تم النشر في الأحد 2017-01-29
الغرف التجارية هي الممثل الرسمي لرجال الأعمال مؤسسات وشركات تجار وصناع صغار وكبار، تدافع عن حقوق المنتسبين فيها وتعمل على تهيئة الأجواء المناسبة للنشاط الاقتصادي في مدينتها أو منطقتها بصفة خاصة وفي المملكة بصفة عامة. ويشهد تاريخ الغرف السعودية في المملكة على مواقفها ودورها الريادي في خدمة الاقتصاد والتنمية الاقتصادية ويشهد تاريخ الغرف التجارية دور الأوائل من الرؤساء والأمناء العامين والأعضاء الذين قادوا مسيرة الغرف التجارية الصناعية في المملكة لخدمة المنتسبين فيها بصفة خاصة وخدمة اقتصاد المملكة بصفة عامة، وسخروا إمكانيات الغرف التجارية لخدمة المنتسبين وخدمات تنمية الاقتصاد في المملكة. رحم الله الرؤساء السابقين ومنهم الشيخ إسماعيل أبوداود وسليمان العليان وسعد المعجل وصالح جمال وعبدالعزيز ساب وإبراهيم الطوق وأطال الله عمر من بقي منهم عبدالرحمن الجريسي وعبدالله أبوملحة وعبدالله المبطي وغيرهم ومن الأمناء وعلى رأسهم صالح الطعيمي أول أمين عام للغرف التجارية وغيره من الأمناء الذين قادوا مسيرة الغرف بالتعاون مع الرؤساء والأعضاء الأوائل. لقد وقفوا سداً منيعاً أمام كل من يحاول أن ينال من الغرف التجارية الصناعية أو يجردها من شخصيتها الاعتبارية وموقفها المدافع عن حقوق المنتسبين في الغرف أو يسلب الغرف إيراداتها، وكان لهم احترامهم وتقديرهم عند ولي الأمر أولا وعند جميع الوزراء والمعنيين بشؤون الغرف وينبثق هذا الاحترام من ترفعهم عن مصالحهم الخاصة. ورغم جميع المحاولات من بعض كبار المسؤولين في وزارة التجارة آنذاك وهي الجهة المشرفة على نشاط الغرف للتقليل من استقلالية الغرف المالية والإدارية إلا أنهم لم يستطيعوا أن يتجاوزوا مواقف الرؤساء الأوائل في الغرف التجارية. وعندما غيب الموت الرؤساء الأوائل الذين كانوا يؤمنون بالغرف كمؤسسات مجتمع مدني لها نظامها واستقلاليتها استطاع البعض من كبار المسؤولين في وزارة التجارة فيما بعد فرض سيطرتهم على الغرف إدارياً ومالياً وهدد البعض من كبار المسؤولين السابقين الرؤساء السابقين بإقالتهم وتحويل الغرف إلى إدارة من إدارات وزارة التجارة متحدياً نظام الغرف الصادرة بالمرسوم الملكي لإنشاء الغرف، ومنذ ذلك التاريخ والغرف التجارية تفقد استقلاليتها الاعتبارية في قرارها الإداري والاقتصادي والمالي تدريجياً. وبدأ الرؤساء والأعضاء والأمناء يخافون على مراكزهم وطموحاتهم في التعيين في وظائف عليا في الدولة أو تخوفوا من فقدانهم ترشيح وزارة التجارة لهم، وبالتالي فقدانهم للمركز الاجتماعي في مدنهم ومناطقهم الذي يوفر لهم الدعوات في المناسبات الرسمية للدولة أو في المنطقة، ورضخ البعض الآخر إلى جميع الضغوط رغم عدم قناعتهم ولكن قبولهم يرتبط بإعادة تعيينهم من وزارة التجارة كأعضاء معينيين. حتى وصل الأمر إلى أن تفرض على الغرف التجارية الصناعية شركة تدعى (شركة ثقة) التي طالبتُ بنشر نظامها وقرار تأسيسها وصلاحياتها والأسس النظامية التي استندت عليها الشركة في تحصيل اشتراكات الغرف التجارية من التجار والصناع وحسم 25% من الرسوم المتحصلة وتحويل 10% منها إلى مجلس الغرف السعودية و15% لصالح شركة ثقة؟ ولقد تساءلتُ سابقاً: بأي حق تحصل شركة ثقة على 15% وهل عجزت الغرف الكبيرة والصغيرة عن تحصيل رسوم اشتراكاتها؟ وإذا كان الجواب بنعم فهذه كارثة! وكيف تعجز غرفة جدة والرياض والشرقية صاحبة التاريخ العريق في بناء المشاريع العملاقة والخدمات المميزة، الغرف التي تتنافس في البنيان وفي حجم التبرعات ومشاريع المسؤولية الاجتماعية.. الغرف التي أصبحت مترهلة بالكفاءات المتميزة من السعوديين والأجانب من الجنسين.. الغرف التي أنشئت برامج تنموية للقطاع الخاص مثل مدينة المستودعات ومراكز المعارض ومراكز التدريب والبحوث وقادت مشاريع التأهيل للسعودة وشاركت بميزانيات ضخمة في برامج المسؤولية الاجتماعية.. الغرف التي تخرج منها مجموعة من الوزراء في مختلف الوزارات ومؤسسات وهيئات الدولة.. هل يعقل أنها لا تستطيع أن تجمع إيراداتها من خلال جهازها الإداري والمالي بوضع نظام إلكتروني مرتبط مع نظم السجل التجاري لتجديد السجل والاشتراك في الغرف؟. ولا أعلم كيف وافقت الغرف على مبدأ تجديد اشتراكات الغرف وتحصيلها عن خمس سنوات قادمة، أليس في هذا عبء على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة؟ وهل تعلم الغرف وتضمن أن هذه المؤسسات ستستمر في عملها في الخمس سنوات القادمة؟ هل تتابع الغرف إحصائية المؤسسات الصغيرة التي خرجت من العمل في العام الماضي؟ أليس عبء على الشركات والمؤسسات في الدرجة الممتازة أن تدفع لكل اشتراك خمسين ألف ريال دفعة واحدة للخمس سنوات القادمة؟ هل نعلم ما هي الظروف القادمة؟ أسئلة عديدة اطرحها اليوم وسأستمر أطرحها حتى تتجاوب الغرف وتعيد حساباتها. وأرى أنه من الأجدى في الظروف الحالية وقف شركة التحصيل (ثقة) وأن تقوم الغرف بدورها في تحصيل إيرادات اشتراكاتها، وتوفير نسبة 15% التي تتقاضاها شركة ثقة وتمنحها كتخفيض للمشتركين فيها بنفس النسبة لكل اشتراك دعماً وتعاوناً للمشتركين في الغرفة وتقديراً للظروف الاقتصادية، فالمشتركون هم أولى بالدعم والمساندة في الظروف الحالية.
نقلا عن عكاظ