مقاطعة المنتجات تعبير حضاري أم ابتزاز سياسي .
تم النشر في الأحد 2020-02-09
تتعرض العديد من الشركات حول العالم من حين لآخر لموجة غضب من زبنائها ، ما تفتأ تتطور الى أن تصل الى مقاطعة شاملة لكافة منتجاتها و تتلوها في أغلب الاحيان حملات تشويه على وسائل التواصل الاجتماعي ،مما يكبدها خسائر مالية فادحة و سمعة سيئة قد تكلف الشركة سنوات لاسترجاع ثقة المستهلك من جديد . فهل لمقاطعة بعض المنتجات أسباب منطقية أم هناك أسباب خفية ؟
في أبريل 2018 انتشرت على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك دعوات مجهولة المصدر تدعوا الى مقاطعة منتجات لثلاث شركات رائدة في السوق المغربية هي شركة المياه المعدنية “سيدي علي” ، شركة دانون الموزع الأول للحليب و شركة افريقيا للمحروقات ، سرعان ما انتشرت الفكرة كالنار في الهشيم ، و كانت المطالب آنذاك هي خفض الثمن و مراعاة القدرة الشرائية للمواطن و اتهمت الشركات الثلات بالغطرسة و الإحتكار .
تفاوتت ردود افعال الشركات بين من اختار الصمت المطبق و التأني ، و بين من حاول مناقشة المطالب و الاستجابة لبعضها فيما عبرت بعض من هذه الشركات عن تفهمها ودعت الى المصالحة على غرار شركة دانون التي اطلقت حملة واسعة تحت شعار “لنتصالح” تلتها تخفيضات همت مادة الحليب .
و مع استمرار موجة المقاطعة و امتدادها لأشهر أخرى طرحت العديد من الأسئلة حول الغاية منها و هل هي فعلا من أولويات المواطن كالصحة و التعليم و التشغيل ، و لماذا استهدفت علامات تجارية بعينها دون منافساتها و لماذا لم تشمل المقاطعة منتجا بعينه بغض النظر عن اسم الشركة التي يحملها ثم ماذا عن استمرار المقاطعة رغم استجابة بعض الشركات لمطلب تخفيض الثمن .
و محاولة لتجنب تكرار تجربة المقاطعة عمدت بعض الشركات الى تخصيص صفحات لها على مواقع التواصل لتنصت لانتقادات و مقترحات زبائنها ، حيث لا تكتفي هذه الصفحات للدعاية و الاشهار فقط بل تعالج الشكايات و ترد على ما تراه اشاعات كذلك ، وفي المقابل تيسر على المستهلكين ابداء آرائهم حول خدمات و منتجات معينة بل ذهبت الشركات أبعد من ذلك عندما اقترحت على منتقديها زيارة معاملها و التعرف على معايير التصنيع و الجودة لديها .
اصبحت المقاطعة في السنوات الأخيرة ثقافة استهلاكية جديدة للتعبير عن عدم الرضى عن الخدمات التي توفرها بعض الشركات ، او كنتيجة لسوء تقدير من قبل مسيري تلك الشركات ما يجعلها سلاحا فتاكا بيد المستهلكين يستلزم مجهودا اضافيا للمنتجين لتحسين صورتهم لدى الزبناء .
عبدالرزاق بهميدن .