مقالات

أول مركز تسوق للسلع معادة التدوير في العالم

تم النشر في الثلاثاء 2020-01-07

 

د. هيثم باحيدرة

تشغل القضايا البيئية أذهان الناس في السويد طوال الوقت بشكل يمكن أن يؤدي إلى استحداث نماذج أعمال فريدة مثل أول مركز تسوق للسلع معادة التدوير في العالم الذي يحمل اسم “ريتونا”. حيث جميع السلع المبيعة في هذا المركز إما مستعملة أو معادة التدوير أو مصنوعة من مواد عضوية أو مستدامة غير مضرة بالبيئة.
وكانت آنا بيرجستروم مديرة هذا المركز التجاري تواجه معضلة، حيث إنها كانت مغرمة بعالم الأزياء الراقية الجذابة وفي الوقت نفسه كانت تشعر بتأنيب الضمير لأن هذا المجال يعتمد على مواد غير مستدامة ومضرة بكوكب الأرض. أما الآن فقد وجدت راحة البال بعد توليها إدارة هذا المركز التجاري الأنيق في السويد، حيث تباع السلع المستعملة والمعاد تدويرها والصديقة للبيئة.
ويتكون اسم المركز التجاري “ريتونا” من مقطعين، أولهما “ري” في إشارة إلى أن جميع السلع المعروضة فيه معادة التدوير أو معادة التهيئة، والثاني “تونا” وهو الاسم الدارج للمدينة التي يقع فيها المركز وهي مدينة إسكيلستونا التي تقع إلى الغرب من ستوكهولم وعلى بعد ساعة بالقطار منها.
أسست الحكومة المحلية في إسكيلستونا هذا المركز عام 2015 في مستودع كان يستخدم لإيواء الشاحنات الخاصة بشركة خدمات لوجيستية.
وتتم إدارة المتاجر بداخل المركز كما تدار الأعمال التجارية وليس كما تدار الجمعيات الخيرية، ويدفع كل متجر رسوما مجمعة للإيجار والضرائب.
وتعيد آنا بيرجستروم دوما على مسامع كل صاحب متجر شعارا تجاريا هو “قم بإدارة متجرك كما تدار متاجر هوجو بوس”، فهي تريد لهذا المركز التجاري مضاهاة المراكز التجارية الكبيرة الجذابة جيدة التنظيم.
ويضم المركز التجاري متجرا رياضيا يعج بالزحافات والزلاجات ذات الخدوش الخفيفة، ومتجرا للأطفال مليئا بالألعاب التي تلاشت ألوانها قليلا، ومكتبة، ومتجرا للأدوات اليدوية، وآخر متخصصا في الأدوات المنزلية، بل ومتجرا لمستلزمات الحيوانات الأليفة.
وكما يضم المركز سلعا معروضة للبيع كانت محبوبة سابقا لدى مالكيها الأولين، فإنه يضم أيضا عديدا من المنتجات التي تم تجديدها، وهي سلع أصبحت غير مرغوب فيها ولكن تم تفكيكها وتحويلها إلى منتجات أخرى جديدة. وتحرص بيرجستروم على عرض أمثلة رائعة على تلك السلع المجددة في متجر متخصص في الحلي المنزلية المصنوعة يدويا، يديره واحد من المستأجرين المبتكرين.
وجاءت الفكرة الأصلية لهذا المركز التجاري من بنات أفكار السياسة المحليين في عام 2006 أو 2007. ووفقا لخطة إدارة النفايات كان ينبغي على جميع البلديات أن تقلل من الهدر وتبدأ نوعا من الأعمال يسمح بإعادة استخدام هذه الموارد غير المرغوب فيها. وبحلول عام 2015 وبعد نقاش طويل أصبح مركز تسوق السلع معادة التدوير جاهزا لاستقبال الزائرين والمشترين. ويدير هذا المكان غير الهادف للربح شركة مملوكة للبلدية.
وتقول بيرجستروم: “عندما قبلت هذه المهمة رأيت على الفور أن المفهوم الذي تمثله مفهوم رائع ليس فقط لأننا نسمح بتحويل الأشياء القديمة إلى أخرى جديدة ولكن أيضا لأننا نعمل على تقليل الهدر وتوفير فرص عمل جديدة وتعليم السكان المحليين كيفية الحياة بشكل أكثر استدامة”. وتضيف: “عندما نذهب إلى سوق للسلع الرخيصة أو متجر عادي لبيع الأشياء المستعملة فغالبا ما نجده فوضويا غير مرتب، في حين تحاول متاجرنا في هذا المركز عرض سلعها كما تفعل متاجر العلامات التجارية الشهيرة مثل هوجو بوس، حتى لو كانت هذه السلع قديمة ومجددة. وقد حدث أن ترك أناس أغراضهم المستخدمة في محطة التسلم وبعد ذلك أخبرني بعضهم أنهم أعادوا شراء تلك الأغراض القديمة الخاصة بهم ولكن بالطبع في شكلها المحدث. لذلك أعتقد أن جزءا كبيرا مما نقوم به يعتمد على طريقة العرض”.
ويأتي الناس إلى مركز إعادة التدوير الموجودة خارج مركز التسوق مباشرة لتسليم أغراضهم غير المرغوب فيها، وذلك طوال أيام الأسبوع. ثم يقوم موظفو المركز بالاعتناء بهذه الأغراض وفرزها وتوزيعها على المتاجر. ونظرا لأن كل متجر لديه خطة عمل خاصة به، فإن المتاجر هي التي تكون مسؤولة عن بقية العمل، حيث تقوم بمزيد من الفرز ثم تجديد السلع وأخيرا تسعيرها. ومن بين المتاجر الموجودة في المركز متجر للأثاث، ومتجر للزهور، ومتجر للحيوانات الأليفة، ومتجر للألعاب، ومتاجر ملابس، ومتاجر مستلزمات رياضية، بل ومتجر لمواد البناء. كما يوجد أيضا مطعم يقدم المأكولات العضوية. ويستقبل المركز التجاري من 700 إلى 1000 زائر يوميا.
وقد تمثل أحد الأهداف الأصيلة لهذا المركز التجاري في تثقيف الجمهور حول القضايا البيئية. ويقدم المركز دورة مدتها سنة واحدة موجهة للبالغين، يتم فيها تدريبهم على الحرف اليدوية التقليدية السويدية القديمة ولكن باستخدام المواد المعاد تدويرها مثل الورق والقماش والمنسوجات وغيرها. ويضم المركز أيضا قاعات للمؤتمرات، حيث يمكن للضيوف عقد اجتماعات في بيئة لا تضر بالمناخ مع الترحيب بأي شركة أو منظمة أو اتحاد. وغالبا ما تثير زيارة المركز أفكارا لدى رجال الأعمال لتنفيذ أعمال صديقة للبيئة كل في مجاله. ويسعى المركز إلى أن يكون مصدر إلهام للآخرين يحثهم على أن يحذوا حذوه، على الرغم من أن رسالة المركز تتسم بالمحلية.

عن الزميلة الاقتصادية

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock