مقالات

العملات المشفرة .. والواقع المتجدد

تم النشر في الجمعة 2020-01-10

 

لا يمكن الاستناد إلى مستوى حقيقي مستدام للعملات المشفرة (أو الإلكترونية) بشكل عام. فهذه العملات تتذبذب قيمها بصورة كبيرة جدا، وتتراجع إلى مستويات منخفضة جدا، وترتفع إلى حدود عالية جدا.
وفي الأعوام القليلة الماضية حققت مكاسب فلكية، واستمرت على مكاسبها بعض الوقت إلا أنها تراجعت بصورة مخيفة لكل الذين يتعاملون بها، ولا سيما أولئك الذين اشتروها وهي مرتفعة القيمة. المهم أن العملات المشفرة تتحرك بشكل غير متوقع، ولا سيما مع استمرار الحديث عن تشريعات تخصها في هذه الدولة أو تلك، وحتى التوقف عن التعامل بها في بعض الدول، وبدء القبول بها كعملة حتمية في أغلبية دول العالم، فضلا عن تزايد أعداد الحكومات التي تفكر عمليا في إصدار عملاتها المشفرة الخاصة. ما يؤكد مجددا، أن هذه العملات تبقى (رغم مرور 15 عاما على إطلاقها) في مرحلة البداية.
في الأسبوع الماضي حققت عملة “بيتكوين” ارتفاعا معتدلا إن جاز القول، في حدود 0.4 في المائة لتسجل 7300 دولار. دون أن ننسى، أن هذه العملة على وجه الخصوص وصلت قيمتها في نهاية عام 2017 إلى نحو 20 ألف دولار، بينما كانت قيمتها وقت إطلاقها في عام 2010 لا تزيد على 10.003. في الأسبوع الماضي ارتفعت قيم كل العملات المشفرة التي يزيد عددها على 50 عملة، لكن “بيتكوين” تتصدرها من حيث القيمة والحضور الزمني. ولا بد من الإشارة هنا، إلى أن أسعار هذه العملة الأخيرة، تذبذبت بمتوسط بلغ 1.6 في المائة. ويرى عدد من المراقبين، أن هذا المتوسط يمثل حالة طبيعية بالنسبة للعملة، على اعتبار أن الارتفاعات الكبيرة السابقة لم تصل إلى مستوى الاستدامة، ولو حتى لفترة متوسطة.
المثير في الأمر، أن أوضاع العملات المشفرة بشكل عام كانت أفضل في العام الماضي، وذلك بسبب “الواقعية” في هبوطها وصعودها، ما يعزز مكانتها في مرحلة لاحقة على الساحة المالية العالمية أكثر. بل كان عام 2019 عام ربحية بالنسبة للمستثمرين في “بيتكوين” مقارنة بعام 2018 الذي تلا الانهيار الكبير لها ولغيرها من العملات المشابهة. فعلى الرغم من أنه لا تزال هناك شكوك حولها عند كثير من الحكومات، إلا أن مواقف الشركات التكنولوجية منها جاءت إيجابية، مع التحول إليها، وإطلاق عملات مشفرة تابعة لها. صحيح أنها دخلت إلى الأسواق منافسة للعملات المشفرة التقليدية، لكن الصحيح أيضا، أنها عززت حضورها ضمن القطاع المالي العالمي، الذي لا يزال مترددا في قبولها.
ولكن الخطوات الأهم من كل هذا، هو عزم الحكومات في الدول المؤثرة في الساحة الاقتصادية على إطلاق عملاتها الخاصة، وهذه أيضا تعد دفعة جيدة للعملات المشفرة على المديين المتوسط والبعيد. وفي كل الأحوال، ستظل أمور هذه العملات غير ثابتة، إلى أن يتم التوصل إلى تشريعات أكثر استدامة حيالها، وإلى أن تصل وضعية سوقها إلى حالة مستقرة، تبعدها عن التذبذبات الكبرى. يضاف إلى ذلك، أن النظرة الإيجابية المتزايدة للعملات المشفرة عند أغلب الدول، ستدعمها في المرحلة المقبلة، ناهيك عن مواقف الشركات الكبرى منها. وفي ظل هذه الحالة، فإن العام الحالي سيشهد وضعية ثابتة أكثر لهذه العملات، خصوصا على صعيد قيمها، ومستوى تحركها. إن مثل هذا الأمر ضرورة حتمية لأي عملة تسعى لأن تكون حاضرة ومقبولة على الساحة المالية، والأكثر استثمارا أيضا

نقلا عن الزميلة الاقتصادية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock