مقالات

المحتوى السعودي

تم النشر في الأربعاء 2020-09-30

محمد اليامي

شيئا فشيئا، يمسك السعوديون بخيوط سوق الإعلان في بلدهم. السوق التي كانت محتكرة لعقود من الزمن لجنسية واحدة تقريبا، وبمرور كل موسم إعلاني، تظهر ملامح دخول السعوديين ليس كمعلنين، وليس كمالكي وكالات أو ممثلي وكالات عالمية بالاسم فقط، بل كمنتجين ومبدعين للمادة الإعلانية.
تأملت في “موسم” اليوم الوطني السابق، وما تضمنه من المواد الإعلامية والإعلانية، فوجدت ملامح غلبة واضحة للمنتج السعودي، الذي وضع أو صمم محتواه بعقول سعودية، لأنها ببساطة الأقرب للثقافة، والأقدر على استشفاف ذائقة المتلقي.
كان منتجو الإعلانات بجميع أشكالها، يعتمدون على فكرة أنهم من يصوغون ذائقة المتلقي، يحددون ما يحقق الجذب والتشويق بناء على معطيات ظلت في أذهانهم ثابتة، فظلت أفكارهم ووسائلهم تدور في فلك هذا الثبات.
المجتمع السعودي يتطور بسرعة، إنه يتطور بنيويا، وينعكس ذلك على مظاهر حياته وأساليب معيشته، وهذا ما يعرفه ويدركه صانع المحتوى المحلي المحترف، لأنه أخبر من غيره بما يصنع الشغف والإثارة، ويحقق الإشباع، ولو على مستوى الذائقة والاستمتاع وهي من أهم مواصفات الرسالة التسويقية والاتصالية التي تنافس لكي تصل.
ليس المتلقي وحده من تطور، فالوسائل تطورت أسرع كثيرا منه، ولم يعد في الإمكان نقل التجربة نفسها في محتوى يناسب وسيلة تقليدية إلى وسيلة عصرية، كالوسائل الرقمية مثلا، وهذا ما لا يدركه كثير ممن يعملون في السوق وفق نظرياتهم القديمة.
ولأن موسم الاتصال والتسويق الأقرب، كان احتفاؤنا بذكرى اليوم الوطني، فيسهل تذكر أن شركات عالمية عملاقة سقطت سقوطا مدويا في منتجها الاتصالي التسويقي، لأن محتواه لم يحترم، أين وصلت الذائقة السعودية، وأين يروم المجتمع السعودي؟، فغرقت في تفاهة، ربما يعتقد وكيلها الإعلاني أو صانع محتواها، أنها من سمات وسائل التواصل الجديدة، ناسيا أنه هنا يتحدث عن وطن، وطن عظيم جدا في قلوب وعيون أبنائه.
كان وما زال، وسيظل المحتوى هو الأهم في كل اتصال وتسويق، وإذا تغيرت الذائقة، وتطور المجتمع الذي يتلقى الرسائل، فلا بد أن يتطور المحتوى، ولا بد أن يعرف صانعوه أن الذائقة البصرية تختلف عن السمعية، وأن تشكل ذائقة أي مجتمع هي عنصر متغير طالما هذا المجتمع يتغير.
لعل ما يحدث، يحفز لصناعة سعودية تذهب بعيدا لتغزو الأسواق الخارجية، بعد أن تتنظم السوق داخليا، وهي التي ظلت طويلا بلا ملامح واضحة تربطها بالبلد الذي يربح فيها، وها هي قد بدأت، وبقوة في الظهور والتشكل.

عن الاقتصادية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock