المبادرات الكلية تمهد الطريق لإجراء تحسينات في قطاع العقارات السعودي
تم النشر في الخميس 2017-01-12
شهدت بداية عام 2016 الإطلاق المحوري للخطط الهيكلية لرؤية المملكة 2030 وبرنامج التحول الوطني، وهما المبادرتان الرئيسيتان اللتين قدمتهما المملكة لمواجهة تحديات عام 2015 المتمثلة في انخفاض أسعار النفط وما ترتب عليه من خفض للإنفاق الحكومي.
وأبرز تقرير شركة جيه إل إل الصادر بعنوان “عام 2016 تحت المجهر” عن قطاع العقارات السعودي “عصر التقشف” وتحديات الاقتصاد الكلي الأخرى المتمثلة في ضعف القوة الشرائية والصيغ الجديدة لقانون الضرائب وطرح صناديق استثمارية عقارية متداولة جديدة نظراً لتأثيرها على قطاع العقارات.
فعلى الرغم من انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي السعودي من 3.5 في المائة في عام 2015 إلى 1.6 بالمائة فقط في عام 2016، توفرت السيولة في السوق من خلال الحصيلة الكبيرة لبيع السندات السيادية الدولية لأول مرة والتي بلغت 39.7 مليار ريال سعودي.
ووفقاً للتقرير، بدأت تظهر توقعات مستقبلية أكثر إيجابية لقطاع العقارات مع إصدار الحكومة لمدفوعات بإجمالي 10.6 مليار دولار أمريكي للمقاولين وضخ 20 مليار ريال سعودي في النظام المصرفي.
وقد مهد الاجتماع الأخير لمنظمة أوبك الطريق لتوقعات اقتصادية أكثر إيجابية لعام 2017 في ظل تيسير القيود المفروضة على السوق عن طريق الاتفاق على خفض إنتاج النفط وتعزيز استقرار الأسعار عند متوسط متوقع يبلغ 50.3 دولار أمريكي للبرميل، وذلك وفقاً لشركة “أكسفورد إيكونوميكس”.
وقال جميل غزنوي، مدير مكتب جيه إل إل في المملكة العربية السعودية، أن “سوق العقارات في السعودية قد ظهرت عليه حتماً الآثار الاقتصادية الكلية الناتجة عن تقلب أسعار النفط. وقد أدت الخطط الحكومية الرئيسية الرامية إلى تنشيط السوق إلى وجود توقعات أكثر إيجابية لعام 2017 تماشياً مع التدابير مواجهة خفض الإنفاق الحكومي والإنفاق الاستهلاكي”.
وقد وضعت هيئة السوق المالية قواعد جديدة في عام 2016 للسماح بإنشاء صناديق استثمارية عقارية متداولة في البورصة المحلية، وذلك في إطار سعيها لتنويع الاقتصاد وفتح سوق العقارات أمام صغار المستثمرين.
وعلق غزنوي قائلاً “يسود التفاؤل السوق بأنه يمكن عن طريق طرح الصناديق الاستثمارية العقارية المتداولة تحقيق هدف برنامج التحول الوطني الرامي إلى زيادة مساهمة قطاع العقارات في الناتج المحلي الإجمالي من نسبة 5% إلى نسبة 10% سنوياً بالإضافة إلى خلق المزيد من الشفافية في السوق”.
وأضاف “كما يمكن أن تقدم هذه الصناديق المساعدة في تحقيق بعض الأهداف الأوسع نطاقاً لرؤية المملكة 2030 من أجل زيادة المعروض السكني عن طريق توفير مصادر بديلة للتمويل وتقليل الاعتماد على القطاع المصرفي”.
ويبرز التقرير كذلك عام 2016 بوصفه عاماً نشطاً لرسوم الأراضي البيضاء وتمويل المساكن واللذين كان لهما عواقب وآثار على سوق العقارات في عام 2017 تزامناً مع دخول هذه التغييرات حيز التنفيذ.
ويعرض التقرير السنوي تحليلاً تفصيلياً عن أسواق الوحدات الإدارية والسكنية ووحدات التجزئة والوحدات الفندقية في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية في الرياض وجدة ومنطقة الدمام الحضرية.
سوق الرياض – ملخص للوحدات الإدارية والسكنية ووحدات التجزئة والوحدات الفندقية
كانت سوق الوحدات الإدارية في الرياض في عام 2016 غير نشطة نسبياً من حيث إنجاز المشروعات نظراً لعدد المشروعات التي كانت قيد الإنشاء. وسيشهد عام 2017 إنجاز معظم المساحات الإدارية من مشروع واحد فقط، ألا وهو المرحلة الأولى من مجمع تقنية المعلومات والاتصالات (160,000 متر مربع). بالإضافة إلى ذلك ارتفعت إيجارات الوحدات الإدارية ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 1% مقارنة بالسنة الماضية نتيجةً لارتفاع الإيجارات خارج منطقة الأعمال المركزية لمباني المستويين (أ) و(ب)، في ظل تراجع الإيجارات في السوق مقارنة بالربع السابق بنسبة 4% تقريباً. كما تأثرت الوحدات الشاغرة بالركود الاقتصادي.
وفي سوق الإسكان، طُرح ما يقرب من 4,000 وحدة في الربع الرابع من عام 2016. ومن المتوقع طرح 25,000 وحدة إضافية في السوق في عام 2017. وقد أطلقت الحكومة مبادرات للعمل مع القطاع الخاص هذا العام في إطار سعيها لزيادة المعروض من المساكن في المملكة. وبعيداً عن إيجارات الفيلات والشقق، التي انخفضت في كل منها بنسبة 4% مقارنة بالسنة الماضية، لم تشهد معدلات أداء الوحدات السكنية تغيراً يذكر في الربع الرابع من عام 2016، وهو ما شابه إلى حد كبير ما وقع في أسعار البيع والإيجار خلال عام 2016.
وفي سوق وحدات التجزئة، لم تكن هناك إنجازات أعمال إضافية في الربع الرابع من عام 2016. غير أنه عند النظر إلى عام 2017، فهناك عدد من المراكز الإقليمية والمراكز فوق الإقليمية قيد الإنجاز. ولم تسجل إيجارات المراكز المجتمعية تغيراً يذكر مقارنة بالربع السابق والسنة والماضية. وواصلت المراكز فوق الإقليمية على الجانب الآخر تسجيل تراجع طفيف مقارنة بالربع السابق (-1%) والسنة الماضية (-2%)، وهو الاتجاه الذي من المحتمل أن يستمر خلال عام 2017. وزادت الوحدات الشاغرة على نحو طفيف مقارنة بالربع السابق لتبلغ 9% في الربع الرابع من عام 2016.
أما بالنسبة لسوق الوحدات الفندقية، لم يسجل المعروض من الوحدات الفندقية تغيراً في الرياض خلال الربع الأخير من العام، إذ بلغ إجمالي عدد الغرف 11,800 غرفة في نهاية العام. ومن المتوقع إضافة 4,300 غرفة بشكل مبدئي في عام 2017، منها مشروعات عديدة مؤجلة من عامي 2015 و2016. ويبرز انخفاض الطلب من شريحتي الشركات والأشخاص في السوق حاجة قطاع الضيافة في الرياض للتنوع وتقليل اعتماده على سياحة الأعمال.
سوق جدة – ملخص للوحدات الإدارية والسكنية ووحدات التجزئة والوحدات الفندقية
شهدت بداية عام 2016 تراجعاً في إيجارات الوحدات الإدارية أدى إلى انخفاض طفيف خلال بقية العام ليعكس الأوضاع الاقتصادية لقطاع المقاولات في السوق. وبلغ المعروض الحالي من الوحدات الإدارية في جدة 984,000 متر مربع تقريباً في الربع الرابع من عام 2016. وتمثل الإنجاز الأبرز في عام 2016 في إعمار سكوير الذي أضاف ما يقرب من 24,000 متر مربع للسوق، وهو ما يجعله الإنجاز الأكبر في جدة منذ مشروع هيدكورترز الذي دخل السوق في عام 2014. وظلت أسعار الوحدات الشاغرة مستقرة في الربع الرابع من عام 2016 مقارنة بالسنة الماضية عند نسبة 6%، على الرغم من وجود عدد من الوحدات الشاغرة خلال آخر ربعين من العام. ومن المتوقع حدوث المزيد من الانخفاض في معدلات الإيجارات والوحدات الشاغرة خلال عام 2017.
وفي سوق الإسكان، وعلى الرغم من وجود عدد محدود من الإنجازات البارزة في عام 2016، فإن المشروعات التي جرى إنجازها بالفعل كانت جزءاً من مفهوم مشاريع نمط الحياة الفاخر الآخذ في النمو. وجرت إضافة ما يقرب من 4,000 وحدة إجمالاً للسوق خلال الربع الأخير. ومن المتوقع أن يشهد النصف الأول من عام 2017 طرح عدد من المنشآت في السوق التي تأخر طرحها من عام 2016. وتلا النمو المتزايد الذي شهده عام 2015 تباطؤ في زيادة أسعار إيجار الشقق خلال عام 2016، وشهد الربع الأخير من عام 2016 مزيداً من تراجع أسعار إيجارات الشقق مقارنة بالسنة الماضية، والتي كانت قد شهدت زيادة طفيفة بنسبة لا تتجاوز 1%. وانخفضت أسعار مبيعات الشقق والفيلات بصفة عامة خلال الربع الأخير من عام 2016، وقد تواصل أسعار البيع انخفاضها في عام 2017 نظراً للانخفاض الذي شهدته المعاملات المتعلقة بالوحدات السكنية بنسبة 16% خلال عام 2016 مقارنةً بعام 2015، وذلك وفقاً لبيانات وزارة العدل.
أما في قطاع وحدات التجزئة، فقد كان الإنجاز الأكبر خلال عام 2016 هو اكتمال مشروع الياسمين مول الذي يعد أول مركز تسوق من الطراز الأول يفتتح أبوابه في المنطقة ويُضيف بذلك مساحة تزيد عن 58,000 متر مربع إلى مساحات وحدات التجزئة مرتفعة الجودة. وفي الوقت الحالي، يبلغ المعروض من مساحات وحدات التجزئة في السوق 1.15 مليون متر مربع. ويبدو أنه قد تم تأجيل خطط التوسع في جدة ريثما يصبح المشهد الاقتصادي أكثر وضوحاً. ولقد شهد النصف الثاني من عام 2016 بداية تجلي أثر انخفاض معدل إنفاق الأسر على أداء قطاع وحدات التجزئة في جدة؛ حيث شهدت إيجارات المراكز الإقليمية والمراكز الإقليمية الكبرى انخفاضاً بمعدل 2% و3% على التوالي مقارنة بالسنة الماضية، دون أن تشهد أسعار إيجارات المراكز الإقليمية على أساس ربع سنوي أي تغيرات. وانخفضت أسعار إيجار المراكز الإقليمية الكبرى بنسبة 2% مقارنة بالربع الماضي
وشهد قطاع الوحدات الفندقية في جدة نشاطاً خلال عام 2016 يتمثل في افتتاح ستة فنادق على مدار العام، وقد أدى الانتهاء من العديد من المشروعات خلال عام 2016 إلى زيادة المعروض من الغرف الفندقية مرتفعة الجودة في جدة لتصل إلى قرابة 9800 غرفة بنسبة زيادة بلغت 14% مقارنةً بالعام الماضي. ومن المتوقع إنجاز عدد من المشروعات الفندقية خلال عام 2017. كما أنه من المرجح أن يؤدي تراجع حجم الإنفاق لدى السعوديين إلى انخفاض عدد الرحلات السياحية الخارجية للأسر السعودية وتطور قطاعي السياحة والترفيه في المدن السياحية المشهورة. وبلغت معدلات الإشغال منذ بداية العام حتى شهر نوفمبر في جدة 68% لتشهد بذلك انخفاضاً بنسبة 7% تقريباً مقارنةً بالفترة ذاتها من العام الماضي، الأمر الذي قد يرجع بدرجة كبيرة إلى انخفاض معدلات سياحة الأعمال. غير أن متوسط السعر اليومي شهد ارتفاعاً بنسبة 4% ليصل إلى 264 دولاراً أمريكياً منذ بداية العام حتى شهر أكتوبر، وهو أعلى معدل له على مستوى المملكة العربية السعودية والمنطقة بأسرها.
ملخص سوق منطقة الدمام الحضرية – ملخص أسواق الوحدات الإدارية والسكنية ووحدات التجزئة والوحدات الفندقية
كان لتأخر إنجاز أعمال المشروعات الكبيرة المُقررة في الخطة الرئيسية بمنطقة الدمام الحضرية، مثل مشروع مارينا ومدينة الراشد، وقعاً إيجابياً؛ حيث كان مركز المحمل التجاري، الذي أضاف 12,000 متر مربع إلى مساحة الوحدات الإدارية، هو المشروع الوحيد الكبير الذي تم إنجازه خلال النصف الثاني من عام 2016. ومن المتوقع أن تُضاف مساحة كبيرة من الوحدات الإدارية إلى السوق التي يقل فيها معدل الطلب عن حجم المعروض فعلياً، ويشمل ذلك برج عبدالكريم وبرج الهجري. ومن بين المدن الثلاث الرئيسية في المملكة، تعد منطقة الدمام الحضرية المدينة الأقل من حيث متوسط معدل إيجارات المساحات الإدارية، حيث يبلغ متوسط الإيجارات في الوقت الحالي 970 ريالاً سعودياً. وبلغ متوسط نسبة الشواغر 39% خلال الربع الأخير من عام 2016، ويرجع ارتفاع معدلات الإشغال إلى زيادة حجم المعروض في السوق نتيجة إنجاز عدد من المشروعات المتوسطة.
