“اوبك” قطاع النقط سيواحه ازمة تسونامي في الولايات المتحدة وكندا
تم النشر في الأحد 2015-04-19
حذرت منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” من أن قطاع النفط الدولي خاصة في الولايات المتحدة وكندا يواجه أزمة “تسونامي تقاعد” مشيرة إلى ضرورة التعامل معها بشكل عاجل وجيد.
وقال تقرير حديث للمنظمة حول تكلفة فَقْد الوظائف في القطاع النفطي، إنه بسبب الانخفاضات الحادة السابقة تم إلغاء مشاريع بمليارات الدولارات رغم شدة الحاجة إليها حيث تعقد الآمال على هذه الاستثمارات لزيادة الطاقة الإنتاجية مستقبلا لتلبية النمو السكاني ومن ثم النمو في الطلب على النفط.
وبحسب تقارير وكالة بلومبرج الاقتصادية فهناك نحو 100 ألف من عمال الطاقة فقدوا وظائفهم فيما يسود شركات الخدمات النفطية حالة من القلق على المستقبل.
وأوضح تقرير “أوبك” أن صناعة النفط تواجه تحديات كبيرة أبرزها اضطرارها إلى تسريح عديد من موظفيها خاصة من ذوي الخبرة من المهندسين بينما يعتقد المراقبون أن الأمر تطور طبيعي من تطورات السوق ويعكس دخوله في دورة اقتصادية جديدة.
وذكر التقرير أن الأزمة الراهنة يمكن تجنب تداعياتها من خلال التعاون الدولي حيث إن عالم اليوم تحكمه روابط قوية بين الدول والقارات والتجمعات الإقليمية ولا مجال فيه للعمل المنفرد.
وفيما يتعلق بالمعروض من النفط، أكد التقرير أن هناك “رغبة عنيدة” من بعض المنتجين من خارج “أوبك” في تبنى مواقف منفردة بعيدا عن التعاون والعمل الجماعي دون التنبه إلى خطورة هذا الموقف وعواقبها الوخيمة.
وقال التقرير أن هذه الجهات المنتجة تلجأ إلى الحد الأقصى في الإنتاج باعتبار أن هذا هو هدفهم الرئيسي دون الاهتمام بضرورة ترشيد استغلال الموارد الطبيعية أو استغلالها بشكل متوازن وفقا لاحتياجات السوق وهذا “مفهوم غريب أضر كثيرا باستقرار السوق”.
وأشار إلى أن سوق النفط العالمية اتسمت عبر أكثر من نصف قرن (عمر منظمة “أوبك”) بعدم الاستقرار والتقلبات المتلاحقة حتى أن قطاع النفط العالمي اكتسب سمعة عالمية بأنه صناعة الازدهار والكساد معا بسبب كثرة تقلباته.
وأضاف أن السوق الدولية للنفط الخام ربما تكون الأكثر تعقيدا وحساسية ويصعب التنبؤ بمسارها مقارنة بعديد من السلع التي يتم تداولها في الأسواق اليوم حيث إنها تشهد بصفة مستمرة النقيضين من الأسعار العالية والمنخفضة.
وقال إن “اعتقادات سابقة غير دقيقة” كانت تسود وهي أنه عندما تكون أسعار النفط الخام منخفضة، يحصد المستهلكون الأرباح وعندما ترتفع الأسعار يكون المنتجون أكثر سعادة ويحصدون الأرباح.
وأوضح التقرير أن خبرة “أوبك” الطويلة في سوق النفط كشفت عن أن الارتفاع المفرط أو الانخفاض المفرط في الأسعار ليس في مصلحة أحد بل تنعكس السلبيات من هذا الأمر على الجميع وتضر الاقتصاد الدولي بشكل عام.
ونبهت “أوبك” إلى أن عوامل عديدة تؤثر في سلامة الأداء في السوق، مشيرة إلى أنها منذ تأسيسها في 1960 من خلال خمس دول رئيسة في الإنتاج اهتمت باستقرار السوق والحفاظ على أسعار عادلة للنفط بما يخدم مصالح اقتصادات الدول المنتجة والمستهلكة كافة.
وأشار التقرير إلى وجود قناعة لدى المنظمة بأن الدور المثالي لها يتحقق من خلال ضمان أداء اقتصادي أفضل للجميع وتحقيق الأرباح العادلة للأطراف كافة، لذا اعتمدت “أوبك” على سياسات رئيسة تقوم على الالتزام الدائم بالحوار والتعاون لدفع صناعة النفط إلى مزيد من النمو والتقدم.
وأضاف أن “أوبك” تسعى إلى تحقيق فهم أفضل لكل القضايا الرئيسة المعنية التي تهم المنتجين والمستهلكين، مشيرا إلى أنه تم إحراز قدر كبير من التقدم في هذا المجال حيث تحرص على تنظيم عديد من اللقاءات لمناقشة القضايا الاقتصادية الملحة إلى جانب عقد ورش العمل والندوات تحت مظلة منتدى الطاقة الدولي (IEF)، حيث نجح المنتدى في جعل المنتجين والمستهلكين أقرب للعمل معا.
وأشار التقرير إلى أنه بمراجعة تطورات أسعار النفط خلال الثمانية أشهر الماضية يتضح أن هناك الكثير مما يمكن عمله سواء من جانب المنتجين أو المستهلكين أو المستثمرين في هذه الصناعة الحيوية.
وقال انه في ضوء التقلبات المستمرة للسوق يصبح التخطيط للمستقبل مهمة محفوفة بالمخاطر لأنه لا يمكن الاعتماد على سعر مرجعي بسبب التقلبات مشيرا إلى الانخفاضات الحادة التي حدثت للنفط الخام منذ الصيف الماضي بسبب عديد من العوامل أبرزها زيادة العرض وتفاقم أنشطة المضاربين وزيادة تكاليف الصناعة.
وأوضح أن مصلحة الاقتصاد الدولي بشكل عام ومصلحة كل الأطراف في سوق النفط تتطلب التخلي عن المصالح الفردية وعن التفكير في الحلول الفردية خاصة أن السوق دائمة التغير والأوضاع في السوق تتبدل.
وأشار إلى أن ثورة النفط الضيق التي تواجه السوق الآن أكثر من أي فترة ماضية ستنحسر تدريجيا رغم أن هذا المصدر غير التقليدي هو إضافة كبيرة ومهمة ومرحب بها لكن توقيت استغلالها مشكوك في سلامته بالتأكيد.
وقال إن إنتاج “أوبك” من النفط الخام مستقر على مدى السنوات التسع الماضية وبلغ متوسطه 30 مليون برميل يوميا دون نمو وخلال الفترة نفسها، ارتفع إنتاج خارج “أوبك” بنحو 6.3 مليون برميل يوميا قادمة في الأساس من الولايات المتحدة وكندا، مشيرا إلى أن فائض الإنتاج في 2014 وحده بلغ مليوني برميل يوميا.
وأشار التقرير إلى أنه في الماضي كثيرا ما تحملت “أوبك” عبء ضمان استقرار سوق النفط وحدها أما في الوضع الحالي يجب أن يتقاسم المنتجون الأعباء من أجل تحقيق الاستقرار خاصة غير الأعضاء في “أوبك” الذين تسببوا بشكل رئيسي في انهيار الأسعار بسبب التنامي غير المدروس في حجم المعروض النفطي.
تعليقا على التقرير، قال لـ “الاقتصادية” الدكتور فيليب ديبيش رئيس المبادرة الأوروبية للطاقة إن الإنتاج المتسارع من خارج “أوبك” أضر كثيرا بالسوق في الفترة الماضية وارتد الأمر عليه مرة ثانية حيث يتوالى توقف الحفارات النفطية الأمريكية ويتقلص الإنتاج تدريجيا.
وأكد ضرورة التنسيق والتعاون بين المنتجين كافة بما يحفظ استقرار السوق ويحقق التوازن بين العرض والطلب.
وأشار إلى ضرورة حماية الاستثمارات وضمان قدرتها على الاستمرار لأنها المصدر الأهم لتأمين الإمدادات المستقبلية ونموها يمنع حدوث اختناقات مستقبلية في المعروض النفطي أو أن ينمو الطلب على حساب العرض مستقبلا.
وقال لـ “الاقتصادية” المختص النفطي بيتر تراوبمان إن فقد الوظائف في هذه القطاع وفق هذه الإحصائيات الكبيرة يؤكد خطورة الموقف الاقتصادي ويهدد استقرار السوق ويتطلب سرعة تعاون الدول لمواجهة الأزمة.
وأضاف أن فقد الوظائف ببساطة ليس أزمة اقتصادية بل لها أبعاد خطيرة على المستويين السياسي والاجتماعي.
وقال “ليس من مصلحة أحد أن تهدر الكفاءات في هذا القطاع الحيوي وعلى الجميع تكثيف الجهود من أجل استعادة السوق لتوازنه وعودة كل جوانب الصناعة بشكل جيد سواء استكشاف أو تنقيب أو إنتاج أو خدمات نفطية”.
وقالت المختصة البلغارية بيتيا ايشيفا إن حمى التنافس بين المنتجين أضرت بالسوق، خاصة من جانب أصحاب الإنتاج الجديد من خارج “أوبك”.
وأضافت “عليهم أن يعيدوا حساباتهم لاستعادة توازن السوق وهو ما بدأت بشائره بالتقلصات الحادة في النفط الصخري الأمريكي”.
وقالت إنه رغم تصحيح السوق نفسه حاليا إلا أن فاتورة ضخمة يتم سدادها ويتحمل العبء الأكبر منها العمالة في المجال النفطي التي تواجه خطر التسريح بعد تقلص وتجميد الكثير من الاستثمارات.