في تطور جديد .. «جونسون آند جونسون» تحاول طلب أشهار الأفلاس والمحكمة ترفض
الاقتصاد.الوكالات
تم النشر في السبت 2023-02-11عندما قدم خواكين دواتو أول نتائجه السنوية كرئيس تنفيذي ورئيس لمجلس إدارة شركة جونسون آند جونسون الشهر الماضي، دبت فيه الحماسة لكونه “متفائلا حول مستقبل الشركة”، التي تستعد لفصل شركتها الاستهلاكية هذا العام، ضمن تحول مؤسسي كبير.
لكن بعد أسبوع، أصبحت خطط المدير التنفيذي الإسباني الطموحة موضع شك إثر القرار التاريخي الذي أصدرته المحكمة. فقد يحبط الحكم محاولة شركة جيه آند جيه المثيرة للجدل لاستخدام نظام الإفلاس الأمريكي من أجل التعامل مع دعاوى قانونية بمليارات الدولارات أقامها ضدها مرضى السرطان، الذين يقولون “إن بودرة التالك كانت سببا في مرضهم”.
يدرس المسؤولون التنفيذيون في شركات أمريكية أخرى بقلق الحكم الصادر عن محكمة استئناف الدائرة القضائية الثالثة في الولايات المتحدة، التي يقول الخبراء إنها قد تمنع الشركات الموسرة مثل “إم 3″ و”كوتش إنداستريز” من استخدام برامج الإفلاس المعقدة بموجب الفصل “11” للتعامل مع الدعاوى الجماعية.
الحكم الصادر في 56 صفحة عن لجنة مكونة من ثلاثة قضاة الإثنين رفض طلب الإفلاس من قبل شركة تابعة لشركة جيه آند جيه، التي انفصلت عن الشركة في 2021 ومعها نحو 40 ألفا من قضايا بودرة التالك بعد إعادة هيكلة الشركة تحت برنامج “تكساس ثنائي الخطوة” للإفلاس.
إذا تم تأييد الحكم عند استئنافه، فسيجبر القسم التابع لـ”جيه آند جيه” المسمى “إل تي إل مانجمنت” على محاربة هذه القضايا وربما آلاف القضايا الأخرى التي سيرفعها المدعون في المحاكمات أمام هيئات المحلفين، بدلا من التعامل معها من قبل قاض مختص في قضايا الإفلاس. وقد تستغرق هذه العملية عقودا وتكلفهم مئات المليارات من الدولارات في النهاية، وفقا لملفات المحكمة المقدمة من “إل تي إل”.
قال القاضي توماس أمبرو، الذي كتب الحكم، فقط “إذا كان المدين في ضائقة مالية” يجب أن يقدم طلبا للإفلاس، لكن “إل تي إل” لم تكن في هذا الوضع بسبب الدعم المالي البالغ 61 مليار دولار الذي قدمته لها شركة جيه آند جيه، التي تعد إحدى أكبر الشركات في العالم، بقيمة سوقية قدرها 430 مليار دولار.
يقدر المحللون إجمالي مسؤولية “جيه آند جيه” بأنها أقل بكثير من المبلغ الذي ادعت به “إل تي إل” في المحكمة، كما أنهم لا يعتقدون أن الحكم سيؤخر انفصال وحدة المستهلك التي تبيع كل شيء بدءا من بودرة التالك حتى ضمادات الجروح اللاصقة. لكنهم يحذرون من أن الحكم يلقي بظلال من الشك على الشركة في حين إنها تسعى إلى إعادة تشكيل نفسها كشركة مبتكرة في قطاعي الأدوية والأجهزة الطبية.
قال كريس شوت، محلل في “جيه بي مورجان”، الذي يقدر تكلفة إجمالي الالتزامات بما يراوح بين ثمانية مليارات وعشرة مليارات دولار، “نحن نرى أن هذا الحكم يؤدي إلى جداول زمنية أطول بكثير للتوصل إلى حل في دعوى قضية بودرة التالك”.
وأضاف “سيتطلب الأمر من شركة جيه آند جيه التقاضي في دعاوى التالك على أساس كل ولاية على حدة والتعامل مع الدعاوى المتعلقة بالتالك باعتبارها عبئا مستمرا على الأسهم”.
قالت وكالة “موديز إنفستور سيرفيس”، “إن الحكم في قضية التالك له أثر في “الجدارة الائتمانية” لشركة جيه آند جيه، لكنه لن يؤثر في تصنيفها الثلاثي بالامتياز”.
لكن شركة جيه آند جيه، التي بدأت بيع بودرة الأطفال في 1894، أنكرت أن منتجاتها القائمة على التالك تحتوي على آثار من الأسبست الذي يسبب السرطان. في البداية وقفت الشركة ضد المدعين في المحاكم المدنية، وكسبت قضايا أكثر مما خسرتها. لكن شركة جيه آند جيه قامت بتعديل استراتيجيتها عندما أمرتها محكمة في ولاية ميسوري بدفع أكثر من ملياري دولار لمجموعة مكونة من 20 امرأة، زعمن أن إصابتهن بمرض السرطان كانت ناتجة عن بودرة التالك.
ثم عينت “جيه آند جيه” شركة جونز داي، وهي شركة المحاماة التي ابتكرت برنامج “تكساس ثنائي الخطوة” للإفلاس ومقرها كليفلاند. فالبرنامج يمكن الشركات من تقسيم نفسها إلى كيانين منفصلين ووضع جميع التزاماتها القانونية في أي منهما. في تشرين الأول (أكتوبر) 2021، قسمت “جيه آند جيه” نفسها إلى قسمين وأعلنت أن شركة إل تي إل قد رفعت دعوى إفلاس، وهي خطوة أدت إلى تعليق جميع الدعاوى القضائية المتعلقة بالتالك.
كما اتبعت شركة جيه آند جيه خطى شركة جورجيا باسيفيك الفرعية التابعة لشركة كوش إنداستريز، وتراين تكنولوجيز ووحدة أمريكية تابعة لشركة سان جوبان ومقرها فرنسا، التي طبقت جميعها هذا البرنامج. من خلال فصل الوحدات المستقلة التي تحتفظ بمسؤولياتها القانونية، التي تقدمت بعد ذلك للإفلاس بموجب الفصل “11”، تمكنت المجموعات الأم من العمل بشكل طبيعي ومواصلة دفع الأرباح للمساهمين، بينما تم إيقاف جميع القضايا المعروضة أمام المحاكم.
تجادل الشركات بأن النظام المعمول به في حالة الضرر الجماعي معطل، ويشكل مخاطر مالية جسيمة للشركات، وأنه لم يعد منبرا فعالا لتحقيق العدالة للضحايا. حيث يمكن التوصل إلى التسويات بشكل أكثر إنصافا وأسرع من خلال التعامل مع القضايا في محاكم الإفلاس، كما تقول الشركات، بدلا من طرحها على هيئات المحلفين، وهي عملية وصفتها “جيه آند جيه” في المحكمة بأنها تشبه “القرعة”.
لكن المحامين في دعاوى الأضرار لم يقبلوا بهذا. وجادلوا بأن برامج الإفلاس التي تستخدمها الشركات الموسرة تسيء استخدام محاكم الإفلاس وتحرم المظلومين من حقهم في المحاكمة أمام هيئة محلفين. كما يقولون “إنه بدلا من التعجيل بالتسوية، فإن إجراءات الإفلاس تؤجل قضايا الضرر، وبالتالي تزيل ما يستحث الشركات للجلوس على طاولة المفاوضات والتفاوض على تسوية”.
يقول المنتقدون “إن تلك الاستراتيجية تمنح الشركات كل مزايا نظام الإفلاس دون أن تتحمل أي عبء”. مثلا، دفعت شركة جورجيا باسيفيك العام الماضي 2.5 مليار دولار من أرباح الأسهم لشركة كوش إنداستريز على الرغم من أنها انفصلت عن الوحدة التي تواجه الآلاف من مطالبات الأسبست في 2017. بعد ما يقارب ستة أعوام من تقدم الشركة التابعة بطلب إعلان إفلاسها بموجب الفصل “11” لوقف جميع القضايا، لم يتم الاتفاق على أي تسوية في محكمة الإفلاس أو الدفع للمطالبين.
قالت لي أوديل، محامية في بيزلي ألين العضو في اللجنة التوجيهية للمدعين في دعوى التالك، “إن استراتيجية الإفلاس خبيثة، ومصممة لإغلاق أبواب المحاكم أمام الضحايا”.
قالت “إن قرار الدائرة الثالثة بعث برسالة واضحة إلى الشركات الأمريكية مفادها وجوب (متابعة الإجراءات بشكل مشروع، وبنية خالصة) لأغراض إعادة التنظيم، وليس فقط للحصول على ميزة على المستهلكين أو المطالبين الآخرين في القضية”.
يقول الخبراء القانونيون “إن الحكم لا يمنع بصورة تلقائية استخدام أدوات إعادة هيكلة الشركات على أساس قانون الولاية الذي يقع في قلب مخطط تكساس ثنائي الخطوة”. لكن من خلال اشتراط إثبات أن الشركات تعاني بالفعل ضائقة مالية قبل أن تستفيد من اللجوء إلى محاكم الإفلاس، فإن من شأن ذلك أن يثنيها عن استخدام هذه الأدوات.
قال جاريد إلياس، الأستاذ في كلية الحقوق في جامعة هارفارد “إن الحكم يغير ملف المخاطرة للقيام بواحدة من خطوات الإفلاس من هذا النوع. أعتقد أن مجالس الإدارة ستقول (أتعلم، إن برنامج تكساس ثنائي الخطوة بكامله، هو حقا ليس مناسبا لنا)”.
فيما جاء الحكم عقب انتقادات علنية لمخططات الإفلاس التي تستخدمها الشركات لحماية نفسها من المسؤولية، وبعد مقترحات طرحها السياسيون لحظرها. كما بدأت المحاكم تتفحصها بدقة أكبر.
في آب (أغسطس)، رفض قاض من ولاية إنديانا طلبا تقدمت به شركة إم 3 لوقف آلاف الدعاوى المتعلقة بالإصابة الشخصية التي تنطوي على خلل مزعوم في سدادات الأذن، بعد رفع دعوى إفلاس من قبل إحدى الشركات التابعة لها. استأنفت إم 3 ضد الحكم.
قدم المدعون طلبا لرفض دعوى الإفلاس من قبل شركة آيرو المتفرعة عن شركة إم 3، قائلين “إن حكم الدائرة الثالثة بشأن (إل تي إل) قوض الدعائم التي قامت عليها القضية، وإنه يجب رفضها”.
قالت شركة جيه آند جيه “إنها ستستأنف الحكم الصادر عن محكمة الدائرة الثالثة”، مضيفة أنه “استند إلى متطلبات فنية عوضا عن اعتقاد الشركة أن الاستراتيجية كانت في مصلحة جميع الأطراف، بمن فيهم أصحاب الدعاوى”.
قال دان برييتو، شريك في شركة جونز داي، ويعمل مستشارا قانونيا لشركة إل تي إل، “إن الحكم لن يمنع الشركات من متابعة عمليات اندماج الأقسام أو إعادة الهيكلة قبل تقديم طلب الإفلاس”. لكنه يمكن أن يوجد حوافز ضارة من خلال منع الشركات من ضمان تقديم دعم مالي يصب في مصلحة المطالبين.
وقال “إن العاقبة المحتملة لهذا الرأي هي تحفيز الشركات على عدم الإفراط في حماية المطالبين عند تنفيذ إعادة هيكلة الشركة لأنه، بخلاف ذلك، قد تستنتج المحكمة أن الشركة ليست في ضائقة مالية كافية لتقديم طلب الإفلاس”.
لكن معظم الباحثين القانونيين ذوي الاختصاص يقولون “إن زيادة المخاطر من المحتمل أن تمنع الشركات من اللجوء إلى هذه المخططات”. إضافة إلى ذلك، تواجه شركة جيه آند جيه عقبة كبيرة في إقناع إما محكمة الدائرة الثالثة أو المحكمة العليا بالاستماع للاستئناف في قضية تنطوي على هذه المسائل الفريدة من نوعها حول الإفلاس”، على حد قولهم.
قال سمير باريخ، أستاذ القانون في كلية لويس آند كلارك للقانون “إن المخاطرة كبيرة للغاية. أنفقت (جيه آند جيه) كثيرا من الموارد، وعليها الآن العودة إلى التالك إم دي إل (تعني إجراءات للتقاضي في محاكم في أقاليم متعددة تهدف إلى تسريع حل القضايا)، مع تسليط كبير للضوء على الشركة وأفعالها. ويبدو أن القضية تحولت إلى كابوس على صعيد العلاقات العامة”.
بالنسبة إلى المدعين، وبعضهم مصاب بمرض عضال، لا يمكن حل قضايا بودرة التالك في القريب العاجل. أما شون (فال) جونسون، المصاب بورم الظهارة المتوسطة، وهو نوع من السرطان مرتبط بالأسبست، فقد حصل على بدل قدره 27 مليون دولار من شركة جيه آند جيه بسبب الإصابة الشخصية قبل أيام قليلة من توظيف الشركة برنامج “تكساس ثنائي الخطوة” للإفلاس. وما زال ينتظر أن يتم الدفع له.
قال جونسون لـ “فاينانشيال تايمز”، “لقد أصابني المرض منذ ثلاثة أعوام ونصف، وأنا غير قادر على فعل الكثير، وقد أثر هذا بشكل كبير في عائلتي (…) إن أطبائي لا يتوقعون أن أعيش طويلا”.