توقعات حركة الباوند دولار: ارتفاع مرتقب إذا تحسن مزاج المخاطرة
رانيا جول، محلل أول لأسواق المال في XS.com
تم النشر في الجمعة 2024-10-25يبدو أن الجنيه الإسترليني يواجه تحديات خلال الأسابيع الأخيرة مقابل الدولار الأمريكي، مع تداوله عند مستويات قريبة من أدنى مستوياته في عشرة أسابيع بالقرب من 1.2906. ومع ذلك، من وجهة نظري هناك احتمالات لارتداد صعودي في سعر الجنيه إذا ما تحسن مزاج المخاطرة في الأسواق العالمية. فعلى الرغم من الضغط السلبي الحالي على زوج الجنيه الإسترليني/الدولار الأمريكي، هناك مؤشرات تشير إلى احتمالية تحسن هذه العملة في المستقبل القريب.
فقد بدأت تداولات الجنيه الإسترليني اليوم الخميس عند 1.2930، بعد أن وصل إلى أدنى مستوى له منذ عشرة أسابيع عند 1.2906 أمس. ويعكس هذا الأداء ضعف الجنيه أمام قوة الدولار الأمريكي، الذي يستفيد من ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية وزيادة الطلب على الدولار كملاذ آمن وسط مخاوف السوق بشأن التضخم والاقتصاد العالمي.
فعلى الرغم من هذه الضغوط، أرى أن التحسن في مزاج المخاطرة قد يدعم الجنيه الإسترليني في الفترة المقبلة. ويعتمد هذا التحسن بشكل كبير على مجموعة من العوامل الأساسية، بما في ذلك البيانات الاقتصادية المرتقبة من المملكة المتحدة والولايات المتحدة. وفي الوقت الحالي، يتوقع أن تؤثر بيانات مؤشر مديري المشتريات (PMI) على تحركات السوق بشكل كبير، حيث أن هذه المؤشرات تقدم صورة أوضح عن حالة الاقتصاد وتوقعاته المستقبلية.
لكن الجانب الأكثر تأثيرًا على الأسواق برأيي هو السياسة النقدية لكلا البنكين المركزيين، بنك إنجلترا والاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. وخلال اجتماع معهد التمويل الدولي في واشنطن العاصمة، أعرب محافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي عن رأيه بأن التضخم في المملكة المتحدة يتراجع بشكل أسرع مما كان متوقعاً. وعلى الرغم من أن هذا التراجع يعتبر مؤشرًا إيجابيًا، إلا أن بيلي أشار إلى بعض الحذر في استجابة المستهلكين، موضحًا أن ارتفاع معدلات الادخار يعكس قلقًا بشأن المستقبل الاقتصادي. أضاف أيضًا أنه من غير المناسب إلزام صناديق التقاعد بالاستثمار في الأصول البريطانية، مما يعكس قلقًا بشأن السوق المحلي.
وفي الوقت نفسه، أعتقد أن الجنيه يواجه تحديات إضافية من الولايات المتحدة، حيث يستمر الدولار الأمريكي في اكتساب القوة بسبب البيانات الاقتصادية المرنة والتوقعات المتزايدة بأن الاحتياطي الفيدرالي قد يظل متشددًا في سياساته النقدية لفترة أطول. وارتفاع مؤشر الدولار الأمريكي إلى أعلى مستوياته منذ أواخر يوليو يعكس هذه القوة، مما يزيد من الضغط على الجنيه الإسترليني.
ورغم هذا، أرى إن أحد العوامل الرئيسية التي قد تعزز الجنيه في المستقبل هو التراجع المحتمل في الدولار الأمريكي إذا ما شهدنا تحسنًا في مزاج المخاطرة بالأسواق. فالدولار عادة ما يضعف عندما يتجه المستثمرون نحو الأصول ذات المخاطر الأعلى مثل الأسهم أو العملات ذات العائد الأعلى. وبالتالي، إذا شهدنا تغيرًا في الاتجاه نحو المخاطرة، فقد يستفيد الجنيه من هذا التحول، خصوصًا مع استمرار الانخفاض الطفيف في عوائد سندات الخزانة الأمريكية.
من ناحية أخرى، منو جهة نظري لا يمكن تجاهل تأثيرات البيانات الاقتصادية الضعيفة من المملكة المتحدة. فبيانات مؤشر مديري المشتريات لشهر أكتوبر أظهرت تراجعًا في زخم النمو، حيث انخفض مؤشر التصنيع بشكل ملحوظ إلى 50.3 من 51.5، مما يعكس تباطؤًا في نشاط التصنيع. ورغم ذلك، فإن رد فعل الجنيه كان متماسكاً نسبيًا، ما يدل على أن السوق قد يكون أخذ بالفعل في الحسبان هذه البيانات الضعيفة.
لكن التحدي الرئيسي للجنيه الاسترليني يبقى في قدرة بنك إنجلترا على التحكم في التضخم وتحقيق التوازن بين دعم النمو الاقتصادي ومنع تفاقم الضغوط التضخمية. ومع استمرار البنك في التلميح إلى إمكانية خفض أسعار الفائدة في المستقبل، قد يشكل هذا ضغطًا إضافيًا على الجنيه. ومع ذلك، إذا تمكن الاقتصاد البريطاني من تحقيق تحسن طفيف في المؤشرات الاقتصادية، وخاصة فيما يتعلق بالنمو والإنتاجية، فقد يتيح ذلك فرصة للجنيه للارتداد صعودًا.
وفي النهاية، يمكنني القول إن الجنيه الإسترليني يواجه تحديات متعددة، لكن هناك فرصة محتملة للارتفاع إذا تحسن مزاج المخاطرة في الأسواق. ويعتمد هذا بشكل كبير على تطورات البيانات الاقتصادية في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، وكذلك على توجهات السياسة النقدية لكلا البنكين المركزيين. فإذا تحسنت شهية المخاطرة لدى المستثمرين، فقد نرى تحسنًا في الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي، مما قد يدفعه إلى مستويات أعلى خلال الفترة المقبلة.