السعودية تتجه استثمارياً إلى البرازيل وتوقعات بضخ استثمارات ضخمة بين البلدين
الاقتصاد.الوكالات
تم النشر في الجمعة 2024-06-14في إطار سعي السعودية المستمر نحو مد جسور التعاون مع مختلف الدول لتعزيز الروابط الثنائية في كل المجالات، خاصة الاقتصادية منها، تتجه البوصلة السعودية هذه المرة إلى أمريكا اللاتينية، وبالتحديد نحو دولة البرازيل من خلال مؤتمر استثماري ضخم انطلق أمس في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، واستضافه معهد مدعوم من صندوق الاستثمارات العامة السعودي، بهدف تعميق الشراكة الاستثمارية بين البلدين.
وفيما لا تزال الصين والولايات المتحدة أكبر شريكتين اقتصاديين للمملكة، إلا أن إجمالي التبادل التجاري بين السعودية وعملاق أمريكا اللاتينية بلغ نحو 7 مليارات دولار في العام الماضي، وسط توقعات بزيادة الرقم إلى 10 مليارات دولار بحلول 2030، بحسب مركز الخليج للأبحاث، وهو منظمة سعودية غير ربحية، مع تعميق العلاقات بينهما، خاصةً مع إظهار البرازيل باستمرار استعدادها لتقديم المزيد لشريكتها العربية.
ياسر الرميان، محافظ صندوق الاستثمارات العامة، شدد على اهتمام الصندوق السيادي بالاستثمار في البرازيل، لاسيما في قطاعات التكنولوجيا والطاقة المتجددة والتعدين، وأيضًا في كرة القدم.
تسعى السعودية إلى جذب نحو 100 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية سنويًا لتساهم في تحقيق حلمها الاقتصادي، وهو ما يزيد بنحو ثلاثة أضعاف ما حققته من استثمارات أجنبية حاليًا.
الرميان قال في كلمة رئيسية أمام “قمة الأولوية” بمدينة ريو دي جانيرو “رغم أن حوالي 80% من أصولنا تحت الإدارة مستثمرة في السوق المحلية، فإن النسبة الباقية البالغة 20% تناهز 200 مليار دولار“، وذلك في إشارةٍ إلى قيمة الأموال الممكن استثمارها في الأسواق الخارجية ومن ضمنها البرازيل.
هذه الفاعلية تمثل جزءًا من جهود ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على طريق التحول الاقتصادي لبلاده، والذي يهدف إلى جعل الدولة الغنية بالنفط مركزًا لكل القطاعات؛ من السياحة والصناعة وتصنيع السيارات الكهربائية إلى الرياضة.
ونوّه محافظ الصندوق السيادي السعودي، إلى اهتمام الصندوق بقطاعي الترفيه والرياضة، قائلًا “لهذا السبب لدينا العديد من المبادرات بمختلف الرياضات.. وأعتقد أن البرازيل أفضل مكان لمناقشة كرة القدم“.
الرميان، الذي يشغل أيضًا منصب رئيس مجلس إدارة أرامكو السعودية ورئيس معهد الاستثمار الأجنبي المباشر، أشار إلى أنه “رغم كون المملكة من أكبر الدول المنتجة للوقود الأحفوري، فإن استراتيجيتنا تستهدف إنتاج نصف احتياجاتنا من الطاقة بحلول 2030 من مصادر متجددة.. ولا نستثمر فيها لأنها مفيدة للعالم فقط، بل نجعلها فعّالة للغاية من حيث التكلفة، حيث خفضنا تكلفة الطاقة الشمسية إلى سنت واحد لكل كيلوواط/ساعة”.
قال الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا خلال المؤتمر، “أرى في العلاقة مع السعودية إمكانيات كبيرة لتحقيق مكاسب متبادلة، وأريد أن تكون نموذجًا يحتذى به للعلاقات الجنوبية التي نريد جميعًا تعزيزها، هناك نقاط تقارب واضحة جدًا بين مشاريعنا التنموية، إن رؤية السعودية 2030 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وجعله ينمو بالابتكار هي أيضًا ما يدفعنا إلى الأمام“.
ولطالما أظهرت البرازيل في أكثر من مناسبة اهتمامًا كبيرًا بالحصول على حصة من مشاريع رؤية السعودية 2030، وبالنسبة للرئيس البرازيلي، الذي يحاول تحفيز النمو الاقتصادي لبلاده عبر السياسات الصناعية، فإن احتمالية زيادة تدفقات الاستثمار السعودي تمثّل فكرة جذابة له، خاصة بعد زيارته للمملكة في نوفمبر الماضي، وأجرى خلالها محادثات مع الأمير محمد بن سلمان.
كشف لولا دا سيلفا، عن توقعات كبيرة في إنشاء صندوق ثنائي (سعودي برازيلي)، للاستثمار في الفرص الخاصة التي من شأنها أن تعزز الشراكة بين البلدين بشكل أكبر، مضيفا “ستظل السعودية دائمًا حليفًا وشريكًا مميزًا”.
القطاع الغذائي يُمثل العمود الفقري
القطاع الغذائي يُمثل العمود الفقري للعلاقة التجارية بين السعودية والبرازيل، وهذا ما تؤكده أحدث بيانات التبادل التجاري بين البلدين، حيث قفزت صادرات البرازيل إلى السعودية خلال العام الماضي إلى أعلى مستوى لها في عشر سنوات، وشكلت المواد الغذائية نحو 90% من إجمالي قيمة الصادرات البالغة 3.2 مليار دولار.
اختارت المملكة البرازيل كشريك استراتيجي لها في هذا القطاع، وبشكل أساسي عبر صندوق الاستثمارات العامة، وشركة الاستثمار الزراعي والحيواني السعودية “سالك” التابعة للصندوق.
فاروق سوسة، الخبير الاقتصادي في مجموعة “غولدمان ساكس”، قال لوكالة بلومبرج عبر الهاتف، إن تعزيز العلاقات السعودية مع البرازيل ينبع من الرغبة في زيادة أهمية ووضع نصف الكرة الجنوبي كثقل معادل للهيمنة التقليدية للولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية، مضيفًا أن “البرازيل لديها العديد من الصناعات التكميلية المفيدة للمملكة، ويمكن أن تكون حليفًا رئيسيًا في الأمن الغذائي والمعادن“.