من التبني إلى قيادة الابتكار: السعودية تحقق قفزة تكنولوجية عملاقة
ديمتري كامينسكي، الشريك العام، مجموعة المعرفة المتعمّقة
تم النشر في الثلاثاء 2023-02-21ديمتري كامينسكي، الشريك العام، مجموعة المعرفة المتعمّقة
من خلال القيادة الرشيدة ذات الرؤية الثاقبة والحكومة التقدمية، تسخّر المملكة العربية السعودية قوة التكنولوجيا لخلق مستقبل أكثر إشراقاً لشعبها ومنطقة الخليج جمعاء.
وسط مناخ عالمي من الاضطرابات الاقتصادية والتوترات الجيوسياسية، تقود الموارد الاقتصادية للمملكة والتزام الحكومة بالتكنولوجيا الازدهار الاجتماعي والاقتصادي على نطاق غير مسبوق في المنطقة.
تتقدم السعودية بمعدل مثير للإعجاب، وتتبنى بسرعة حقبة جديدة ديناميكية مدفوعة بأحدث التقنيات. في حين أن التقدم قد يكون ثابتاً في مناطق أخرى حول العالم، فإن هذه الدولة الشرق أوسطية الصاعدة تعد بقيادة مسيرةالاستكشاف والتطور التكنولوجي، ليس فقط على صعيد المنطقة وإنما على الساحة العالمية أيضاً.
وشهد مؤتمر LEAP في الرياض على ذلك، حيث جمع الحدث أكثر من 300,000 مشارك، ومئات من شركات التكنولوجيا، والآلاف من المستثمرين الذين يركزون على التكنولوجيا، والصناديق الحكومية من المملكة ودول الخليج والولايات المتحدة وأوروبا وآسيا وأجزاء أخرى من العالم. وقد سجل هذا الحدث رقماً قياسياً جديداً للنجاح وأظهر ريادة المملكة في التنمية القائمة على التكنولوجيا. يعد LEAP أكثر بكثير من مجرد تجمع عالمي لا مثيل له، إذيكشف نجاحه عن اتجاهات قوية في المشهد التكنولوجي والاستثماري بشكل عام.
بالنظر إلى التطورات التي نشهدها في مجال التكنولوجيا، لا يسع المرء إلا أن يكون فضولياً بشأن مستقبل المشهد العالمي للأعمال والاستثمارات. من الذكاء الاصطناعي إلى التكنولوجيا العميقة وما بعدها، ليس هناك حدود لإمكانات الابتكار. وبينما تمضي الولايات المتحدة والغرب قدماً نحو المستقبل بنمط مستقيم، فإن الصين وآسيا تقودان التقدم التكنولوجي بوتيرة متسارعة، بينما منطقة الخليج تمضي قدماً بسرعة مضاعفة.
من خلال محادثاتي مع المواطنين السعوديين والمسؤولين الحكوميين في LEAP، شعرت بشغفهم وأصالة إيمانهم الراسخ بأنهم يصوغون طريقاً عملياًوواقعياً للمستقبل، متّحدين كأمة من أجل غد أكثر ازدهاراً وتقدماً. لقد قام معظمهم بحضور فعاليات المؤتمر لإظهار تضامنهم مع جهود قيادتهم بتنفيذ رؤية السعودية 2030 فعلياً على أرض الواقع، ولإثبات أن هذه الرؤية تدور حول الحاضر بقدر ما تتعلق بالمستقبل.
يعتبر العديد من الاقتصاديين وخبراء التكنولوجيا أن المشاريع الضخمة في المملكة مثل “نيوم“ و “ذا لاين“ تعد مستقبلية للغاية في أحسن الأحوال، وأحلام غير قابلة للتحقيق في أسوئها. ولكن إذا أخذ المرء في الاعتبار التكنولوجيا المتاحة اليوم وتلك التي من المتوقع أن تصل إلى مرحلة الجاهزية السوقية في غضون ثلاث أو خمس أو سبع سنوات من الآن، فإن رؤية المملكة بأكملها بحلول عام 2030 تبدو واقعية بشكل قاطع لأي خبير على دراية بالتنبؤ التكنولوجيالقائم على البيانات. ويصح ذلك الافتراض ليس فقط بالنسبة للسعودية، ولكن أيضاً بالنسبة للعديد من المشاريع العملاقة الأخرى في دول مجلس التعاون الخليجي، والتي قد تم تمثيلها بكثرة في معرض ومؤتمر LEAP في الرياض مؤخراً.
وأكثر ما يذهلني في رؤية السعودية 2030 مقارنةً بالرؤى المماثلة في أجزاءأخرى من العالم هو التوازن الفريد بين عناصر الرؤية والاستراتيجية والتكتيكات والتنفيذ. تتميز العديد من خطط التنمية الوطنية القائمة على التكنولوجيا إما برؤية واستراتيجية غير تقدمية بما فيه الكفاية، أو تكتيكات غير فعّالة، أو حوكمة غير مسؤولة، أو ثغرات واضحة في التنفيذ.
والجزء الأصعب بالنسبة لأي حكومة أو صندوق استثمار أو منظمة تعمل على مواكبة الحدود الحقيقية للتكنولوجية العميقة هو ليس تحقيق وفرة من التقدم التكنولوجي من حيث الطموحات فقط، بل أيضاً تنفيذ هذه الطموحات عن طريق خطط عمل عملية وحاسمة تستند إلى التنبؤ المدعوم بالتكنولوجيا.
كان LEAP عرضاً ممتازاً لهذا التوازن بين الاستراتيجية والتنفيذ، ودليلاًملموساً على التقدم نحو تنفيذ خطط التنمية الوطنية الضخمة، مما مكن المملكة من وضع معيار للدول الأخرى لتتبعه.
من جانب آخر، ما يميز المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى هو ليس بالضرورة حجم الاستثمارات التي التزمت بها، بل عمق واتساع التزامها بالتقدم التكنولوجي باعتباره المحرك الرئيسي للتنمية الاجتماعية والاقتصادية والاستقرار والازدهار. إن دقة المملكة وحسمها ورعايتها في تحقيق التوازن الأمثل بين الرؤية والعمل هو العنصر الأكثر أهمية.
مع وجود كثافة عالية من الشركات الكبيرة التي تغامر في تقنيات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، يرسم المؤتمر أيضاً صورة إيجابية لمستقبلتطوير قطاع التكنولوجيا العميقة كصناعة بحد ذاتها.
في السنوات القادمة، ستكون التكنولوجيا العميقة بمثابة الوجه الجديد للتكنولوجيا التقليدية. بدأ عدد كبير من المستثمرين على نطاق واسع بما في ذلك المؤسسات الاستثمارية وصناديق الثروة السيادية في المشاركة في استثمارات التكنولوجيا العميقة. تاريخياً، لطالما كان الاستثمار في تكنولوجياالجيل التالي مدفوعاً في المقام الأول برأس المال الاستثماري المغامر أو في كثير من الحالات ببرامج حكومية متخصصة مثل وكالة مشاريع البحوث المتطورة الدفاعية (DARPA) في الولايات المتحدة. ستشهد دول الخليج والاقتصادات الناشئة الأخرى قريباً عصراً جديداً من الأسهم الخاصة الناضجة والمستثمرين المؤسسيين الكبار الذين سيبرزون تدريجياً في طليعة مصادر تمويل التكنولوجيا العميقة.
ومن المتوقع أن يتحقق هذا الاتجاه قبل عام 2030، مما سيؤدي إلى تدفق رأس مال بمليارات الدولارات لدعم تطوير قطاع التكنولوجيا العميقة كصناعة بحد ذاتها على نطاق واسع. ستجذب هذه التطورات حتماً المهندسين ورجال الأعمال والخبراء الأكثر موهبة في مجال التكنولوجيا العميقة، مما سيساهم في خلق المزيد من الاستقرار والقيمة وقابلية الاستثمار والتقدم في منطقة الخليج.