مجلس أمن يمنع حرب الأسعار
تم النشر في السبت 2020-04-18
د.عبد الله الفرج
لقد تكبد منتجو الطاقة منذ مارس الماضي خسائر فادحة لم ينج منها أحد لا في “أوبك +” ولا خارجها. فالدمار كان ماحقا والطوفان ليس له مثيل، فكورونا وحرب الأسعار قد أصابت السوق بالطبع، تهاوت على آثارها الأسعار ووصلت إلى مستويات متدنية بشكل سريع.
ورغم ذلك، فإن هذا الانهيار رغم كل سلبياته، التي سوف تظهر لدى كافة الدول المنتجة للطاقة أخر العام، عندما يتم الإعلان عن ميزانيات العام القادم ومستوى العجز الكبير عندها في ميزانيات هذا العام، أقول رغم كل هذه السلبيات، فإن هناك إيجابيات ملحوظة لعل أهمها دخول الولايات المتحدة على الخط. وهذا يعود للضرر الكبير الذي لحق بصناعة الطاقة فيها والذي أدى إلى إفلاس ليس فقط صغار منتجي الغاز الصخري وإنما شركات كبيرة على غرار وايتينغ بتروليوم، التي كانت أكبر منتج للنفط الصخري بولاية داكوتا الشمالية.
إن دخول الولايات المتحدة في تفاهمات مع أوبك + هو أمر إيجابي بل ومفروض، وقد كتبت في مقال “مجلس لأمن الطاقة”، بأنه من الضروري أن يكون هناك كيان إداري يجمع كافة منتجي الطاقة الكبار ليناقشوا ويقروا في إطاره حصص الإنتاج، التي من شأنها الحفاظ على توازن سوق الطاقة العالمي وتحول دون نشوب حروب أسعار بين كبار المنتجين لهذه المادة التي يعتمد عليها دوران دولاب الاقتصاد العالمي. وأنا أعتقد أن انهيار الأسعار قد قربنا من الفكرة التي أشرت إليها. ففي خلال الاجتماعين الافتراضيين لما يمكن أن نسيمه أوبك ++، اتفق كبار المنتجين وعلى رأسهم المملكة وروسيا والولايات المتحدة على تخفيضات كبيرة في الإنتاج. وهذا أمر مهم، لأنه للمرة الأولى يتفق كبار منتجي الطاقة على تخفيض إنتاجهم. ففيما مضى كانت أوبك+ تخفض إنتاجها اليوم وفي اليوم التالي يستولي منتجو الغاز الصخري على الحصة التي تم تقليصها، وهذا يعتبر من أهم الأسباب التي أدت إلى فشل اجتماع أوبك + في 6 مارس الماضي عندما رفضت روسيا تخفيض إنتاجها وإعطاء حصتها لمنتجي الغاز الصخري.
أما وقد اجتمع كبار المنتجين على قرار واحد بالتخفيض، فإن ذلك يعني أن حرب استيلاء أحد المنتجين على حصة لمنتج آخر قد توقفت على الأقل في الوقت الراهن. ولذلك أتمنى أن يستمر التفاهم والتنسيق بين كبار منتجي الطاقة بصورة مستمرة. فالاقتراح الذي تقدمت به في مقالي السابق بضرورة إنشاء مجلس دولي لأمن الطاقة يجمع كبار منتجي الطاقة، قد أصبح اليوم ضروريا أكثر من أي وقت مضى، حتى يتاح لكبار منتجي الطاقة التفاهم مع بعضهم والحيلولة دون نشوب حرب أسعار مدمرة فيما بينهم في المستقبل.
عن الزميلة الرياض
.