«تمر .. ولله الأمر»
تم النشر في السبت 2020-05-16
محمد اليامي
نقاش ثري ومتصاعد يجري هذه الأيام بين السعوديين حول زكاة الفطر، وهو ليس النقاش المعتاد حول جواز إخراجها نقدا عند بعض الفقهاء، بل إن النقاش المتجدد بقوة حول المفاضلة بين التمر والأرز.
المفاضلة ليست غذائية، لأن لا شيء سيعلو على القيمة الغذائية للتمر. لقد أخذت منحى نظريات اقتصادية واجتماعية متباينة، فالداعون اإلى إخراج الزكاة تمرا يرون أن دعم تجار ومزارعي السعودية أولى من دعم أقرانهم في الدول الآسيوية المصدرة للأرز.
الفريق الآخر يقول إن التمر ليس من القوت اليومي للناس، لأن الناس هذه الأيام لا تأكله وجبة غداء أو عشاء، وهذا صحيح، لكنه يفتح أسئلة كثيرة حول النمط الغذائي وكيف ولماذا شاع.
أعتقد أنه في الزكاة إجمالا، تقدم مصلحة المحتاجين على مصالح الجميع، معطي الزكاة، وبائعها وزارعها، وفي زكاة الفطر تحديدا أحس – والله أعلم – أن جعلها طعاما من قوت أهل البلاد فكرته بسيطة وعظيمة في آن واحد، أن يأكل الجميع ويشبعوا في أيام العيد، وأن يبذل المزكي جهدا في الاستقصاء عن المحتاجين، وهم هنا محتاجون جدا إلى درجة عدم وجود الطعام.
بالنسبة إلى التمر وحكاية أنه ليس من قوت الناس، فالأولى العمل على جعله كذلك، وهذا العمل يحتاج إلى ابتكارات ووصفات ليكون جزءا أساسا من المائدة السعودية، وعند التأمل، فإن الأرز ليس طعاما قائما بذاته حتى عند الفقراء، إذ لا بد أن يكون معه شيء بجانبه أو شيء يطبخ معه.
استراتيجيا، التمر أهم لبلادنا واقتصادها وأمنها الغذائي، ويفترض أن يكون كذلك لنا. وشخصيا، أذكر أنه في بداية المنع بسبب كورونا، أول ما خطر لي تأمينه هو التمر والماء والحليب طويل الأجل.
هذا العام، فقد منتجو وتجار التمور جزءا كبيرا من سوقهم، نتيجة جائحة كورونا والإجراءات الاحترازية، ونتيجة أن رمضان هذا العام مختلف كثيرا، وأعتقد أن دعمهم هذا العام – تحديدا – لا بأس به، لكن عليهم تخفيض الأسعار لمنافسة الأرز، فالملاحظ أن الأسعار لم تتأثر كثيرا ولا نعرف هل هذا من المنتجين أم من التجار.
الأرز سيبقى قوت الناس حتى يستفيقوا ويلتفتوا إلى ثروة أرضنا الحقيقية من التمور، ليست التفاتة في زكاة الفطر التي قد يخرجها البعض قمحا أو مالا أيضا، بل التفاتة إلى الصناعة والقطاع، بحيث يكون جزءا حقيقيا من أمننا الغذائي، ويكون هناك منتجات حقيقية تتجاوز صناعة “الكبس” والدبس وحلويات ما يسمى “التمريات”.
عن الاقتصادية