أخبار الاقتصادحوار

الخبير . جهاد حبيب : ريادة الأعمال: ركيزة أساسية لتحقيق رؤية 2030 في السعودية

حوار: عبد الله الشيخ. جدة

تم النشر في الجمعة 2025-03-07

المستشار . جهاد محمد حبيب : ريادة الأعمال: ركيزة أساسية لتحقيق رؤية 2030 في السعودية

التحديات التي تواجه رواد الأعمال: من الفكرة إلى الفرصة

لهذه الاسباب حاضنات الأعمال مهمة للمشاريع الناشئة

رسالة للأجيال الجديدة: كيف يمكن تحويل الأفكار إلى مشاريع ناجحة.

“الاقتصاد”: حاورت الأستاذ جهاد حبيب، والذي كشف عن أهمية ريادة الأعمال في تعزيز النمو الاقتصادي في المملكة. حيث أكد على أن هذه المشاريع ليست فقط وسيلة لتوليد فرص العمل والحد من البطالة، بل تعزز وتساهم في التنوع الاقتصادي. وأشار إلى أن رؤية 2030 تؤكد التزام الحكومة بدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة لزيادة مساهمتها في الناتج المحلي.

كما تناول الأستاذ جهاد أهمية الابتكار، مشددًا على أن الابتكار مهم لريادة الأعمال وحيث يواجه رواد الأعمال تحديات كبيرة في سوق سريع التغير. وأوضح أن التحديات المالية، مثل صعوبة الحصول على التمويل، ونقص المعلومات حول السوق، تمثل عقبات رئيسية.

في سياق الدعم، أشار حبيب إلى ضرورة تكامل جهود الحكومة والمجتمع، وأكد على دور حاضنات ومسرعات الأعمال كوسيلة حيوية لدعم المشاريع.

إلى تفاصيل الحوار

حدثنا عن الخلفية الاقتصادية الاجتماعية لريادة الأعمال والمنشآت الصغيرة؟ ماهو دور المملكة العربية السعودية في هذا الجانب؟

مع نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين بزغ التوجه العالميّ نحو ريادة الأعمال من قبل المستثمرين بشكل عام ومن قبل الجهات التعليمية بشكل خاص، وانطلقت في تلك الفترة مشاريع ريادية صغيرة من قبل مستثمرين لم يسبق لهم مزاولة أنشطة تجارية؛ لما تحمله هذه المشاريع من فرص كبيرة للربح، بل جذبت بعض الشركات الكبرى إلى الاستثمار في المشاريع الريادية الصغيرة؛ لصغر حجم رأس المال، وقلة عدد الموظفين، فأصبحت هذه المشاريع الصغيرة البيئة الجاذبة والجميلة لتفعيل الابتكار وتحقيق معدلات كبيرة من العائد على الاستثمار، بالإضافة إلى أن هذه المشاريع لها قدرة للتحرك بسرعة لاستغلال الفرص الجديدة في السوق.

وبين عاميْ 1998 و2003م، وتزامنًا مع ثورة ريادة الأعمال، ظهر اتجاه الجامعات الأمريكية والجامعات الأوروبية لأن تصبح الجامعات ريادية بالتحرك كرواد فكريين، عن طريق تطبيق مفهوم الابتكار في أنشطتها الجامعية؛ فانبثق من ذلك مشاركة الجامعات في برامج بيئة الأعمال، ونتج عنه تغيير ثقافي في مؤسسات التعليم وتفعيل لمناهج علمية وعملية فعالة في تعليم ريادة الأعمال.

هذا الفكر الريادي الذي تبنّته المؤسسات التعليمية ظهر جليًّا في بعض الإحصائيات، ففي عام 2002م كانت أفضل أربعين جامعة عالميًّا تدرّس منهج ريادة الأعمال أو لديها مراكز ريادة أعمال، ثم في عام 2005م كان لدى 80% من الجامعات الأمريكية مراكز ريادة أعمال، وأصبحت أكثر من 85% من الجامعات الأمريكية والأوروبية تدرس منهجًا لريادة الأعمال، وأصبح جزء من مخرجات التعليم موجهًا لخلق جيل جديد لديه فكر استثماريّ مع خلق فرص اقتصادية جديدة، وفي الوقت نفسه كان الدعم المالي الأمريكي الموجه لريادة الأعمال في عام 2000م قد بلغ 14 مليار دولار، ثم ارتفع إلى 23 مليار دولار عام 2005م.

ترجم اهتمام المؤسسات التعليمية لمراكز ريادة الأعمال وتدريس مناهج ريادة الأعمال في الجامعات الأمريكية والأوروبية في أن المنشآت الصغيرة باتت تمثل 97% من إجمالي المنشآت في المملكة المتحدة، و90% من إجمالي المنشآت في الولايات المتحدة الأمريكية؛ ما يؤكد أهمية وقوة قطاع المنشآت الصغيرة في بناء اقتصاديات الدول، بل أصبح التركيز على مفهوم ريادة الأعمال والاهتمام به ظاهرة في الدول المتقدمة وزادت المراكز العلمية والمهنية للمساهمة في التعليم الثقافي والمهني الريادي.

ماهو دور المملكة في هذا الجانب؟

في السعودية بدأ التوجه نحو دعم ريادة الأعمال عن طريق الغرف التجارية، ثم تبع ذلك إنشاء هيئة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، للمساهمة في تفعيل وتعزيز دور هذا النوع من المنشآت في زيادة الناتج المحلي بنسبة 15% كإحدىمستهدفات رؤية 2030م.

لقد شكل الاهتمام الدولي لتحفيز قطاع المنشآت الصغيرة قوة كبيرة في الناتج المحلي للكثير من الدول ونتج عنه تكوين اقتصاديات قوية، فنجد أن المنشآت الصغيرة تمثل تقريبا 96% من إجمالي المنشآت في اليابان وهذا ما يفسر أهمية قوة قطاع المنشآت الصغيرة في بناء اقتصاديات الدول.

هذه النسب حفزت الكثير من دول العالم النامية في هذا القطاع إلى إدراك ضرورة التركيز والاستثمار في برامج ومشاريع قطاع المنشآت الصغيرة لإنعاش اقتصادها؛ مما وجه هذه الدول إلى تطبيق برامج جديدة وتفعيل مشاريع ووسائل تخدم هذا القطاع، وكانت من أبرز هذه التجارب تجربة الهند، وجمهورية مصر العربية بالإضافة إلى التجارب الناجحة في المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين.

وبما ان ريادة الأعمال و المشاريع الصغيرة تعتبر قوة اقتصادية مؤثرة في تأسيس الاقتصاد العالمي؛ لأنها تخلق المزايا الاقتصادية والاجتماعية للدول مثل النمو الاقتصادي وانخفاض معدل البطالة وما ينتج عن ذلك من استقرار اجتماعي، فلذلك تمثل المنشآت الصغيرة شريحة كبيرة من إجمالي المنشآت الاقتصادية في المملكة العربية السعودية وتهدف رؤية 2030 إلى زيادة الناتج المحلي بنسبة 15% من خلال قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة من 20% إلى 35% وحيث ان إدارة المشاريع الصغيرة قد تكون محفوفة ببعض المخاطر؛ فلذلك يجب على القائمين على هذه المشاريع وضع إستراتيجيات والاستعانة بأصحاب الخبرة لرسم إستراتيجيات في مواجهة هذه المخاطر.

هذا بالإضافة الى ان الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة تقوم بدور كبير لرفع كفاءة هذا القطاع برسم استراتيجيات ممكنة لرواد الأعمال واصحاب المشاريع الصغيرة وتقوم بتنفيذها مع الجهات ذات العلاقة والغرف التجارية والبنوك الحكومية والأهلية وايضا الجمعيات الأهلية، فعلى سبيل المثال لو تطرقنا الى الغرف التجارية بمنطقة مكة المكرمة وذلك بسبب قربي من انشطتهم فنجد ان غرفة جدة برئاسة واهتمام الأستاذ محمد يوسف ناغي لها عدة برامج وانشطة لتمكين القطاع وكما هو الحال في غرفة مكة فهناك اهتمام من الاستاذ عبدالله صالح كامل في تفعيل دور الغرفة في اقامة فعاليات تخدم القطاع بشكل عام وايضا لو نظرنا الى غرفة المدينة فالاهتمام بتمكين الفئة المستهدفة في القطاع من اوليات رئيس الغرفة الاستاذ مازن ابراهيم رجب.

هذا الدعم المتنوع أسهم في ازدهار مفهوم ريادة الأعمال المجتمعية، حيث إن الدولة تدعم القطاع غير الربحي عن طريق الجمعيات التي تقدم خدمات وأنشطة مختلفة وبناء على تخصص كل جمعية؛ الأمر الذي يسهم في رفع مستوى الخدمات وجودة الحياة للفئة المستهدفة، وتحقيق الرقي الاجتماعي والثقافي والتعليمي والصحي وغيرها الكثير. كما أن هذه الجمعيات تسهم في التقليل من البطالة عن طريق تقديم فرص وظيفية، وأيضًا عن طريق تأهيل وتمكين فئة من المجتمع؛ ليكونوا قادرين على بدء مشاريعهم الخاصة ومؤهلين للانخراط في سوق العمل. ومستقبلًا، يتوقع أن تكون الجمعيات الأداة المحركة للخدمات الاجتماعية بدلًا من الغرف التجارية. فنجد ان جمعية رواد الأعمال الاهلية برئاسة الاستاذ. زياد بن بسام البسام ونائبه الأستاذ مازن بترجي تعتير نموذج ممتاز للتكامل مع قطاعات الدولة في تأهيل وتمكين رواد الأعمال وحيث انها تقدم هذه الجمعية الانشطة والفعاليات والخدمات التي تمكن رواد الأعمال وايضا تقدم التأهيل والتمكين للراغبين بأن يصبحوا رواد أعمال في المستقبل او اصحاب مشاريع صغيرة.

نسمع كثيرا عن مفهوم ريادة الأعمال ومفهومالمنشآت الصغيرة فهل يعتبر المفهومين نفس الشئ ام هناك اختلاف بينهما؟

سؤال ممتاز وللإجابة عليه يتطلب منا التدرج في الفكرة ومن ثم ابراز الفروقات بين المفهومين، وحقيقة يلاحظ أن هنالك تداخلاً بين مفهوم ريادة الأعمال ومفهوم المنشآت الصغيرة، حيث إن بعض المختصين والكتاب يخلطون بين المفهومين في كتاباتهم وأطروحاتهم. وبنظرة عن قرب لهذين المفهومين نجد صفات مشتركة بينهما، ولكن هناك معايير تفرق بين العمل الريادي(ريادة الأعمال) والمنشأة الصغيرة.

وتتعدد تعاريف ريادة الأعمال، كما أن هنالك كثيرًا من التعاريف للمنشآت الصغيرة، واتفقت هذه التعاريف على أن ريادة الأعمال عبارة عن عمل حر يتصف بالإبداع والابتكار ويكون محفوفًا بالمخاطرة، بينما نجد أن المشروعات الصغيرة هي تلك المشاريع التي تتميز بانخفاض رأس المال وقلة عدد العمال، وأيضًا صغر حجم المبيعات.

ونعرض هنا أبرز الفروق بين ريادة الأعمال والمنشآت الصغيرة، فريادة الأعمال تهدف إلى خلق ثراء مالي في وقت قصير لا يتجاوز عشر سنوات كحد أقصى، ويكون مستمرًا ودائمًا، بينما نجد أن المشروعات الصغيرة تهدف إلى توليد دخل مستمر كدخل الوظيفة أو يفوقه أو قد ينقص قليلاً، وأن بناء الثراء فيه عادة ما يكون في وقت زمني طويل يزيد عن عشر سنوات. وأيضًا تتميز ريادة الأعمال بالمخاطرة العالية وهذا ما يفسر ثمن المخاطرة مقابل الثراء وبغير المخاطرة العالية يصبح المشروع صغيرًا، بالإضافة إلى أن العمل الريادي يتميز بالإبداع والابتكار، وهذا عادة يحول الأفكار إلى خدمات أو منتجات مربحة جدًا، ويخلق الثراء، بينما نجد أن المنشآت الصغيرة يقل فيها الإبداع والابتكار بحيث إنها تقدم منتجات تقليدية واعتيادية.

وإذا عرفنا الابداع فهو ابتداع الشيء وتقديمه بطريقة جديدة فبينما نجد ان الايتكار خلق شيء من لا شيء بمعنى تقديم شيء جديد ذي قيمة.

ويعتبر الإبداع والابتكار من أهم العوامل والمؤشرات التي تساعد رائد الأعمال في التفكير والتحليل بطريقة رائعة؛ مما ينعكس على تقديم منتجات وخدمات في صورة غير تقليدية.

في السابق كان هنالك تفاوت او ان صح الوصف اختلاف في تصنيف المنشآت الصغيرة وبمعنى ان كل جهة في المملكة لها تصنيف مختلف لحجم المنشآت الصغيرة، برأيكم ماهو سبب هذا الاختلاف؟ وما هو دور الجهات ذات الاختصاص بالمملكة في حل هذا التحدي؟

يعتبر تخصصي بشكل عميق فلذلك الاجابة على هذا السؤال ليست بالسهلة ولكن في وجهة نظري ارى ان هذا التفاوت او الاختلاف في تصنيف حجم المنشآت الصغيرة يعود الى أن الانتشار الواسع للمنشآت الصغيرة يدعونا لتفهم طبيعة المنشأة الصغيرة وطريقة تصنيفها، والمثير للجدل أن المنشأة الصغيرة يصعب تعريفها وتصنيفها لأن التعريف تحكمه أمور نسبية، فمثلا مع التغيرات السريعة والنمو يجعل: مايعتبر مشروعاً صغيراً في وقت معين لايعتبر مشروعاً صغيراً في وقت لاحق، وكما ان مايعتبر مشروعاً صغيراً في دولة متقدمة يعتبر مشروعاً متوسطاً أو كبير في دولة نامية وهذا بالاضافة الى ان مايعتبر مشروعاً صغيراً في نشاط معين كصناعة الحديد مثلاً لا يعتبر مشروعاً صغيراً في نشاط آخر كصناعة مواد مثل البلاستك.

وإذا تحدثنا عن الشق الثاني من السؤال وهو عن دور مملكتنا الحبيبة في هذا الجانب فقد حرصت المملكة العربية السعودية على الدعم المستمر لرواد الأعمال، وتشجيع المنشآت الصغيرة؛ انطلاقًا من دورها الريادي، ولزيادة ناتج الدخل المحلي بنسبة 15% من قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة كإحدى أهداف رؤية قيادتنا الرشيدة وقائدنا الملهم الأمير محمد بن سلمان 2030.

فقامت الدولة حفظها الله بتوحيد التصنيف والميني على المعايير الصحيحة والدقيقة المتمثلة في معايير تصنيف المنشأة الصغيرة والتي تعتمد على التصنيف الوصفي، كوصف لطبيعة الإدارة واستقلاليتها، ولرأس المال، حيث إنه في المنشأة الصغيرة يقدم عادة من المالك أو من مجموعة صغيرة من المساهمين، وبالنظر لحجم المشروع، حيث يكون صغيرًا مقارنة بالنشاط الذي ينتمي له وأيضًا يكون في منطقة محلية معينة. لكن من جهة أخرى، نجد أن التصنيف الإحصائي هو أدق من التصنيف الوصفي ويعتمد على أرقام ترتبط بعدد العمال ورأس المال، وإيراد المبيعات، وفي بعض الأحيان حجم الأصول.

والجدير بالذكر أن التصنيف الموحد والمعتمد لحجم المنشآت في المملكة العربية السعودية هو التصنيف الإحصائي  التابع للهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (منشآت). وتجدونه على الرابط في الموقع الالكتروني لـ (منشآت): https://www.monshaat.gov.sa/certificate

ماهي اهمية وفوائد ريادة الأعمال؟

يعتبر علم الأعمال بشكل عام وعلم ريادة الأعمال بشكل خاص من العلوم الإنسانية التي بها شمولية بحيث إنها تتطلب وضع الإستراتيجيات لتحقيق الأهداف عن طريق تفعيل وظائف الإدارة كالتخطيط، والتنظيم، والقيادة، والتنسيق، والاتصال، والرقابة، وأيضا المتابعة. وعلى الجانب الآخر نجد أن رائد الأعمال أو صاحب المنشأة الصغيرة مطالب بفهم:

المالية والمحاسبة: مسك الدفاتر بنفسه أو تعيين شخص يقوم بها وبالتالي يسهل له فهم العمليات المالية، الاقتصاد: إدراك حركة العرض والطلب في السوق ودراسة الجدوى الاقتصادية من المشروع، التسويق: معرفة إستراتيجيـــات التسويق للمشــــروع ودراسة السوق، الإدارة: تفعيل خصائص الإدارة من توجيه، وتخطيط، وتنفيذ، ومتابعة، ورقابة، ووضع إستراتيجية، وكتابة خطة عمل تشمل التشغيل والتسويق، والالتزام بها للمساعدة في إدارة المشروع.

وحيث ان فهمنا لهذه المحاور يحق لنا فوائــد ريادة الأعمــــاللرواد الأعمال والتي تمكن في:

الاستقلالية والتي تتيح الفرصة للاستقلال وتحقيق الأهداف المخطط لها، الطموح والربح لتحقيق رغبة الطموح بإنجاز الأهداف والربح المالي، وايضاً تقديم خدمة المجتمع عن طريق إنشاء كيان اقتصادي يحقق الربح ويوفر وظائف لأفراد المجتمع، ومن الأمثلة الحية أن يكون الكيان الاقتصادي مساهمًا في الناتج المحلي عن طريق قطاع المنشآت الصغيرة.

ماهي مخاطر ريادة الأعمال على رواد الأعمال؟

هنالك العديد من المخاطر التي تواجه رواد الأعمال وتكمن في عدم استقرار الدخل وحيث ان طبيعة الكثير من المنشآت الصغيرة في بداية تشغيلها في السنين الأولى أن تمر بصعوبات قد تتمثل في عدم استقرار الدخل؛ وبالتالي يشكل ذلك ضغطًا على رائد العمل، والمخاطرة حسب الإحصائيات التقديرية، فإن الكثير من المنشآت الصغيرة تفشل في العامين الأولين من عمرها وتزداد النسبة في الأعوام الأربعة الأولى، وحسب الإحصائيات الأمريكية فإن 25% من المنشآت الصغيرة لا تنجح في العامين الأولين، وإن 54% تفشل في الأعوام الأربعة الأولى، و عزلة اجتماعية وضغط عمل طويل يتطلب إنشاء مشروع صغير تخصيص وقت عمل طويل؛ وبالتالي يتعرض رائد العمل للضغط الشديد من ساعات العمل، وقد تأتي حياته الاجتماعية والأسرية في المقام الثاني، و المسؤولية الشاملة وحيث يتعرض رائد العمل لمسؤولية كاملة اتجاه مشروعه؛ لأنه مستقل ويبحث عن تحقيق الأهداف الموضوعة وقد تعرضه هذه المسؤولية لتحمل الكثير من ضغط الأعمال، وايضاً الإحباط في بعض الأحيان يصيب رائد الأعمال إن لم يتحلَّ رائد العمل بالصبر والتفاؤل؛ فإنه قد يتعرض للإحباط عند حصول أول إخفاق.