وفي سوق الوحدات السكنية، بلغ عدد الوحدات المعروضة في منطقة الدمام الحضرية قرابة 340,000 وحدة في نهاية العام، حيث أضيفت 9000 وحدة تقريباً إلى السوق خلال العام. أما النصف الثاني من عام 2016، فلم يشهد إنجاز أي مشروعات كبيرة. وقد يتأخر اكتمال عرض المزيد من الوحدات نظراً لتأخر إنجاز الأعمال ببعض المشروعات الكبرى، مثل المراحل المتبقية من مشروع بحيرات الخبر. وارتفعت أسعار الإيجارات بنسبة 3% و4% على التوالي خلال النصف الثاني من عام 2016، ولكن من المتوقع أن تتراجع هذه الأسعار مرة أخرى خلال عام 2017. وجديرٌ بالذكر أن أسعار المبيعات لم تشهد أي تغييرات خلال الأشهر الستة الأخيرة، كما يُتوقع انخفاضها في عام 2017.
ولم يشهد قطاع وحدات التجزئة الانتهاء من أي مشروعات كبرى خلال النصف الثاني من عام 2016، حيث بلغت المساحة المعروضة من مساحات وحدات التجزئة في منطقة الدمام الحضرية 1.024 مليون متر مربع في الربع الأخير من عام 2016، كما أنه من المتوقع الانتهاء من العمل في مركز صغير فقط خلال 2017. وقد تستفيدمنطقة الدمام الحضرية في واقع الأمر من انخفاض معدل الإنفاق للسكان المحليين، وذلك على خلاف مدينتي جدة والرياض اللتين بدأتا تتأثران بانخفاض معدلات الإنفاق. ونظراً لمحدودية المساحات المقرر عرضها بالسوق والتأخير المحتمل الذي قد يشهده تنفيذ بعض المراكز المقرر إنشاءها والمراكز قيد الإنشاء في منطقة الدمام الحضرية، فمن المتوقع أن تستقر أسعار الإيجارات خلال العام القادم.
وشهدت سوق الفنادق خلال النصف الثاني من عام 2016 افتتاح فندقين جديدين يحملان علامة تجارية دولية في منطقة الدمام الحضرية. وعلى الرغم من أن أعمال الإنشاءات بالعديد من الفنادق قد أوشكت على الانتهاء، من المتوقع أن يُفتَتح فندق واحد فقط خلال عام 2017. وأثر تراجع نشاط قطاعي النفط والغاز تأثيراُ مباشراُ على سوق الضيافة في منطقة الدمام الحضرية نظراً لاعتمادها على سياحة الأعمال. وشهدت معدلات الإشغال منذ بداية العام حتى شهر نوفمبر في منطقة الدمام الحضرية انخفاضاً كبيراً من إلى 55% مقارنةً بنسبة 67% خلال الفترة نفسها من عام 2015. فعلى خلاف جدة التي لم يتأثر فيها الارتفاع الذي يشهده متوسط السعر اليومي على الرغم من انخفاض معدلات الإشغال، انخفض متوسط السعر اليومي في منطقة الدمام الحضرية بنسبة 4% تقريباً ليصل إلى 165 دولاراً أمريكياً.
عام 2017 وما بعده – الفرص والمخاطر
تسلط شركة جيه إل إل خلال مراجعتها السنوية لسوق العقارات السعودية الضوء كذلك على المنطقة، وذلك عن طريق استعراض الفرص والمخاطر عن كثب، وخاصةً في السوق السعودية والإماراتية.
وينظر التقرير إلى انفتاح سوق الأسهم السعودية على الاستثمار الأجنبي ورسوم الأراضي البيضاء وطرح الصناديق الاستثمارية العقارية المتداولة بوصفها قوى دفع كبرى للنمو في المملكة، في ظل ضعف أداء فئات الأصول الأربعة الرئيسية مما دفع المستثمرين إلى دراسة البدائل مثل قطاعي الرعاية الصحية والتعليم.
ويسلط التقرير الضوء أيضاً على المخاطر التي تواجهها سوق العقارات بما في ذلك استمرار التوترات في المنطقة مما أدى إلى تخصيص مزيد من الموارد للأمن والدفاع، وهو ما يعني على الأرجح خفض الإنفاق على القطاعات الأخرى.
وتتضمن المخاطر الأخرى أيضاً القيود المفروضة على عدد الحجاج وانخفاض أسعار النفط والتأخيرات الحاصلة في مشروعات البنية التحتية والتي أبرزها التقرير جميعاً كعوامل تأثير محتمل على سوق العقارات في عام 2017.