق أمانا نحو التواصل الإنساني، وعليه أتمنى من الجهات الرسمية في العالم تقديم كل ما يساهم في تقدم المراقبين الجويين ويساعدهم ويحسن مستواهم.
أعتذر عن الإطالة ولكني أرتأيت الفرصة المناسبة في اليوم العالمي للمراقبة الجوية للتعريف بأهمية المراقب الجوي والتوعية بدوره الحيوي في تأمين سلامة وحركة الطائرات المغادرة والقادمة والعابرة لأجواء السلطنة بكل كفاءة واقتدار,,
لهم كل الاحترام والسلام ختام.