ماهي القدرات الذاتيــة لرائد الأعمـــال؟

رائد الأعمال لديه قدرات ذاتية تتمثل في: تقبل المخاطرة لاستغلال الفرص، و العزيمة والمثابرة والإصرار لتحقيق الأهداف، و المهارة في التعامل مع الآخرين لتسهيل عملية التواصل مع العملاء الداخلين وأيضا الخارجين لكسب فرص جديدة، و الخلفية العلمية للنشاط المستثمر فيه، و الخبرة الشخصية سواء من أعمال سابقة كموظف أو أعمال استثمارية تم العمل فيها، والتي تساعد في كسب فرص جديدة وطرح أفكار جديدة.

هل يمكن أن يكون لرائد الأعمال صفات خاصة ؟

صفات رواد الأعمال تكمن في: وضوح الهدف فرائد الأعماللديه فهم للتركيبة الكاملة للعمل التجاري الذي ينوي الخوض فيه، وذلك عن طريق الخبرة العلمية والعملية التي مكنته من وضع المشروع بهدف واضح، ويعزز ذلك عن طريق الثقة بالنفس والاستقلالية في تحديد المسار للمشروع وأيضًا له قدرة فائقة مكتسبة في تحليل كامل للمشروع، ورائد الأعمال شخـصية حالمة بالفعل ودائما يبحث عن أكبر فرصة فرواد الأعمال عادة ما تكون نظرتهم أشمل في تحقيق أهداف أكبر في كل مشروع تجاري، فعلى سبيل المثال: عند تأسيس مطعم يكتب له النجاح؛ فإنهم يبحثون في تكوين سلسلة مطاعم من هذا النجاح أو منح الامتياز التجاري. رواد الأعمال عبارة عن شخصية حالمة بحيث إنهم لا يقفون على الفكرة فقط، بل يقومون بالإسراع بالتنفيذ وإضافة خيارات متعددة لتحقيق أعلى فائدة من الخدمات أو المنتجات المقدمة، كما ان رائد الأعمال لا يخشى عدم النجاح ولا يستسلم للعوائق وحيث ان الكثير من الأشخاص لا يرغبون في إنشاء عمل تجاري وذلك لخوفهم من الفشل وعواقبه المادية والمعنوية. وفي المقابل، نجد أن القليل يتجه للمخاطرة وعدم التخلي عن الفرص المتاحة التي تحقق الربح لهم، بالإضافة إلى أنهم يعتبرون أن الفشل إن وقع فهو درس مستفاد يزيدهم خبرة وقوة ويمكن أن يجدوا حلولاً له وتفعيل المشروع بطريقة أفضل.

ماهي المجالات الشائعة لأنشطة المشاريع الصغيرة؟ وماهي الاختلافات الجوهرية في انشطة المشاريع؟

بشكل عام يوجد العديد من المجالات المختلفة للمشاريع الصغيرة مثل الصناعة، والتجارة، والزراعة، والخدمات، والمشروعات الغير هادفة للربح مثل الجمعيات الأهلية.

وحيث تعتبر المشاريع الخدمية من اكثر المشاريع الجاذبة لرواد الأعمال واصحاب المشاريع الصغيرة بسبب عدم وجود مخزون سلعي كما هو الحال في المشاريع التي بها مخزون سلعي و تعتبر إدارة المطاعم أصعب من إدارة المشاريع الأخرى، وذلك بسبب سرعة دوران المخزون السلعي فيها.

على الجانب الأخر نجد ان المشاريع الالكترونية والتي تتمثل في شكل تطبيقات تعتبر في الفترة الاخيرة من المشاريع الجاذبة لرواد الأعمال لما تحمله من سهولة في التأسيس وانخفاض رأس المال وقلة العاملين ولاسيما اذا كانت فكرتها تسد احتياج للناس وتحل مشاكلهم وهذا بالاضافة الى ان هذه المشاريع يمكن ان تكون مشغلة من قبل افراد في المجتمع عن طريق تشغيلهم والحد من البطالة.

وفي سياق اخر نجد ان المشاريع غير الهادفة للربح تعتبر من المشاريع المدعومة في المملكة العربية السعودية، وحيث أولت حكومة خادم الحرمين الشريفين اهتمامًا كبيرًا بالجمعيات الأهلية؛ بإدراجها تحت مظلة القطاع غير الربحي، وإنشاء منصة المركز الوطني للقطاع غير الربحي؛ تسهيلًا لأعمال هذه الجمعيات في إنجاز معاملاتها بكل يسر، هذا بالإضافة إلى تخصيص صناديق للمنح والتبرعات؛ ليكون تقديم التبرعات عن طريق هذه المنصات ويكون مخصصًا للجمعيات، وغيره الكثير من أوجه الدعم لهذه الجمعيات، كمنصة إحسان وصندوق دعم الجمعيات الذي يهدف لدعم الجمعيات وتحقيق الاستدامة المالية لها. ولم يقتصر الدعم على هذه الخدمات، بل إن الدولة فرضت على الجهات الحكومية بأن تقوم بإسناد جزء من مشاريعها لهذه الجمعيات.

ماهي خصائص المنشآت الصغيرة وخصائص الإدارة في المنشآت الصغيرة؟

هناك العديد من الخصائص اهمها سهولة التأسيس، نمط الملكية المحلية، المعرفة الجيدة بالعملاء والسوق، قوة العلاقة بالمجتمع، استمرارية المنافسة التي تولد الابداع والابتكار، مرونة الإدارة وسهولة الأنشطة.

وعلى الجانب الأخر تكمن خصائص الإدارة في المنشآت الصغيرة فريق عمل وإدارة صغير، والشمولية في أدوار المالك، وايضا تقارب فريق العمل.

ما هو الشكل القانوني للمنشآت الصغيرة؟

الشكل القانوني للمنشآت الصغيرة يتكون من ان ملكيتهــــا تعود لفرد أو مجموعة أفراد وتتميز بأن تأسيسها سهل، وهنالك حرية واستقلالية في الإدارة، والأرباح للمالك أو الملاك، وايضا السرعة في اتخاذ القرارات، ومن عدم المزايا قد يكون المسؤولية الشاملة للمالك او الملام والإدارة وأحيانًا، يوجد صعوبة للحصول على قرض للتوسع.

هل عدم الابتكار يمكن ان يكون سبب في عدم نجاح المشاريع الصغيرة؟

مع كل ممكنات الدولة لتنمية قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، نجد أن الكثير من المنشآت الصغيرة خرجت من المنافسة؛ وبالتالي خرجت من السوق بسبب بعض التحديات التي يجب على هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة سرعة العمل على المساعدة في تذليلها لأصحاب هذه المنشآت، منها تحديات داخلية لهذه المنشآت وتكمن في ضعف الإدارة، وقلة الخبرة، وإجراء توسعات غير مخطط لها في المشروع، أوعدم وجود دراسة للمشروع أساسًا. وهناك عوامل خارجية تكمن في قوة المنافسة، والعوامل الاقتصادية مثل الركود الاقتصادي، ومشاكل تمويلية كصعوبة الحصول على تمويل، والمنافسة الكبيرة في هذا القطاع، ونقص المعلومات والبيانات عن السوق، والحاجة للكادر البشري، وتضخم الأسعار، صعوبة الأنطمة والتشريعات الحكومية، إلا أن عدم الابتكار لا يعد سببًا أو لا يعد سببًا رئيسيًّا لخروج المنشآت الصغيرة من المنافسة.

وللحد من فشل المشروعات الصغيرة يجب زيادة مستوى تعليم الإدارة وبالتالي تحسين أداء الإدارة، والاستعانة بأصحاب الخبرة لرسم إستراتيجيات، وايضا من المهم تحسن العوامل الاقتصادية للدولة بشكل عام كما هو الحال للاقتصاد القوي للملكة.

