مقالات

ثقافة الأزمة؟!

تم النشر في الجمعة 2020-05-29

 

مساعد العصيمي

مما لا شك فيه أن جائحة كورونا قد بدلت مفاهيم كثيرة في السياق التعاملي بين البشر وحتى الحكومات سواء المضطربة منها أو التي تسير باتزان وروية.. أهم مفهوم رسخته هذه الجائحة أن العالم أثبت أنه كالجسد الواحد “إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والشكوى”.. ففيروس يظهر في الصين يتم التقاطه في أعلى جبال الأنديز وحواري جوهنسبيرج.. ما يؤكد أن التغاضي عن الأزمات خاصة ما يتعلق منها بالصحة أصبح حديثاً من الماضي لدى المجتمع العالمي كله.

الجانب الآخر أن ليس بمقدور أحد بعد اليوم أن يتبنى أي خطر على العالم والتوقعات بأن تبدأ مباشرة بعد الجائحة تدمير مراكز الفيروسات الوبائية وكل ما من شأنه تطويرها واستخدامها.. أيضا لن يغفل العالم ما يذهب إلى السلاح النووي والضغط على ملّاكه لأجل التخلص منه خاصة العسكري منه.. بل والإجماع على منع وصوله إلى الجهات الخطرة دولاً وجماعات، وأحسب أن العالم قد وفق برفض مشروع إيران.. ولنسأل أنفسنا كيف سيكون الوضع لو أن هذا النظام الإرهابي يملك السلاح النووي.

ومما لا يقل أهمية وأجزم بأن دول العالم لن تتخلى عنه هو إعادة صياغة الأمم المتحدة لترتقي بأدوارها من موقع للتلاسن ونقض القرارات كل على الآخر.. إلى تبني أدوار إيجابية والأكيد أن الشأن الصحي والارتقاء بالحياة البشرية لا بد أن يكون من أهم أولوياتها بعد أن كان آخرها.. رامية بتبعيته على منظمة الصحة الدولية العاجزة حتى عن إدارة نفسها.

الدول ستتغير والقوانين ستتبدل.. وكورونا قد علقت الجرس فالعالم لم يعد بمقدوره أن يكون مهدداً مثلما حدث، حتى إن الكل قد أغلق على نفسه لأنه لا يثق بالآخرين وطريقة تعاملهم مع الوباء.. العالم لن ينتظر أن تطل الأزمات والجوائح برأسها كي يبدأ من جديد ويعود إلى خانة الصفر.

العالم لن يقف مكتوف الأيدي مع من يدعمون الإرهاب ويسهلون انتشاره.. أجزم أنه لن يقف بعد اليوم صامتاً أمام ترسانة كوريا الشمالية وإرهاب الملالي في إيران، وحتى نتوقع أن يضع حداً فاصلاً  للعبث الاقتصادي القائم بين الدول الكبرى، وتلاعبها بمصير الدول وتباين الأسعار وتقويض السلع.

ثقافة الأزمة ستبدل أشياء كثيرة ولن نتردد بالقول إن أزمة كورونا ستجعل من الشأن الصحي المجال الأول للدول المدركة العاقلة وما نتمناه بعد أن كشفت عن أن العالم “بعد أن أخذته التقنية والتكنولوجيا إلى آفاق أبعد” سيكون متحداً لأجل العمل على سلامة الإنسان وأن يكون هذا الأمر هو الاهتمام الأكبر والأهم لديه.

بقي شيء واحد وهو ما على الفرد أن يعمله تجاه نفسه لأن ما حدث قد أنصب عليه مباشرة.. نتمنى أن تكون الصحة والعادات الحسنة هما الأساس، ولن نشك أن كورونا كانت مدرسة حقيقية لإعادة بناء مفاهيمنا الصحية من جديد.

عن الرياض

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock