الاستثمار في قطاع الرعاية الصحية
تم النشر في الثلاثاء 2020-02-18
فضل بن سعد البوعينين
مع التوجه الحكومي بإعادة تشكيل القطاع الصحي، ووضع إستراتيجية محفزة للخصخصة، وداعمة للقطاع الخاص، تبرز الفرص الاستثمارية في القطاع، وهي فرص نوعية غير أنها مكلفة وتحتاج إلى رساميل ضخمة، وجرأة، إضافة إلى تشريعات واضحة تسمح بدخول المستثمرين على بينة تامة من أمرهم، ومستقبل استثماراتهم، والعلاقة التي تحكمهم مع القطاعات الحكومية ذات العلاقة، إضافة إلى القطاع المالي، وقطاع التأمين على وجه الخصوص.
يمكن تصنيف نوعية الاستثمار في الرعاية الصحية في السوق السعودية إلى تصنيفات مختلفة، ومنها ما ارتبط بمشروع الخصخصة والتحوّل من القطاع الحكومي إلى الخاص في المنشآت القائمة، أو خلق منشآت جديدة تلبية للطلب المتنامي، أو تحول شركات الرعاية الصحية الخاصة إلى مساهمة عامة ودخولها سوق المال عن طريق التخارج الجزئي.
أثبتت الفترة الماضية نجاحاً لتحول بعض منشآت الرعاية الصحية إلى شركات مساهمة مدرجة في السوق، ما عزز من حوكمتها وخدماتها المقدمة إضافة إلى التدفقات الاستثمارية التي حصلت عليها وأسهمت في تحسين مخرجاتها ومواكبتها التطورات العالمية.
«مجموعة الدكتور سليمان الحبيب للخدمات الطبية» آخر العازمين على دخول سوق المال من خلال طرح 15 % من أسهم المجموعة للاكتتاب العام. قد تكون النسبة محدودة، إلا أنها ستكفل تحقيق التحوّل المنشود والإدراج في سوق المال السعودية التي يفترض أن تحظى بمزيد من شركات الرعاية الصحية وبما يتوافق مع حجم الطلب، ويعزز من عمق السوق وثقل قطاع الرعاية الصحية وتنوعه.
تحول الشركات العائلية بتخصصاتها إلى شركات مساهمة تعزز من استدامتها وتبعدها عن خطر التآكل بسبب تعاقب الأجيال عليها، وأحسب أن منشآت الرعاية الصحية أحد أهم الشركات الواجب إعادة هيكلة ملكيتها لضمان استداماتها في السوق. ولعلي أشير إلى ما حدث لمستشفى سعد التخصصي في المنطقة الشرقية، الذي أحدث توقفه هزة عنيفة لقطاع الرعاية الصحية تضرر منها المستفيدون من خدماته والعاملين فيه والمتعاقدين.
لا أود الخوض في أسباب تعثر المستشفى الأهم في المنطقة، غير أن ملكيته العائلية لم تسمح له بمواجهة المتغيرات القانونية والمالية التي لم يكن للمستشفى علاقة بها. لو كان مستشفى سعد مدرجاً في سوق المال لأمكن التخارج منه بسهولة دون أن تتأثر المنشأة الطبية، أو تحجب خدماتها المهمة عن المستفيدين.
الحوكمة من الأمور المهمة في تحقيق الاستدامة ورفع كفاءة الخدمات وتعزيز النزاهة ومن المعروف أن الدخول إلى سوق المال هو مفتاح الحوكمة ومظلة الرقابة الفاعلة وقاعدة الاستدامة بعد توفيق الله. الدكتور سليمان الحبيب، مؤسس ورئيس مجلس إدارة المجموعة؛ أكد أن الطرح جاء بهدف «تعزيز الحوكمة والاستمرارية وليس التخارج». أجزم أن هذا هو الأهم بالنسبة للمستفيدين والقطاع الصحي والاقتصاد الوطني.
عن الزميلة الجزيرة