الاحتياج مقابل الرغبة
تم النشر في الأربعاء 2020-06-17
محمد اليامي
تداول بعض الزملاء شراء سيارة جديدة هذه الأيام. أيام اقتراب التصفيات على موديلات العام الحالي قبل نزول ما بعدها، وأيام الضريبة الأقل، ثم هي أيام حاجة الشركات للبيع لتعويض انخفاض المبيعات خلال الجائحة، قبل أن يعود الطلب مع انحسارها إلى الارتفاع.
وجدتني أهجس في الأمر رغم عدم وجود “الاحتياج”، وهي ليست من “المطالب”، لكنها “رغبة”، وهذه المصطلحات الثلاثة من أهم مصطلحات التسويق التي يسبر أغوارها أهل الأعمال.
بعد يومين تأكد لي أن هذه “الرغبة” غير اقتصادية، لوجود التزامات أهم، ولأن سيارتي الحالية عمرها معقول ويمكن أن تبقى عدة أعوام، وأن ما حدث هو انسياق وراء أحاديث المجالس “المكاتب في هذه الحالة” وهو ما دعاني إلى التأمل في حال من يتبعون عاطفتهم عند الإنفاق ورسم نمط المعيشة، ويفتقدون القدرة على التعامل مع المد الذي تشكله “انطباعات” من حولهم.
المحتاج يختلف عن الراغب اختلاف الأساسيات عن الكماليات، ولكن الأسواق والمجتمعات لها سنن بعضها تصنعه آلة التسويق، وبعضها تشكله ثقافة الناس في الاستهلاك أو الشراء. أن تشتري سيارة فقط لأنها “فرصة” يبدو لي أمرا غير اقتصادي، وهذا الحديث بالطبع لنا معشر الموظفين أو أصحاب الدخول ذات السقف المحدد، لأن تطبيق ذلك يعني الانسياق وراء كل الفرص التي تتيحها الظروف أو يصورها المسوق الناجح في الشركة المنتجة أو الموزعة. أيضا في المقابل فإن المحتاج إلى السلعة يجب أن يلبي حاجته، خاصة إذا توافرت القدرة أو الحلول التمويلية، وإذا تأخر في انتظار ما يعتقده البعض أو يتوقعه، فإن احتياجه سيزداد وخياراته ستقل.
أتذكر أن كثيرا من الشباب يسألونني عن انخفاض أسعار العقارات والمساكن “المتوقع” في المجالس أو غيرها، فأجيبهم دوما أنني “لا أعرف” وأقول لهم من واقع التجربة أنني بدأت تقسيط منزلي وأنا في الـ40، كنت أستطيع البدء قبلها بأعوام، وربما أكون منتهيا اليوم، ولم أفعل بسبب التردد الذي يبثه البعض زاعمين أن الأسعار ستنخفض، ولم تفعل الأسعار، ولم تتوقف المزاعم والأقساط.
إذا كنت ستسكن فالأمر مختلف عن كونك ستستثمر، لأن “السكن” له فوائده، ولأن الانخفاض “المتوقع” قد لا يحدث، ولأنك في خضم هذا الانتظار الذي قد يطول ستدفع إيجارا وصيانة لمنزل ليس لك، وما ستدفعه ربما يكون هو الفرق في السعر في حال انخفضت الأسعار وهي غالبا لا تفعل.
عن الاقتصادية