سلاسل التوريد ركيزة اساسية في الحفاظ على الأمن الغذائي
تم النشر في الثلاثاء 2021-08-31
في الوقت الذي كانت تعبر فيه جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) الحدود في شتى بقاع الأرض، ظهرت العديد من التحديات التي فرضها الواقع الجديد للفيروس على مجمل القطاعات، بما في ذلك القطاع الصحي، والسفر، والنقل، والطاقة، بالإضافة إلى قطاع سلاسل التوريد، الذي يمثل سمة أساسية للتجارة الحرة لعالم ماقبل الجائحة.
ففي بداية انتشار الجائحة، تعرضت عمليات سلاسل التوريد لعدد من التحديات المرتبطة بتبعات الفيروس، كغيرها من القطاعات الأخرى، ممادفع العديد من الحكومات في العالم إلى اتخاذ اجراءات صارمة في بعض الأحيان، وذلك محاولةً منها للسيطرة على مخاوف مواطنيها من تعرض سلاسل الامداد إلى التوقف، ولكبح سلوك المستهلك من اندفاعه في تخزين المواد الغذائية، وبالتالي نفاذها من السوق، وهو المشهد الذي حدث بالفعل في عدد من الدول.
على خلاف ما حصل في المملكة، حيث نجحت حكومة المملكة العربية السعودية في إدارة أزمة جائحة كورونا. فعلى الرغم من التحديات التي ظهرت لسلاسل التوريد في المملكة، تمكنت المملكة من معالجة تلك التحديات، وهو الأمر الذي أسهم في الحفاظ على المستوى المطلوب من الكفاءة في هذا القطاع الحيوي، وتأمين مستلزمات الفرد والمجتمع، خلال فترة تطبيقاجراءات التباعد الاجتماعي (حظر التجول الجزئي والكلي)، ودعم تطبيقات التوصيل، وفق ضوابط الجهات الحكومية المختصة، وقد أدى ذلك إلى ضمان حركة التدفق اللوجيستي، وضمان وصول السلع والخدمات بكل سهولة خلال فترة حظر التجول والتجمعات.
إلا أن جميع هذه الإجراءات أدت، بشكل أو بآخر، إلى تغير سلوك المستهلك، الذي ابتعد عن الشراء من متاجر التموينات الصغيرة، المفتقرة للبنية التحتية القوية، مما أسهم ذلك أيضاً في زيادة نسبة التعاملات عبر سلاسل مراكز التسوّق الكبرى، والمتاجر الالكترونية المرخّصة من الجهات الحكومية، التي تمتلك بنية تحتية رقمية صلبة.
اضافة إلى ما سبق، ساهمت العديد من الشركات العاملة في قطاع الأغذية والمشروبات في دعم سلاسل التوريد، من خلال استحداث خطط طوارئ، ورفع نسبة تشغيل العمليات، وذلك للحفاظ على استمرارية وصول منتجاتها للمستهلكين، فميا اتجهت العديد من الشركات الكبرى، مثل بيبسيكو، إلى التركيز على توفير منتجاتها عبر التطبيقات، وتقديم العروض التي تناسب كافة شرائح المجتمع، كونها اصبحت البديل الأنسب والأكثر موثوقية.
جميع هذه التحولات، التي نتجت عن جائحة كورونا، أحدثت تغيراً كبيراً في قطاع سلاسل التوريد. وفي ذات الوقت، سلطت الضوء على نقاط الضعف في شريحة لا يستهان بها من منافذ بيع منتجات الشركات الغذائية، وهي محلات التموينات الصغيرة داخل الأحياء، والتي ارتبطت بوجدان المستهلك لعقود طويلة، خصوصاً أنها لا تملك المقومات اللازمة التي تؤهلها لمنافسة المتاجر الكبرى، مثل البنية التحتية الرقمية، إضافة إلى التحديات المرتبطة بالتزامتها المالية.
وفي حال عدم معالجة تلك التحديات، قد نشهد خروج العديد من محلات التموينات الصغيرة من السوق، حيث يسعى كبار الموردون والشركات الكبرى إلى تعزيز موثوقية وسلامة سلاسل التوريد لديها، من خلال ضمان وصول منتجاتهم إلى المستهلك بكل سلاسة وسهولة، وهو الأمر الذي لا تستطيع المحلات الصغيرة تلبيته، ويعرضها إلى نقص في توفير المواد الغذائية، وبالتالي ابتعاد المستهلك عنها، لعدم قدرتها من تلبية أبسط احتياجاته اليومية.