توجهات مراكز البيانات خلال العام2020
تم النشر في الخميس 2020-01-23
إيهاب كناري، نائب رئيس قطاع الأعمال لدى شركة “كومسكوب”
شهد العام 2019 حضوراً لافتاً لعمليات التحول الرقمي في كافة المجالات والصناعات على صعيد منطقة الشرق الأوسط، بما فيها العمليات التي طالت سوق مراكز البيانات، حيث تشير التوقعات إلى أن حجم الإنفاق على مراكز البيانات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سيتخطى عتبة الـ 5.1 مليار دولار بحلول العام 2020، أي بزيادة قدرها 8.5 بالمائة عما حققه في العام 2017، وذلك استناداً لنتائج احصائيات شركة أبحاث السوق “ستاتيستا“. وفي ظل الضغط المتنامي الذي تعكسه مجاراة ومواكبة مسيرة التطور المتسارعة للتقنيات، باتت شركات تشغيل مراكز البيانات بحاجة إلى عمليات التحول والاستعداد لما هو آت.
اليوم، ومع مطلع العام 2020، ستبدأ نتائج تبني واعتماد التقنيات الحديثة والأكثر تطوراً على مستوى سوق مراكز البيانات في التبلور، وعلى وجه التحديد، سنشهد زيادةً في الطلب مدعومةً بالجيل الخامس 5G من الشبكات الخلوية على الحوسبة المتطورة للطرفيات، بينما ستعزز تقنيات الذكاء الاصطناعي من انتشار الخدمات الجديدة ضمن كافة مجالات هذا السوق، وذلك على صعيد المستخدم النهائي وموظفي الشركات على حد سواء.
فيما يلي أبرز ثلاث توقعات ستطال سوق مراكز البيانات خلال العام 2020:
سيشهد العام 2020 نمواً في مجال حوسبة الطرفيات بفضل تقنية الجيل الخامس 5G
سيتم طرح أولى التطبيقات القائمة على الجيل الخامس 5G للشبكات الخلوية التي تمتاز بسرعتها الفائقة والمدعومة بتقنية الاتصالات بين الآلات، خلال العام 2020 على الصعيدين العالمي والإقليمي. فحزمة العروض الجديدة هذه، التي تتضمن ألعاب الفيديو عالية الدقة القائمة على السحابة، والتحكم بعمليات إنترنت الأشياء الصناعية، وإرشادات الواقع المعزز لتوجيه العمال في الميدان، ستفتح الباب واسعاً أمام القيمة الجوهرية غير المحدودة للجيل الخامس 5G من الشبكات الخلوية، حيث تشير نتائج أحدث تقرير صادر عن النظام العالمي للاتصالات المتنقلة GSMA أن خدمات الهواتف المحمولة أغنت القيمة الاقتصادية بما قيمته 3.9 تريليون دولار خلال العام 2018. وبدخول الجيل الخامس 5G من الشبكات الخلوية الأسواق، فإن حصة خدمات الهواتف المحمولة ستشكل 4.8 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي العالمي بحلول العام 2023، وهو ما يشكل 4.8 تريليون دولار من القيمة الاقتصادية.
وعلى الرغم من أننا لا نتوقع انتشار هذه التطبيقات على نطاق واسع خلال العام القادم، إلا أن إمكاناتها الهائلة ستبدأ بإعادة صياغة هيكلية العديد من القطاعات، بما فيها سوق مراكز البيانات. فعلى سبيل المثال، بفضل زمن الوصول السريع الذي يتمتع به الجيل الخامس 5G من الشبكات الخلوية، والذي يقدر بأقل من 10 ميلي ثانية، قريباً سيصبح من السهولة بمكان نشر تطبيقات الجيل الخامس 5G من الشبكات الخلوية السريعة، وسيشهد العام 2020 حملة استعدادات من قبل سوق مراكز البيانات لاستقبال هذه التطبيقات.
وكي تنجح عمليات نشر التطبيقات التي تتمتع بزمن وصول سريع، نحن بحاجة إلى ما هو أكثر من مجرد الاعتماد على الجيل الخامس 5G من الشبكات الخلوية، فنحن بحاجة أيضاً إلى معالجة بيانات هذه التطبيقات في مواقع قريبة من مصادرها، وذلك باستخدام تقنيات حوسبة الطرفيات، مثل مراكز البيانات الطرفية. وباستثمار تقنيات حوسبة الطرفيات، سنتمكن من تجنب إرسال البيانات ذهاباً وإياباً من جهاز طرفي إلى مركز بيانات بعيد، الأمر الذي من شأنه اختصار زمن الوصول بدرجة كبيرة، وتمكين هذه التطبيقات الجديدة السريعة الوصول من استثمار أقصى إمكانات الجيل الخامس 5G من الشبكات الخلوية. نتيجةً لذلك، سنشهد موجة انتقال المزيد من مراكز البيانات نحو حوسبة الطرفيات خلال العام 2020، وذلك بهدف جني ثمار هذه التطبيقات.
الذكاء الاصطناعي سيدعم عمليات تبني مراكز البيانات للتقنيات الجديدة خلال العام الجديد
باتت عمليات نشر واستثمار التعلّم الآلي، والتعلّم العميق، وغيرها من تقنيات الذكاء الاصطناعي من التوجهات السائدة حالياً، فهي تدعم الكثير من الخدمات السحابية التي نستخدمها يومياً. وفي شهر ديسمبر من العام 2019، تبنى “مجلس الإمارات للثورة الصناعية الرابعة” 14 مبادرة تهدف إلى تشجيع استخدام ونشر التقنيات المتقدمة داخل الهيئات الحكومية خلال العام 2020، وتغطي هذه المبادرات المنصات والأنظمة والتطبيقات والسياسات والاستراتيجيات، إلى جانب الدراسات المدروسة والمفصلة التي من شأنها تعزيز استخدام أدوات الثورة الصناعية الرابعة.
وبالتزامن مع ما نشهده من إنجازات تحققها حكومة الإمارات، والتي ترمي إلى حجز مقعدها ضمن قائمة أسعد خمس دول في العالم بحلول العام 2021، من المتوقع أن نشهد تسارع موجة استثمار الذكاء الاصطناعي في جميع أنحاء المنطقة خلال العام الجديد، حيث يتنامى استخدام الشركات للبيانات التي تجمعها من أجل إنشاء ونشر نماذج للذكاء الاصطناعي، التي ستتمكن بواسطتها من تقديم خدمات جديدة، وتوليد رؤى أعمال رائدة. لكن في حال كانوا يسعون إلى الحفاظ على ازدهار ونمو هذه الشركات، سيتوجب على شركات تشغيل مراكز البيانات الاستجابة لمتطلباتها، ليس فقط على صعيد تأمين الشبكات والسيرفرات الأسرع على مستوى فئتها، بل على مستوى الطرفيات أيضاً، وذلك من أجل تمكين عمليات نشر نماذج الذكاء الاصطناعي أقرب ما مكن للمستخدمين النهائيين.
وعلى الرغم من أن هذا الأمر بحد ذاته يشكل تحدياً لشركات تشغيل مراكز البيانات، إلا أنه في الوقت نفسه يمثل فرصة سانحة، فإذا تحلوا بالذكاء المطلوب في تبني واعتماد التقنيات المناسبة في مجال الشبكات والحوسبة ومراكز البيانات الطرفية من أجل دعم الذكاء الاصطناعي، فإن العملاء سيطرقون أبوابهم مباشرةً. ولهذا السبب، من المتوقع أن يشهد العام 2020 تنامي تركيز شركات تشغيل ومالكي مراكز البيانات على كيفية تقديم الأداء المتوقع من قبل عملائهم في مجال الخدمات السحابية المدعومة من قبل الذكاء الاصطناعي.
ستعتمد شركات تشغيل مراكز البيانات بشكل كبير على الذكاء الاصطناعي خلال العام 2020 من أجل تعزيز كفاءة القوى العاملة
على صعيد دولة الإمارات العربية المتحدة، من المتوقع أن تعزز تقنيات الذكاء الاصطناعي مسيرة النمو والازدهار الاقتصادي بنسبة 1.6 بالمائة، مضيفةً ما قيمته 182 مليار دولار (667,94 تريليون درهم) لحجم تداولات الاقتصاد الوطني بحلول العام 2035. وفي إطار ضيق الفرص المتاحة على امتداد سوق العمل، وتزايد الطلب، والحاجة المتنامية لإنشاء مراكز للحوسبة الطرفية بعيداً عن المواقع الرئيسية لاستقطاب المواهب المؤهلة، ستواجه شركات تشغيل مراكز البيانات جملة من التحديات فيما يتعلق بالتوظيف والحفاظ على العمالة التي تحتاجها خلال العام الجديد.
واستناداً على هذا، فإنه من المتوقع تنامي استثمار شركات تشغيل مراكز البيانات لتقنيات الذكاء الاصطناعي الجديدة، إلى جانب التقنيات الذكية الأخرى، وذلك من أجل تعزيز ورفع مستوى إنتاجية موظفيهم. فعلى سبيل المثال، اللجوء إلى استثمار سماعات الرأس التي تعمل بتقنية الواقع المعزز، والتي تستخدم تقنية الذكاء الاصطناعي، من أجل توجيه فنيي الخدمة لإتمام مهامهم. وفي الوقت ذاته، ستستخدم شركات توريد معدات مراكز البيانات تقنيات الذكاء الاصطناعي من أجل تسهيل عملية تنصيب وتركيب واستخدام منتجاتهم، ما يتيح لشركات تشغيل مراكز البيانات فرصة تقديم المزيد بموارد بشرية أقل.
وقد يتراجع نمو شركات تشغيل مراكز البيانات التي ستتأخر في عملية تبني واعتماد قدرات الذكاء الاصطناعي الجديدة، لأنهم سيفشلون في إيجاد (أو الحفاظ على) الموظفين الذين يحتاجون إليهم من أجل تقديم جميع الخدمات التي يطلبها عملاؤهم في أسواق اليوم شديدة التنافسية.
الاستعداد للمرحلة القادمة من مراكز البيانات
سيشهد العام 2020 استخدام أولى تطبيقات التقنيات المتقدمة، مثل تحديد الجيل الخامس من الشبكات الخلوية مساراتها داخل مراكز البيانات، في حين ستعمل تقنيات التعلّم الآلي وغيرها من تقنيات الذكاء الاصطناعي على خلق طرق جديدة للتعلم وتنفيذ المهام. وخلال العام الجديد، ستترجم هذه الخطوات على شكل فتح فرص واعدة وكبيرة أمام شركات تشغيل مراكز البيانات، لتحقيق معدلات نمو مجزية، ولتوسيع نطاق أعمالهم. وعلى الرغم من أن الفوائد المجنية من هذه التقنيات قد تستغرق بضع سنوات على الأقل لحصد ثمارها، إلا أن شركات مراكز البيانات التي ستقوم بدمجها ضمن استراتيجية أعمالها بدءاً من الآن، ستصبح السباقة إلى جني هذه الثمار وهي لا تزال على الطريق نحو تحقيقها.