مقالات

ميزانية 2025 .. إعادة هندسة المستقبل

م. سطام بن عبدالله ال سعد . مستشار التنمية المستدامة

تم النشر في الأربعاء 2024-11-27

لطالما كان الاقتصاد السعودي لاعبًا رئيسيًا في المشهد الاقتصادي العالمي، مدعومًا بموارده الطبيعية الهائلة. وفي عالم متغير، أعادت المملكة صياغة معادلة النمو من خلال رؤية 2030، التي تستهدف تنويع مصادر الدخل وبناء اقتصاد مستدام ومبتكر يعزز تنافسية المملكة عالميًا.

إعتماد الاقتصاد السعودي على النفط كان واقعًا لعقود، لكن التحديات العالمية دفعت المملكة لاتخاذ خطوات جريئة. اليوم، تمثل الأنشطة غير النفطية أكثر من 52% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بـ47% في عام 2016. هذا التحول يعكس تغيرًا جوهريًا في فلسفة الاقتصاد نحو الاستثمار في التكنولوجيا، السياحة، والصناعات الإبداعية لتحقيق النمو المستدام.

إلى جانب ذلك، أسهم النمو في الإيرادات غير النفطية بنسبة 154% منذ عام 2016، لتصل إلى 472 مليار ريال، في تقليل تأثر الاقتصاد بتقلبات أسواق النفط، مما جعل المملكة نموذجًا للمرونة والاستدامة الاقتصادية.

القطاع الخاص تجاوز دوره التقليدي وأصبح قوة دافعة للتغيير. ارتفعت مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى 24.7% بحلول منتصف 2024، مما يعكس ثقة المستثمرين في البيئة الاقتصادية الجديدة. كما ساهم في توفير وظائف نوعية، حيث زاد عدد السعوديين العاملين فيه بنسبة 23% منذ عام 2016.

من أبرز معالم رؤية 2030 المشاريع الكبرى مثل “نيوم”، “القدية”، و”مشاريع البحر الأحمر”، التي تعد منصات للابتكار وتوفر فرص عمل نوعية. ارتفع الإنفاق عليها بنسبة 38% سنويًا منذ انطلاق الرؤية، مما يرسخ التوجه نحو اقتصاد متنوع ومستدام.

ورغم الأزمات العالمية، تمكنت المملكة من تعزيز مكانتها من خلال الصادرات غير النفطية التي ركزت على الجودة والتنافسية، مما دعم ميزان المدفوعات وزاد من تدفقات النقد الأجنبي.

المملكة اليوم مورد للطاقة ومركز اقتصادي مبتكر يدمج بين التكنولوجيا والصناعات الحديثة والثقافة. فرؤية 2030 ليست فقط خطة تنموية، بل مشروع حضاري يعيد تعريف التنمية الاقتصادية في العصر الحديث.

التحدي الحالي يكمن في الحفاظ على الزخم ومواجهة التحديات العالمية، لكن المملكة تبدو مستعدة لتحويل كل تحدٍ إلى فرصة من خلال سياسات مدروسة وقيادة حكيمة. الإنجازات التي تحققت حتى الآن هي البداية فقط، والمملكة تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق رؤية 2030 وبناء إرث اقتصادي ملهم يحترمه العالم.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى