تم النشر في الأربعاء 2015-10-21
أولا أنا أدعو الله العلي القدير أن يريني (تطبيقا) لرسوم الأراضي البيضاء الذي نقلت الأخبار أمس أنها ستكون بمبلغ لا يتجاوز 100 ريال للمتر المربع. وقد كان مجلس الوزراء يوم الاثنين الماضي صارما في الطلب من مجلس الشورى بأن ينتهي من دراسة مشروع الترتيبات التنظيمية لفرض رسوم على هذه الأراضي خلال ثلاثين يوما. وهذا يعني -بخلاف ما حاول البعض ترويجه أو ترديده مؤخرا- أن الدولة جادة في فرض هذه الرسوم التي طال أمد تداولها وتوقف ملفها في أكثر من محطة لأسباب نجهلها أو نعلم القليل عنها.
ما يعنينا الآن، أو ما نطالب به، أن يتجاوز مجلس الشورى بعض قضاياه الصغيرة والقابلة للتأجيل ويركز على فحص ودراسة هذا الملف ليخرجه من الأدراج إلى النور في أسرع وقت ممكن، بل لعله يهتم به، كما نتوقع، وينهي هذه الدراسة خلال أسبوع أو عشرة أيام على أقصى تقدير. الناس -وقد اقترب عدد المحتاجين منهم إلى سكن إلى مئات الآلاف من المنتظرين- يريدون أن يروا حلولا فعالة وعاجلة وسريعة لمشكلاتهم مع السكن وتكاليفه ومفارقاته.
لقد كنت قبل أكثر من عشرين سنة أقطع مسافة بيضاء هائلة من حي الملز إلى حي النسيم بالرياض والعكس وأتساءل كم لدينا من هذا (البياض) الخالي الذي يتسبب في تكاليف باهظة على الدولة في إيصال الخدمات إلى مناطق قفزت بعيدا جدا لأن ملاك المساحات البيضاء القريبة ينامون عليها أو يطلبون أثمانا لا قبل للمواطن بها. ومع الوقت تنامت هذه المساحات ووصلت إلى البر والبحر وزاد تجار (البياض) الذين يسورونه ويعرضونه بأسعار غير مبررة تنمويا واقتصاديا.
الآن أجزم بأن رسوم الأراضي البيضاء ستفرض لأن الدولة جادة في ذلك بعد أن بلغت مشكلة الإسكان الحلقوم. ومن المفترض، مع التطبيق الصارم والسديد لهذه الرسوم، أن تتوفر أراض بأحجام مناسبة لكافة فئات المجتمع وحسب قدراتها المادية وستكون هناك، مع فرض هذه الرسوم، فرصة لإحداث توازن بين عرض الأراضي والمساكن وطلبها. كذلك ستتخلص الدولة من الإرهاق المادي الذي تنفقه بسبب التمدد الأفقي الذي فرضه ملاك الأراضي البيضاء لعقود. وستصبح المعادلة بوضوح: إما أن تتصرف وتبيع أرضك بما يناسب جيوب الناس وحاجاتهم وإما أن تدفع ثمنا لبقاء أرضك خالية تصرفه الدولة على حلول أخرى تحرر الناس من قيد الاحتكار والغلاء.
نقلا عن عكاظ