نسمع كثيراً عن حاضنات ومسرعات الأعمال، ولكن لا نعرف ماذا نسألك تحديداً في هذا الجانب ونرغب بحكم أنك مختص في مجال ريادة العمال والمنشآت الصغيرة بأن تسهب في تعريق القارئ بشكل شمولي عن هذين المفهومين؟

سؤال مهم جداً وللاجابة على هذا السؤال ابدأ بسؤال استفساري حاضنة أعمال أم مسرعة أعمال؟

وهنا استعرض المفهوم الشامل للحاضنات والمسرعات فتاريخياًفي بداية الثمانينات بدأت حاضنات الأعمال في الولايات المتحدة الأمريكية وغرب أوروبا تظهر كأداة للتنمية الاقتصادية، وبعد ذلك انتشرت في جميع أنحاء العالم، والغريب في الأمر أن ظهور الحاضنات بدأ بمحض الصدفة؛ لحلّ مشكلة لإحدى الشركات الصناعية التي كانت تعاني من الديون العالية، ما أجبرها على تأجير معداتها الصناعية، ومن ثم تأجير بعض من مرافق مصنعها مع تقديم خدمة التدريب والاستشارات الفنية الإدارية. تطورت مثل هذه الفكرة لتشكل نواة لمبادرات حاضنات الأعمال.

والنجاح الملفت لنموذج حاضنات الأعمال كوسيلة للتنمية الاقتصادية نتج عنه تعدد في أشكال الحاضنات من تجارية وصناعية وغيرها الكثير من أنواع الحاضنات، هذا بالإضافة الى انبثاق ما يعرف بمسرعات الأعمال؛ نتيجة التطور الحاصل في مفهوم حاضنات الأعمال.

وكما أكدنا سابقاً في المملكة هناك دعم مستمر لرواد الأعمال وأصحاب المنشآت الصغيرة؛ وذلك انطلاقًا من الدور الريادي لمملكتنا الحبيبة، بالعمل على زيادة الناتج المحلي بنسبة 15٪ من قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة كإحدى أهداف رؤية 2030.

وهذا الدعم بزغ منه اهتمام متزايد بظهور حاضنات ومسرعات للأعمال بشكل ملفت في مجتمعنا، حيث إنها أصبحت من أفضل الأدوات لظهور عدد من الكيانات التجارية التي ساهمت بشكل إيجابي في زيادة الناتج المحلي. ولم يقف الأمر عند هذا الحدّ، فالتميز لحاضنات الأعمال في المملكة العربية السعودية ظهر منه الإبداع والابتكار في مفهوم الحاضنات، فنجد على سبيل المثال “سوق الحي” الذي تقدمه جمعية مودة للتنمية الأسرية، الذي يعتبر شكلاً جديدًا لحاضنات الأعمال، فهذا السوق يعتبر حاضنة للأسر المنتجة، حيث يركز على التأهيل ثم التمكين، بل أيضًا التسويق لمنتجات الأسر المنتجة من خلال سوق حي.

ومع اهتمام المملكة بقطاع الصناعة والصناعات الخفيفة سواء أكانت يدوية أو غير ذلك، إضافة إلى الاهتمام برفع مستوى الصادرات الخارجية، نجد أن هناك فرصًا للغرف التجارية لتفعيل دورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية عن طريق تقديم حاضنات أعمال (معامل صغيرة) للصناعات اليدوية والحرفية الخفيفة، بالإضافة إلى تقديم خدمة التدريب والاستشارات الفنية الإدارية لهذه الحاضنات.

الجدير بالذكر أنه يوجد في مجتمعنا خلطٌ بين مفهوم الحاضنة والمسرعة، بل إننا نجد كثيرًا من المختصين يخلطون بين المفهومين، فحاضنات الأعمال عبارة عن وحدة خادمة وتهدف إلى تحويل الأفكار إلى مشاريع فعلية قائمة على أرض الواقع، وذلك من خلال تقديم التأهيل والدعم والتدريب، بينما مسرعات الأعمال هي وحدة خدمية للمشاريع الناشئة القائمة وتقدم الدعم والإرشاد وتساعد في الحصول على الفرص التمويلية التي تسهم في تسريع الأعمال. فهناك تشابه بين المفهومين، ولكن تبرز الفروق في أن حاضنات الأعمال تعنى بالمشاريع المبتدئة، بينما مسرعات الأعمال هدفها مساعدة المشاريع القائمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock