“ملتقى الشارقة 2017” يرسم أسس مستقبلية لمسرعات اقتصاد
تم النشر في الثلاثاء 2017-01-10
تحت رعاية كريمة من سمو الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي، ولي عهد ونائب حاكم الشارقة، رئيس المجلس التنفيذي للإمارة، استضافت “مليحة للسياحة البيئية والأثرية” أول من أمس، بحضور كل من الشيخ سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي، رئيس مؤسسة الشارقة للإعلام، رئيس مركز الشارقة الإعلامي، والشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيس هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، فعاليات الدورة الثانية من “ملتقى الشارقة 2017″، الذي يشرف عليه المجلس التنفيذي للإمارة، وتنظمه هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، تحت شعار “مستقبل الشارقة”.
وشارك في الملتقى أكثر من 200 من صناع القرار ورؤساء الدوائر والمؤسسات الحكومية المحلية ومديريها، والمعنية بالاستثمار في الرؤية المستقبلية لإمارة الشارقة، إلى جانب دوليين متخصصين في مجالات الاقتصاد، والابتكار، والتقنية، لاستعراض الإمكانات المتاحة في الإمارة لتعزيز الابتكار والتكامل وتوظيف التقنيات في منظومة العمل الحكومي، والاطلاع على أبرز الممارسات العالمية، ومناقشة كيفية توظيف ما يتواءم منها مع الشارقة لزيادة جاذبيتها وتنافسيتها محلياً وإقليمياً وعالمياً.
وقالت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيس هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق): “أثبتت إمارة الشارقة – ولا تزال – بأنها وجهة رئيسة للإبداع والريادة والاستدامة في المنطقة، فقد أخذت الإمارة على عاتقها الالتزام بمنهجية التطوير المستمر لنظم العمل والبنية التحتية والخدمات الحكومية ، بهدف تعزيز التكامل بينها، ويمثل (ملتقى الشارقة 2017) مواصلة لاستراتيجية الإمارة المتعلقة بمسيرة النهضة والتطور، ولمناقشة الكيفية التي نريد أن نرى فيها مستقبل الإمارة، من خلال بحث مقترحاتهم وأفكارهم البناءة، ومناقشة أهم الابتكارات والتقنيات التي يمكن الاعتماد عليها كأساس متين لنهضتنا الاقتصادية”.
وأضافت الشيخة بدور القاسمي: “تسخر الشارقة إمكاناتها البشرية والطبيعية لرؤية اقتصادية مستدامة، وتمضي قدماً في مسيرة التنويع الاقتصادي، مستلهمة في ذلك رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ونعمل جميعاً في الإمارة نحو مستقبل يحاكي تطلعاتنا ورؤيتنا، مستندين إلى منظومة التكامل الحكومي لتقديم الدعم لمسيرة الانفتاح الاقتصادي التي تنتهجها الشارقة، حتى تكون وجهة أولى للمستثمرين ورجال الأعمال في المنطقة ضمن مختلف القطاعات، مع توفير مختلف الاحتياجات التي تدعم خطط الشركات الإقليمية والدولية لاتخاذ الشارقة نقطة انطلاق للتطور والتوسع مستقبلاً”
وانطلقت فعاليات الملتقى بعرض تقديمي خاص عن البيئة الاقتصادية في الشارقة ومقومات القوة التي تتمتع بها، قدمه حازم جلال، الشريك المسؤول عن قطاع المدن والحكومات المحلية في شركة “برايس ووتر هاوس كوبرز (بي دبليو سي)”، المتخصصة في الخدمات والاستشارات الاقتصادية والمهنية.
وقال حازم جلال: “تتمتع الشارقة باقتصاد ذو مقومات فريدة وهيكلية مرنة، في وقت نجحت الإمارة تماماً في مسيرة التنويع بعيداً عن هيمنة القطاع الواحد، فالكثير من الدول والمدن تدعي التنويع الاقتصادي لكن الشارقة طبقته فعلاً وجعلته واقعاً ملموساً، وبات اقتصادها أحد أكثر الاقتصادات توازناً وقوة وتنظيماً في المنطقة”.
وأوضح جلال أن “الشارقة خصصت في ميزانيتها لعام 2017، التي تعتبر الأكبر في تاريخ الإمارة، النصيب الأكبر لصالح البنية التحتية، وهذه الخطوة الذكية من جانب الحكومة مهمة جداً على صعيد جذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيزها”.
وحول سبل تعزيز النمو الاقتصادي، أشار جلال إلى أهمية الاستمرار في تحفيز مستويات التجارة الخارجية للإمارة، مشيراً إلى أن الشارقة استطاعت تحقيق معدلات نمو كبيرة خلال الأعوام الماضية في هذا الجانب، وقال: “في عام 2005 بلغ إجمالي التجارة الخارجية للإمارة نحو 9.54 مليارات درهم، لكن هذا الرقم قفز إلى 42 مليار درهم في عام 2013، ما يدل على نجاح السياسات الحكومية الداعمة للتجارة”.
وأضاف: “تمثل الدول الآسيوية أكبر الشركاء التجاريين للشارقة، لاسيما الهند واليابان، واعتقد أن هاتين الدولتين تتمتعان بوضع اقتصادي هو الأفضل بين دول آسيا، والشارقة تمضي قدماً في تعزيز علاقاتها التجارية والاقتصادية مع هاتين الدولتين، وهو ما يعتبر خطوة على الطريق الصحيح”.
وأفاد الشريك المسؤول عن قطاع المدن والحكومات المحلية في شركة “برايس ووتر هاوس كوبرز” بأن “هناك قطاعات تحمل فرصاً مميزة للنمو في الإمارة، مثل قطاع الأغذية، وقطاع الطيران، وقطاع السياحة الذي وصل حجمه إلى 1.2 مليار درهم في 2015، وممكن أن يصل إلى 1.5 مليار درهم بنهاية 2016”.
ولفت جلال إلى أن “مفاتيح التغيير للوصول إلى مستقبل أكثر ازدهاراً في الشارقة تتمثل في الابتكار، وتعزيز انتشار التقنية، وامتلاك نافذة مفتوحة على العالم؛ أما في الجانب الاقتصادي، فتمثل سهولة ممارسة الأعمال، وانخفاض كلفة تأسيس المشاريع أهم عوامل التغيير المنشود”، مشيراً إلى أهمية تبني ودعم نماذج الأعمال الصاعدة، التي تنتهج أساليب عمل قائمة على التقنية الحديثة.
من جانبه، قدم جاريد كوهين، مؤسس ورئيس الحاضنة التكنولوجية في شركة “ألفابيت” المعروفة سابقاً باسم “غوغل للأفكار”، جلسة بعنوان “مستقبلنا التقني”، أكد فيها أهمية التقنية في عالم اليوم، ودورها الأساسي في الانتقال إلى مستقبل مشرق للبشر.
وأكد كوهين أن “الاختراعات بدأت تحصل بوتيرة متسارعة جداً، إذ لا يكاد يمر يوم إلا وهناك ابتكار جديد”، مشيراً إلى أنه في عام 2000 بلغ عدد مستخدمي الإنترنت 361 مليون شخص حول العالم، فيما ارتفع العدد إلى 4.5 مليارات شخص اليوم، في وقت وصل عدد الأجهزة المتصلة بالإنترنت إلى 1.72 مليار جهاز”.
وأوضح أنه “في الماضي لم يكن هناك معلومات كافية لتطوير المنتجات، أما اليوم بسبب الكمية الهائلة من المعلومات المتوافرة عبر البشر والأجهزة المتصلة عبر الإنترنت فإنه يمكننا تطوير منتجات تلبي متطلبات الحياة وترتقي إلى توقعات المتعاملين مستقبلاً”.
وذكر كوهين أن “استطعنا بناء على كم المعلومات المتدفقة تطوير نظم الذكاء الاصطناعي، حتى باتت جزءاً حيوياً من حياتنا، وأصبحت تدخل في العديد من مناحي الحياة، وهناك الآن ما بات يعرف بالذكاء الاصطناعي التفاعلي، الذي يقوم على تعليم الآلة، فتبدأ الآلة باستقبال المدخلات والتعلم، وبعد فترة تبدأ الآلة بتقديم الاقتراحات بناء على تحليل المعلومات”.
وأكد أنه “في سعينا لجعل من الشارقة من الشارقة مجتمع ذكاء اصطناعي، يجب أن نسأل أنفسنا ما هي نوعية المعلومات التي نملكها، وما هي نوعية المعلومات التي نستخدمها، وما هي نوعية المعلومات التي نريد للناس أن يطلعوا عليها؟ فإذا أردنا أن نعزز من المكانة العلمية للشارقة، فإنه لابد من تدريب الموارد البشرية التي نملكها، بما يجعلها قادرة على الوصول إلى المعلومات الكفيلة بتحقيق التطور المنشود”.
وحذر كوهين من المخاطر التي يفرضها العالم الرقمي، مشيراً إلى أنها امتداد للمخاطر التي نواجهها في العالم الحقيقي، لذا لابد من توخي الحذر إزاءها وتوعية الأبناء بشكل مستمر حول سبل تجنبها”.
وأفاد بأن “الشارقة قادرة على تحقيق خطوات رئيسة في عالم الابتكار والتقدم التقني، وأفضل ما الإمارة أنها تواصل التقدم مع الحفاظ على ماضيها القيم، الذي يشكل أرضية صلبة للانطلاق نحو مستقبل مزدهر”، مشيراً إلى أن “على الحكومات عموماً أن تدرك أنه لا يمكن لها أن تكون مبتكرة ومبدعة إذا لم تفكر خارج الصندوق وتمتلك رؤية بعيدة المدى، كما يجب على الحكومات أن تعلم أن أفضل مواردها هي شعوبها، ما يحتم الاستفادة من القدرات الهائلة التي تحتفظ بها تلك الشعوب”.
إلى ذلك، استعر ض أليك روس، أحد الخبراء البارزين في مجال الابتكار، والذي شغل سابقاً منصب كبير مستشاري وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون للابتكار، ومستشار الرئيس الأمريكي باراك أوباما؛ أبرز المسرعات الاقتصادية المبتكرة ودورها في تطوير العمل الحكومي وتحفيز الاقتصاد، في جلسته التي حملت عنوان “ابتكار ومدن ملهمة”، مشيراً إلى الدور المؤثر للمسرعات الاقتصادية أيضاً في دعم شركاء القطاع الحكومي من القطاع الخاص، وأصحاب الأعمال الذين يلعبون دوراً أساسياً في بناء المدن الذكية.
واستعرض روس خلال الجلسة الآثار الإيجابية التي من الممكن للتقنية أن تعود بها على المجتمعات وأمنها، موضحاً أن الإبلاغ عن الجرائم باستخدام الهواتف الذكسة في المكسيك أسهم في ضبط عصاباتين من عصابات ترويج المخدرات، في وقت زادت نسبة الإبلاغ الذكي عن الجرائم في البلاد بنسبة 500% في عام واحد، بفعل توفير شبكات آمنة لنقل المعلومات، ما يؤكد الأثر الإيجابي العائد على المجتمعات جراء توفير البنى التحتية المتطورة.
وأكد روس أن البشر سيكونون قادرين على التحدث بـ10 لغات خلال السنوات الخمس المقبلة، بفعل تقنيات الترجمة الحديثة التي أصبحت تسهل على الناس التخاطب فيما بينهم.
وشهد الملتقى جلسة عصف ذهني بعنوان “مستقبل الشارقة” شارك فيها جميع رؤساء ومديري الدوائر الحكومية المعنية بتسريع تحقيق رؤية الشارقة المستقبلية، لاسيما ضمن قطاعي الاقتصاد والاستثمار، وتمحورت حول الأفكار والحلول المقترحة لتعزيز المسرعات الاقتصادية لمستقبل الشارقة، ضمن أربعة محاور رئيسة هي: الارتقاء بمستوى علامة الشارقة التجارية، وكيفية الارتقاء بالوجهة السياحية في إمارة الشارقة، وكيفية تحسين جودة التواصل في الشارقة، وكيفية تحسين البيئة الاستثمارية في الشارقة.
وعرض المشاركون خلال الجلسة آرائهم وأفكارهم وملاحظاتهم، من خلال مجموعات عمل مشتركة شكلوها في بينهم وتضمنت مقترحات دعت في مجملها إلى تعزيز التكامل، بالإضافة إلى التخطيط للمشاريع المستقبلية، مع العمل على تأهيل كوادر العمل المواطنة لتكون قادرة على قيادة المرحلة القادمة من النمو، مشددين على أهمية مواصلة التركيز على مخرجات التعليم والتدريب.
وسيتم جمع كافة المخرجات التي تمخضت عن جلسة العصف الذهني، والتي تدعم تنافسية البيئة الاستثمارية للشارقة، من خلال توظيف الأفكار المبتكرة والتقنيات المستقبلية في مختلف تفاصيل العمل الحكومي، لرفعها في تقرير خاص إلى المجلس التنفيذي لبحث فرص تنفيذ أفضلها على أرض الواقع.
ويأتي تنظيم الملتقى في وقت تتسارع النهضة الاقتصادية في الشارقة ضمن مختلف القطاعات بصورة لافتة، حيث اعتمد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، مؤخراً ميزانية عامة هي الأكبر في تاريخ الإمارة، بإجمالي نفقات نحو 22 مليار درهم، ركزت على الاستثمار في البنية التحتية، وتقديم الدعم الاجتماعي بصيغ وأساليب متنوعة تخدم المواطنين وتعالج احتياجاتهم المعيشية، لتعكس بذلك رؤية شاملة تتمثل في تطوير منظومة مالية قائمة على الابتكار، لتحقيق الازدهار الاقتصادي.
يشار إلى أن “ملتقى الشارقة” عُقد للمرة الأولى في العام 2014، حيث ناقش أهم القضايا والتحديات في قطاع الاستثمار والسبل الأمثل للمضي نحو بيئة استثمارية جاذبة ومميزة.